Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر April 21, 2017
A A A
نظرية بوستول تتحدث عن “فبركة”.. ما صحّتها؟
الكاتب: عبد الباري عطوان - رأي اليوم

نظرية البروفيسور الأميركي بوستول التي اكدت ان قنبلة خان شيخون الكيميائية لم تُطلق من الجو تربك المشهد السوري وتتحدث عن “فبركة”.. ما صحة هذه النظرية؟ ولماذا لم تتحقق مطالب صاحبها بتحقيق دولي نزيه ومحايد حتى الآن؟
*

حتى كتابة هذه السطور لم تصل أي لجنة دولية الى بلدة خان شيخون التي شهدت غارة جوية نفذها الطيران السوري ربما ضربت مخزن أسلحة، تبين انه يحتوي على غاز الخردل الكيميائي المدمر للأعصاب، حسب الرواية الرسمية السورية، او جاءت هذه الضربة بصاروخ اطلقته احدى الطائرات السورية محمل برأس كيميائي، حسب رواية الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والسوريين.
منظمة حظر الأسلحة الكيميائية رفضت اليوم مشروع قرار روسي إيراني لتشكيل فريق جديد للتحقيق في الهجوم الكيميائي المفترض بضغط بريطاني امريكي مشترك، بينما اعلن الرئيس السوري بشار الأسد اليوم ان حكومته بعثت برسالة الى الأمم المتحدة تطالب بإرسال لجنة تحقيق مستقلة ولم تتلق الرد، ولا نعتقد انها ستتلقاه قريبا.
مشروع القرار الروسي يريد ان تتأكد لجنة التحقيق من ان غاز الخردل الكيميائي جرى استخدامه فعلا، وبعد ذلك كيفية وصوله الى خان شيخون، وكذلك دعا المحققين الى زيارة مطار الشعيرات الذي قصفته صواريخ “توماهوك” الاميركية يوم السادس من نيسان الحالي للتأكد من وجود أسلحة كيميائية في مخازنه من عدمه.
***

البروفيسور ثيودور بوستل الخبير الأميركي العالمي في الأسلحة الكيميائية، شكك كليا في صحة تقرير المخابرات الاميركية الذي قدمته الى الرئيس دونالد ترامب، وأكدت فيه استخدام الطائرات السورية أسلحة كيميائية لضرب خان شيخون، واكد في مقال مدعم بالوثائق والتحليل العلمي نشره في صحيفة “كونتر بنش” الاميركية الالكترونية، ان القنبلة الكيميائية المزعومة التي القيت على خان شيخون لا يمكن ان تكون اطلقت من الجو، وانما كانت موجودة على الأرض، وان الروس ابلغوا الاميركيين رسميا بأن الطائرات الحربية السورية ستقصف البلدة قبل 24 ساعة، واعرب البروفيسور بوستل عن استعداده للذهاب الى البلدة المنكوبة والادلاء بشهادته، موحيا بأن هناك منّ فجرها على الأرض.
الحقيقية الوحيدة الثابتة حتى الآن ان 86 شخصا قتلوا في هذه البلدة المنكوبة بينهم عشرات الأطفال، ولكن لا يمكن معرفة الحقائق كاملة الا بعد وصول لجنة تحقيق مستقلة، وتضم خبراء دوليين محايدين، وتقدم نتائج ابحاثها الى مجلس الامن الدولي، او المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، او الاثنين معا.
احتمالات “الفبركة” التي تحدث عنها الرئيس الأسد، ومستشارته السياسية والإعلامية الدكتورة بثينة شعبان غير مستبعدة، وهناك سوابق أميركية وبريطانية عديدة في هذا المضمار، فكولن بأول، وزير الخارجية الأميركي اعترف على الهواء مباشرة قبيل العدوان على العراق عام 2003 ان المخابرات الاميركية ضللته وقدمت له صورا ومعلومات مزورة حول معامل عراقية متنقلة للأسلحة الكيميائية قدمها ضابط عراقي للدكتور احمد الحلبي يدعى رافد الجنابي، تبين انه عميل مجند من قبلها، وتوني بلير، رئيس وزراء بريطانيا، وشريك الرئيس بوش الابن في العدوان، لوح بملف الأسلحة الكيميائية العراقية امام البرلمان البريطاني، وقال ان الرئيس العراقي صدام حسين يستطيع تجهيز أسلحته الكيميائية في غضون 45 دقيقة، ليتبين بعد ذلك ان الملف او “الدوسية” كان فارغا، وان توني بلير خدع البرلمان.
الدكتورة شعبان اكدت في مقابلة مع قناة “الميادين” ان الروس ابلغوا الوفد السوري الزائر لموسكو قبل أيام ان الرئيس ترامب لن يكرر الضربة الصاروخية على قاعدة الشعيرات او غيرها، مما يعني ان المخابرات الاميركية هيأت وفبركت الأسباب لتبرير هذه الضربة بهدف إظهار الرئيس الأميركي بمظهر الرجل القوي.
***

هناك مثل يقول “الميّة تكذّب الغطاس″، مما يعني ان التحقيق الدولي المستقل والمحايد هو الذي يمكن ان يقدم لنا الحقيقة كاملة، وتعطيل أميركا وبريطانيا لتشكيل لجنة محايدة لاجرائه يلقي بظلال الشك على كل الروايات المطروحة من الجانبين.
نحن، والكثيرون غيرنا، في انتظار تشكيل هذه اللجنة، وتوفير الحماية لها، للقيام بتحقيقاتها كاملة، ووضع تقريرها النهائي المدعم بالوثائق والأدلة الدامغة، وان كنا نعتقد ان هذا الطلب شبه مستحيل، ولذلك نكتفي بالترحم على أرواح كل الضحايا من الاشقاء السوريين الأبرياء أيا كان الخندق الذي يقفون فيه، وايا كان السلاح الذي أدى الى استشهادهم.