Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر August 31, 2018
A A A
هاني صافي لموقع “المرده”: المسار الحكومي معقد.. وهذه ابرز العراقيل
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده

“الجبنة” واحدة والمقتسمون كُثُرٌ وكلٌ “يشدّ الحبل صوبه” واللبناني يقع ضحية الصراعات السياسية المتفاقمة ويحلم بحكومة من شأنها ان تيسّر اوضاعه وتخرجه من مستنقع المشاكل التي لا تُعدّ ولا تُحصى.
لا يبدو أن فرص تشكيل حكومة جدية، ما لم يأخذ رئيس الجمهورية ميشال عون المبادرة ويقنع «صهره»، بأن مصلحة البلد أهم من الحصول على ١١ وزيراً، وبالتالي فإن الكرة في ملعب الرئيس عون الذي يعطيه الدستور إلى جانب الرئيس المكلف، حق إصدار مراسيم الحكومة الجديدة، لأن استمرار الضغوطات على الرئيس الحريري لن تقود إلى شيء، وسيبقى الوضع في دائرة المراوحة والتعقيد، إلى أن يقتنع باسيل وغيره، بأن عنادهم لن يعود عليهم بالنفع بل بالضرر لان اصابع الاتهام ستوجه اليهم ويطلق عليهم لقب “المعرقلين” وان رفع سقف المطالب الوزارية من شأنه ان يضرّ بالمصلحة الوطنية وما يتّضح من كل ذلك ان المصالح الشخصية لدى البعض تطغى على المصلحة الوطنية.
في هذا الاطار، رأى الاستاذ الجامعي والكاتب السياسي الدكتور هاني صافي أن “البلاد تعيش على وقع المشاورات التي يجريها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للتوصل الى تركيبة حكومية تُرضي الأطراف جميعاً وليس بعيداً عن الواقع القول ان مختلف القطاعات في البلاد باتت تدفع ثمن التأخر في تشكيل الحكومة العتيدة، فليس القطاع المالي وحده الذي يئنّ تحت وطأة النزاع السياسي، فالسياحة ايضاً تسدد فاتورة تناحر أهل السياسة وقطاع البناء ينازع والتجارة في ركود والمصارف يتهدد صمودها الجمود الاقتصادي والبطالة تسجل أرقاماً قياسية، بالاضافة الى الوضع النفسي المتردّي الذي يعيشه اللبنانيون على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم، ليس لأن التشكيلة بذاتها تهمّهم او لأن اسماء الوزراء تثير حفيظتهم وتوزيع الحقائب يؤرق راحتهم وانما لأن النجاح في تأليف الحكومة يعني ان التوافق السياسي هو الذي تغلب على الفرقة ولأن الأمن المعيشي للبنانيين يمرّ بتعافي الاقتصاد الذي يمرّ حكماً بالاستقرار السياسي”.
ولفت الدكتور صافي الى أن “ما تعيشه البلاد من شرخ سياسي يُترجم تأخيراً في تشكيل الحكومة لا يتحمّل وزره رئيس الحكومة المكلف لوحده، ذلك أن جزءاً من المسؤولية تتحمّله تركيبة البلاد الطائفية والذهنيات التحاصصية لبعض أهل السلطة الذين يغلّبون مصالحهم ومصالح احزابهم وطوائفهم ومناطقهم على مصلحة الوطن والمواطن، وتقع بجزءٍ على الدستور الذي لم يحدد مهلة للتأليف ولا مرجعية صالحة لسحب التكليف، ففي الواقع التجاذبات التي تعاني منها مشاورات تأليف الحكومة ليست بين 8 و14 آذار على غرار ما كان يحصل خلال عمليات تأليف الحكومات منذ العام 2005 وانما هي بين محورين مختلفين تماماً: الاول يتمثل بفريق سياسي لا يعمل الا لمصلحته ويضع نفسه في مواجهة المحور الثاني المؤلف من باقي القوى السياسية الاساسية في البلاد”.
وزاد على ذلك: “ان الصراع القائم بين المحورين ليس على الحصص والحقائب الوزارية وحسب، وانما أيضاً على الرؤية السياسية والاقتصادية والاصلاحية للبلاد، فعلى الرغم من الاختلافات العميقة في بعض الملفات والبسيطة في أخرى بين مجموعة اساسية من الاحزاب اللبنانية اتّحدت هذه الاخيرة في المحور الثاني لمواجهة النهج الاستئثاري للمحور الاول وبذلك تكون المواجهة بين محور يمثّل التفرد ومحور يمثّل التوافق اللبناني”.
وأكد الدكتور صافي “أنه وفي غياب المهلة الدستورية الضابطة لا أمل لدينا في الخروج من دوامة التأليف الا في عودة المحور الاول عن محاولات الاستئثار باللعبة السياسية ومحاولة فرض مشيئته على التركيبة اللبنانية برمّتها ضارباً عُرض الحائط بالمسلّمات الوطنية ومصلحة اللبنانيين”.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان تشكيل الحكومة مأزقاً داخلياً أم خارجياً، قال صافي: “تشكيل الحكومة هو مأزق داخلي بشكل اساسي لأن الافرقاء الاساسيين على الساحة اللبنانية يتجاذبون بين بعضهم البعض ولا اعتقد ان هناك طرفاً خارجياً يؤثر على الافرقاء السياسيين الأساسيين ولكن قد يكون بعض الافرقاء السياسيين او بعض الاحزاب “الصغيرة” من الممكن ان يديروا “أذنهم” الى الخارج ولكنهم غير مؤثرين في عملية تشكيل الحكومة والرئيس المكلف يأخذ بعين الاعتبار كل التوازنات الداخلية ومطالب الافرقاء وكل ما يعترض مسألة تشكيل الحكومة هو مسائل لها علاقة بالداخل اللبناني “هذه المرة على الاقل” وليس بالخارج بشكل مباشر، ولكن لا شك أن شبح الأزمة الخارجية وما يدور في المنطقة يخيّم على أجواء تشكيل الحكومة وعلى المفاوضات الجارية”.
وعن العراقيل التي تعترض تشكيل الحكومة، رأى صافي أن “هذه العراقيل تتعلق بطبيعة التركيبة اللبنانية فالرئيس المكلف تعترضه المشاكل نفسها بغض النظر من يكون وعليه ان يرضي الطوائف والاحزاب والمناطق كما تواجهه مشكلة توزيع الحقائب بعد الاتفاق على الحصص ومع “بدعة الحقائب السيادية” تظهر مشكلة اضافية مع ان هناك حقائب أهمّ من الحقائب التي يتداولون بها مثلاً وزارة التربية تعتبر وزارة سيادية أكثر من كل الوزارات الاخرى.
وأسف صافي انه بعد صدور نتائج الانتخابات يتشكل نوع من التكتلات لم تُخَض الانتخابات على اساسها، فهذا “الالتقاء المصلحي” الذي يحدث بعد الانتخابات الذي يخلق أحجاماً مصطنعة يزعزع اللعبة السياسية أكثر فأكثر اذاً هناك مشكلة تزيد الامر تعقيداً هي مشكلة الاحجام السياسية التي يُفترض ان تحددها الانتخابات النيابية حصراً على أساس الترشح الذي كان قبل الانتخابات”.
واعتبر صافي ان تشكيل الحكومة هو أمرٌ غاية في التعقيد والصعوبة في لبنان.