Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر August 7, 2019
A A A
نقاش في تفسير المادة 95 والمرحلة الإنتقالية في الدستور
الكاتب: اللواء
اثار وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في الاونة الاخيرة مشكلة جديدة الى مشاكله القديمة والتي لم تنته ذيولها بعد ومنها احداث الجبل، فقد اعترض على المادة 80 الواردة  في قانون موازنة 2019، وهي تتعلق بحفظ حق الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية الذين لم يوافق  الوزير باسيل على  تعيينهم في الادارات العامة لعدم توفر المناصفة بين المسلمين والمسيحيين اذ ان اكثرهم من المسلمين.
وقد علل الوزير باسيل اسباب تمسكه بالمناصفة بالميثاقية الواردة في الدستور، اضافة الى ان المادة 95 من دستور الطائف التي نصت على المناصفة تطبق فقط بعد الغاء الطائفية السياسية، وقد اوردت كل ذلك  صحيفة «اللـواء» التى صدرت يوم السبت الماضي في 27 تموز.
وردا على كل ذلك نورد أولاً نص المادة 95الواردة في الدستور الصادر  بتاريخ 23 ايار سنة 1926 المعدل، ومن ثم المادة 95 من دستور الطائف.
فقد نصت المادة 95 من دستور 1926 المعدل عام 1943 على ما يلي:
بصورة مؤقتة والتماساً للعدل والوفاق تمثل الطوائف بصورة عادلة في الوظائف العامة وبتشكيل الوزارة
من دون ان يؤول ذلك الى الإضرار بمصلحة الدولة.
اما المادة 95 من دستور الطائف فقد نصت على ما يلي:
على مجلس النواب المنتخب على اساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين اتخاذ الاجراءات الملائمة لتحقيق الغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية….
مهمة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بالغاء الطائفية وتقديمها الى مجلس النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية.
وفي المرحلة الانتقالية
– أ- تمثيل  الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة.
– ب- تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والامنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقا لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الاولى فيها وفي ما يعادل الفئة الاولى فيها وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون  تخصيص اية وظيفة لأية طائفة مع التقيد بمبدأ الاختصاص والكفاءة.
اول ما يلفت النظر بما ورد اعلاه ان دستور1926 نص على التمثيل العادل للطوائف في الوظائف العامة  وبتشكيل الوزارة « والتمثيل العادل يعني المناصفة «، في حين ان دستور الطائف نص  في الفقرة -أ- الواردة ضمن عنوان المرحلة الانتقالية على تمثيل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة فقط .
ماذا يعني  ذالك؟
يعني ان دستور الطائف اراد وضع خطة لالغاء الطائفية السياسية ونص على آلية معينة لتحقيق هذا الهدف، ولكن، إلى حين الغاء الطائفية السياسية وضع دستور الطائف مرحلة انتقالية،والمرحلة الانتقالية تعني انه توجد بعدها مرحلة نهائية وبالتالي فإن المرحلة الانتقالية تطبق قبل الغاء الطائفية السياسية .
أما مضمون المرحلة الانتقالية فقد نصت عليه المادة 95 من دستور الطائف في الفقرة -أ- إذ ورد فيها بأن تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة ، أما الفقرة -ب- من المادة 95، والواردة ايضا ضمن عنوان المرحلة الانتقالية، نصت على الغاء قاعدة التمثيل الطائفي في الوظائف العامة والقضاء …  وفقا لمقتضيات الوفاق الوطني بإستثناء وظائف الفئة الاولى وفي ما يعادلها …  وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص اية وظيفة لأي طائفة مع التقيد بمبدأ الاختصاص والكفاءة .
هذا النص ورد ضمن عنوان المرحلة الانتقالية وهذا يعني أنه يطبق لحين الغاء الطائفية السياسية بصورة نهائية أما ما قاله الوزير باسيل من أن إلغاء المناصفة يطبق بعد إلغاء الطائفية السياسية فإنه غير قانوني ويتعارض مع النص الواضح والصريح لدستور الطائف ولو كان الرأي كما أدلى به الوزير باسيل لما كان ثمة حاجة للنص على مرحلة إنتقالية، ولكن ما دام الدستور قد نص على مرحلة انتقالية فإنه يقتضي التقيد بما ورد في هذه المرحلة وفقا لما تم بيانه أعلاه .
وما يؤيد هذه الوجهة ما ورد في الففرة (ح) من مقدمة دستور الطائف التي نصت على ان الغاء الطائفية السياسية هدف وطني اساسي يقتضي العمل لتحقيقه وفق خطة مرحلية .
وجاء تفصيل الخطة في المادة 95 من دستور الطائف.
اما بالنسبة  لما ادلى به الوزير باسيل لجهة وجوب التقيد بالمناصفة تفعيلا للميثاقية التي وردت في دستور الطائف، فإن هذا الدستور يدحض اقوال الوزير باسيل، اذ يتبين من مقدمة دستور الطائف انه نص في الفقرة (ي) على انه لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، ولكن على الرغم من هذا النص فان دستور الطائف نص في المادة 95 على الغاء المناصفة في الوظائف العامة باستثناء الفئة الاولى، وهذا يعني ان دستور الطائف اما اعتبر ان ما ورد في المادة 95 هو استثناء للمبدأ الوارد في الفقرة (ي) من مقدمة الدستور، واما اعتبر ان الغاء المناصفة لا يشكل خرقاً للميثاقية، والنتيجة واحدة.