Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر August 11, 2016
A A A
نشر دليل حول الطائرات الأميركية بدون طيار لا يوقف الانتقادات
الكاتب: جانينا سيمونيفا - موقع D W

امتثالا لأمر قضائي نشرت واشنطن مؤخراً دليلا وثائقيا بعنوان “تعليمات بشأن السياسة الرئاسية” لشرح الاهداف من الهجمات بطائرات بدون طيار. ورغم القيام بنشر الدليل يوجه نشطاء حقوقيون انتقادات لواشنطن.

وأخيرا وبعد ثلاث سنوات، قامت الولايات المتحدة الأميركية بنشر المبادئ التوجيهية للهجمات المثيرة للجدل بطائرات بدون طيار في عدد من مناطق العالم. وكان منتقدو السياسة الأميركية قد طالبوا مرارا وتكرارا في السنوات الماضية بضرورة نشر تلك المبادئ التوجيهية. والآن استجابت الحكومة في واشنطن لتلك المطالب ونشرت دليلاً حول الأهداف من هجماتها بالطائرات بدون طيار في دليل تحت عنوان: “تعليمات بشأن السياسة الرئاسية”. لكن هذه الخطوة جاءت فقط بعد قيام المنظمة الحقوقية الأميركية “الاتحاد الأميركي للحريات المدنية” (ACLU) بمقاضاة حكومة واشنطن.

ويوضح المسؤولون الأميركيون في الدليل المبادئ التوجيهية المعمول بها منذ عام 2013 والشروط المتبعة في مجال استخدام طائرات بدون طيار. وحسب تلك التوجيهات يقتضي قبل القيام بأي عملية استخدام للطائرات بدون طيار وجود موافقة شخصية من الرئيس الأميركي باراك أوباما، مثلاً في حال وجود مواقف متباينة في صفوف الجيش. ومن بين الأمور الأخرى التي توضحها المبادئ التوجيهية العامة ضرورة التأكد من الوجود الفعلي لإرهابيين في عين المكان المستهدف بالهجوم. كما يجب التأكد من عدم تعريض حياة مدنيين للخطر بسبب تلك الهجمات.

“عدد القتلى المعلن أقل بكثير”
ولكن هل يتم حقا احترام تلك التوجيهات؟. فالولايات المتحدة لم تنشر منذ مدة أية بيانات حول عدد المدنيين الذين قتلوا خلال الهجمات التي تم تنفيذها بطائرات بدون طيار. وفي شهر تموز من عام 2016، نشرت الحكومة الأمريكية لأول مرة أرقاما تقديرية عن عدد القلتى في صفوف المدنيين بين عامي 2009 و2011 نتيجة عمليات عسكرية بطائرات بدون طيار. وقد حددت عدد القتلى خارج مناطق الحرب ب 116 مدنيا. غير أن النشطاء في مجال حقوق الإنسان عبروا عن اعتقادهم أن عدد هؤلاء أكبر بكثير.

تعمل جنيفر جيبسون كمنسقة لدى المنظمة البريطانية غير الحكومية “ريبريف” حول موضوع الهجمات بطائرات بدون طيار. وتنتقد جيبسون عدم نشر أعداد الضحايا خلال سنة ما، أو البلد، أو نوعية الهجوم. وتضيف الناشطة الأميركية أنه ليس للمنظمات المستقلة امكانيات فهم نوعية الأهداف وراء تلك الهجمات.

0,,19453856_403,00

سابقا لم يتم نشر بيانات حول عدد المدنيين الذين قتلوا خلال الهجمات التي نفذت بطائرات بدون طيار.

“الحق في الدفاع عن النفس”
يتم تبرير استخدام الولايات المتحدة الأميركية لطائرات بدون طيار في إطار مكافحة الإرهاب ومن منطلق “الحق في الدفاع عن النفس” كما ينص عليه القانون الدولي. كما يتم استخدام الطائرات الأميركية بدون طيار في مناطق لا تشارك فيها الولايات المتحدة في الحرب بشكل رسمي، مثلا في باكستان، وليبيا، والصومال، واليمن.

وترى جنيفر جيبسون أن عدم نشر أية معلومات على مدى ثلاث سنوات أمر مثير للقلق بشكل كبير. فمن جهة تعتبر المحامية جيبسون المبادرة الأميركية بأنها خطوة نحو المزيد من الشفافية، لكنها “لا تكفي”، كما تقول وتضيف: “ليس لدينا معلومات حول ما إذا كانت واشنطن تقوم باتباع هذه المبادئ التوجيهية على الإطلاق”. ولا تخفي جيبسون شكوكها حول هذا النوع من الحملات العسكرية التي تدخل في إطار مكافحة الإرهاب. “إذا كان هذا البرنامج غير قانوني بشكل عام ، فإن القواعد التي تنظمه غير مهمة”.

نشر دليل حول الطائرات الأميركية بدون طيار لا يوقف الانتقادات

خطوة للتهرب من الأسئلة الحقيقية؟
من جانبه يعتبر مارسيل ديكو، رئيس قسم أبحاث الأمن الدولي في معهد الأبحاث الدولية والأمنية في برلين، أن الدليل الوثائقي المنشور يشكل مجرد “تدبير بيروقراطيي بديل”، كما جاء كخطوة بديلة بهدف “التعامل الإنتقادي” مع هذا الموضوع. فالخطوة الوثائقية هي عبارة عن “محاولة لإيجاد حل بيروقراطي لمشكلة أخلاقية وقانونية”. لأن الدليل الوثاقي المنشور، كما يضيف “لا يوضح ما إذا كانت الطائرات الأمريكية بدون طيار تشكل حقا أمرا مشروعا وقانونيا أم لا”، كما يلاحظ الباحث الألماني في حوار مع DW.

عام 2014 نشرت المنظمة غير الحكومية “ريبريف” تقريراً حول أنشطة الحرب بطائرات بدون طيار. وحسب التقرير فإنه من أجل استهداف واحد وأربعين شخصا كانوا على قائمة المطلوب تصفيتهم لدى رئيس الولايات المتحدة الأميركية، فقد تم قُتل ما مجموعه 1147 شخصاً.

وتتساءل جنيفر جيبسون “هل يحق لدولة ديمقراطية أن تكون لديها قائمة للأشخاص الذين يجب قتلهم؟”. إن هذا السؤال ينبغي طرحه على أوروبا أيضا وليس على الولايات المتحدة الأميركية وحدها. وتضيف الناشطة الأميركية أنه يجب أيضا التساؤل عما إذا كانت العمليات العسكرية بالطائرات بدون طيار تشكل اختياراً ذكياً على المستوى الاستراتيجي، وهل ستصبح الولايات الولايات المتحدة الأميركية بفضلها أكثر أمانا من أي وقت مضى”.