Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر August 2, 2019
A A A
نقل المعركة مع جنبلاط إلى المحكمة العسكريّة!
الكاتب: النهار

مع طي الشهر الاول من أزمة تعليق جلسات مجلس الوزراء “قسراً” تجنباً لانقسام يتهدد الحكومة بسبب تداعيات حادث البساتين وبدء الشهر الثاني من الأزمة، بدا مثيراً للقلق الشديد امعان أفرقاء سياسيين وشركاء في الحكومة في طرح شروط تعجيزية لمعاودة الجلسات، الامر الذي بدأ يرسم خطاً بيانياً خطيراً حيال مجمل الوضع الداخلي. ذلك أن إصرار معظم أطراف تحالف ما كان يعرف بـ8 آذار باستثناء “حركة أمل” على اقحام تداعيات حادث البساتين في الواقع الحكومي من باب الاصرار على طرح إحالة هذا الحادث على المجلس العدلي على التصويت في مجلس الوزراء، اتخذ في الساعات الاخيرة دلالات تتجاوز الإطار المألوف للتعقيدات بعدما أجهضت تقريباً المساعي الحثيثة المتقدمة التي تولاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم وأوحت بإمكان حصول اختراق في جدار الأزمة، خصوصاً بعد الاجتماع الذي عقد في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفي حضور النائب طلال ارسلان والوزراء صالح الغريب والياس بو صعب وسليم جريصاتي واللواء ابرهيم، لكن هذه المساعي سرعان ما اصطدمت بالتصلب نفسه الذي برز من خلال الاصرار على طرح إحالة حادث بشامون على المجلس العدلي والتصويت عليه في مجلس الوزراء.

وأفاد بعض المصادر المعنية بالحركة السياسية الجارية أن مساعي الحل عادت الى نقطة الصفر، فيما أكد البعض الآخر إن الاتصالات مستمرة ولكن في شأن طرح جديد بعدما سقط خيار التصويت على المجلس العدلي في مجلس الوزراء. لذلك لن تعقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع. ويجري العمل على عقد جلسة الاسبوع المقبل قبل حلول عيد الأضحى، وذلك مرتبط بنجاح المخرج الجديد الذي يقوم على المصالحة.

وأكدت المصادر المواكبة لحركة الاتصالات انه ليس صحيحاً ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط هو وحده من رفض أي بحث في التصويت على المجلس العدلي في مجلس الوزراء، بل كذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نقل عنه ابلاغه اللواء عباس ابرهيم عدم حماسته لخيار يرى انه قد يؤدي الى خراب البلد، كما يرفضه أساساً رئيس الوزراء سعد الحريري المقتنع بأن التصويت سيكون طرحاً انقسامياً يقسم كل البلد وليس فقط حكومة الوفاق الوطني.

وأشارت المصادر المطلعة الى ان التفاوض توقف حول الطرح الأخير بالتصويت على المجلس العدلي، أما المسار القضائي لحادث قبرشمون فمحسوم استمراره في المحكمة العسكرية على رغم ان للحزب التقدمي الاشتراكي ملاحظات واعتراضات وتتحدث أوساطه عن تدخلات من وزراء وجهات سياسية في شؤون المحكمةً وضغط على قضاة ونقل ملف قبرشمون من قاض الى قاض آخر، فضلاً عن عدم تسليم الحزب الديموقراطي المطلوبين لديه.

وعلم ان الاتصالات مستمرة للانتقال الى المرحلة الجديدة وعنوانها تحقيق مصالحة حقيقية لنزع فتيل المشكلة تماماً، قبل دخول الجميع مجلس الوزراء، والعمل على المصالحة قد يحتاج بعض الوقت لترتيبها، مع اقتناع لدى غالبية القوى السياسية بأن المصالحة وحدها أصبحت المخرج.

الاحتدام “قضائياً”!

غير ان الخطير في التطورات التي طرأت في الساعات الاخيرة تمثل في معلومات عن تدخلات أدت الى اقحام العامل السياسي في المسار القضائي بعدما يئس الافرقاء الضاغطون لاحالة الملف على المجلس العدلي من محاولاتهم. ففي ظل رفض جنبلاط هذه الاحالة وتضامن الرئيسين بري والحريري معه، كشفت أوساط قريبة من الحزب التقدمي الاشتراكي لـ”النهار” ان الخطة البديلة برزت مع فبركة أشياء مريبة وغير قانونية ومورست ضغوط على القاضي كلود غانم لإصدار ادعاء لا علاقة له بالتحقيقات التي أجرتها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي. ومع ان القاضي طلب معلومات من الاجهزة الأخرى وأبرزها مديرية المخابرات في الجيش، فإن أي معلومات جديدة لديها لم تتوافر وما توافر كان مطابقاً لتحقيقات شعبة المعلومات. وقالت هذه الأوساط إن الادعاء الذي صدر يعتبر ادعاء سياسياً تحت ضغط فريق وزاري للعهد. وتحدثت عن شمول الضغوط نفسها قاضي التحقيق الاول فادي صوان “واجباره على التنحي عن الملف ونقله الى القاضي مارسيل باسيل”، ونسبت الى أحد الوزراء المعنيين مباشرة بهذه الاتهامات قوله “نريد قاضياً مطيعاً”، كما تحدثت عن فضيحة في نقل الملف أيضاً لان القاضي باسيل هو غير مناوب في العطلة القضائية وخلصت إلى “ان المعركة انتقلت بكل تدخلاتها السافرة الى المحكمة العسكرية”.

موقف عون

في غضون ذلك، ترك الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية في احتفال تقليد 269 ضابطاً متخرجاً في المدرسة الحربية لمناسبة عيد الجيش سيوفهم ارتياحاً سياسياً، خصوصاً لجهة تركيزه اللافت على التزام اتفاق الطائف ودعوته الى الاقلاع عن لغة الماضي. وقال الرئيس عون في هذا الصدد: “لا ينفع لبنان في هذه المرحلة أن يستحضر البعض لغة الماضي وممارساته، عازفاً على وتر الحساسيات، وطاعناً في صميم إرادة العيش المشترك ومتطلباته، التي ثبتها اتفاق الطائف. إن كل ممارسة من هذا النوع، إن كان في السياسة أو في الادارة، تؤذي الحياة الوطنية، وتهدد بإبطاء مسيرة النمو والخروج من دوامة الأزمة الحالية، ويجب أن تتوقف في الحال. فاتفاق الطائف الذي التزمتُ تطبيقه في خطاب القسم، والتزمته الحكومة كذلك في بيانها الوزاري، يشكل مظلة لنا لحماية الميثاق الوطني، عبر صون حقوق الجميع، وإحقاق التوازن بين مختلف شرائح المجتمع ومكوناته. ولا يمكن بالتالي أي ممارسة أو موقف، أن يناقضا روحيته”.