Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر February 29, 2020
A A A
نساء السينما العربية: نضال بلا ضفاف
الكاتب: نادين كنعان - الأخبار

تستمرّ فعاليات «المهرجان العالمي للنسويات» لغاية يوم غدٍ الأحد، إلا أن الحدث الذي يعدّ محطة متفرّدة في إطار تفعيل النقاش النسوي، محلياً وعربياً وعالمياً، يطلق ابتداءً من اليوم برنامجاً خاصاً للأفلام بعنوان «مناضلات في السينما». إذاً، تحت مظلّة المهرجان الذي شاركت في تنظيمه جهات عدّة من بينها «المعهد الفرنسي» في لبنان، تحتضن «سينما مونتان» في «المعهد الفرنسي» في بيروت (طريق الشام) حتى الرابع من آذار المقبل سلسلة من الأفلام من اختيار «نادي لكلّ الناس».

 

اوأكّد مدير النادي نجا الأشقر أنّ الأفلام المختارة تتواءم مع «توجّهنا العام الرامي إلى التركيز على الأفلام الجريئة والمستقلة وسينما المؤلّف»، مشدداً في الوقت نفسه على أنّ التنوّع هو السمة الأساسية للعناوين المختارة التي تسلّط الضوء على «دور المرأة اللبنانية والعربية في الحياة العامة، ومشاركة الرجل، وهمومها الشخصية، ونضالها ضد الاحتلال…».

 

على الرغم من صعوبة الظروف في لبنان اليوم، وبمعزل عن أنّ «نادي لكل الناس» اضطر إلى تأجيل عدد من أنشطته المهمّة في البلاد، غير أنّه يواظب في الفترة الأخيرة على إقامة مواعيد ثقافية ــ سينمائية في فضاءات بيروتية عدّة. وما «مناضلات في السينما‎» إلّا ترجمة لهذا المسعى، لا سيّما أن «الاستمرارية ضرورية مهما حصل».

 

عند الساعة التاسعة إلا ربعاً من مساء اليوم، سيكون الجمهور على موعد مع عرض أوّل وخاص للنسخة المجدّدة من شريط «حنين إلى أرض الوطن ـــــ ناديا تويني» (25 د ــ 1980) للراحل مارون بغدادي، والذي يشكّل جزءاً من شريطه الوثائقي الممنوع من العرض «همسات» (1980 ـــــ 90 د.). الفيلم هو أشبه بوثيقة مصوّرة، سجّلها بغدادي عن مدينة لم تعد موجودة اليوم. قبل ثلاث سنوات على وفاتها، وقفت الشاعرة اللبنانية ناديا تويني أمام عدسة مارون باحثة عن صورة وطن لا تريد أن تضيعه. فراحت تزور شتورة وصور وبعلبك، حيث التقت الفلاحين، قبل أن تعود إلى العاصمة للقاء صناعيين، محامين، بائعي صحف، عبد الحليم، زياد الرحباني وغيرهم. وعند التاسعة والربع من الليلة نفسها، يُعرض «سهى، إرادة حياة» (57 د ــ 2000) بحضور الصحافية والباحثة نهلة الشهال.

 

في الثاني من آذار، يحين موعد «مملكة النساء» (54 د ــ 2010) لدانة أبو رحمة (س: 20:00). مع روايات النساء الشفاهية، يستعيد العمل تلك الحقبة الدراماتيكية التي عاشها فلسطينيو مخيّم عين الحلوة بين عامَي 1982 و1984، وهي إحدى أصعب فترات الاجتياح الإسرئيلي وأقساها. كما أنّه يتقصّى يوميات النساء وتفاصيلهن الصغيرة اللواتي استعنّ بها لكي لا يقعن فريسة الإحباط والخوف بسبب الموت الذي يحيط بهن. حصّة الراحل جان شمعون (1944 ــــ 2017) محفوظة مع «أرض النساء» (60 د ــ 2004/ س: 21:00). يتناول الفيلم تجربة نضال ثلاث نساء قاومن الاحتلال الإسرائيلي لخدمة الوطن وتحقيق ذواتهن، على أن تسجّل الأسيرة المحرّرة كفاح عفيفي، إحدى بطلات العمل، وأرملة شمعون المخرجة مي المصري حضورهما في هذا الموعد.

 

الليلة ما قبل الأخيرة (3/3)، ستخصّص لـ«لحظة أيّها المجد» (34 د ــ 2009/ س: 20:00) لشيرين أبو شقرا التي ستكون موجودة. بمشاركة مجموعة من الممثلين من بينهم الفلسطينية منال خضر وكارولين حاتم وحسان شوباصي وأبو شقرا وصوفيا معماري، يستعيد الشريط التجريبي سيرة الفنانة وداد التي كانت لا تزال في التاسعة عندما بدأ صوتها يُذاع على الراديو بشكل حيّ، قبل أن يعلو هذا الصوت على الإذاعات العربية لفترة طويلة من الزمن. انتظرت وداد المجد طويلاً من دون أن تناله، لأسباب شخصيّة وعامّة يتوقّف عندها العمل. إلى جانب المشاهد الممسرحة، تستعين أبو شقرا بالرسم والتحريك، كما ترافقنا أغنيات طربيّة صارت منسيّة لوداد بصوتها وبصوت ابنتها، بعضها مما لحّنه زكي ناصيف وآخرون. يقدّم الشريط نبذة شعرية وموسيقية عن حياة الفنانة الراحلة التي لم تحقّق الشهرة كمجايليها. وفي حين تحكي أبو شقرا قصّة صعود شهرة وداد وانقضائها، إلا أنّها تترك في النهاية حكاية تصلح لتكون سيرة لنساء كثيرات في هذه البقعة من العالم.

 

ومن أبرز المحطّات ضمن البرنامج، عرض النسخة المرقمنة الجديدة من «ساعة التحرير دقّت» لهيني سرور (65 د ــ 1974/ س: 21:00).
يكاد الفيلم الوثائقي أن يكون المادة الوحيدة التي توثّق يوميات وتفاصيل ظفار الثائرة في وجه السلطان قابوس بين عامي 1965 و1975. بدأ تصوير العمل عام 1971 وعُرض للمرّة الأولى عام 1974. شرحت فيه سرور خلفية وبدايات الانتفاضة التي انتشرت في المناطق كافة التي كانت مدعومة من الجمهورية اليمنية الاشتراكية الجنوبية ومن الاتحاد السوفياتي في وجه دعم شاه إيران وبريطانيا والأردن بالسلاح والمال للسلطان قابوس ضد الثوار بعد تنحية سعيد بن تيمور عن الحكم لفشله في إخماد الثورة. وبالطبع، مع دعم أمراء وملوك الخليج لقابوس، الذين شرّعوا سماءهم وأراضيهم للقوات البريطانية لكي تضرب الثوّار.

 

أما الختام (4/3 ــ س: 20:00)، فمع «3000 ليلة» (100 د ــ 2015) لمي المصري. الفيلم التسجيلي (103 د) الذي جال بقاع العالم وحصد جوائز عدّة، يصوّر واقع السجون الصهيونية وأوضاع السجناء والسجينات فيها، ويستقي أحداثه من قصة واقعية واجهت المصري في بداية الثمانينيات، بعيد حدوث مجزرتَيّْ صبرا وشاتيلا. يضيء العمل على البطلة «ليال» (ميساء عبد الهادي) التي تُعتقل في سجن نابلس بتهمة مساعدة شاب فلسطيني جريح على الهرب بسيارتها، وعلى رضيعها الذي تنجبه خلف القضبان. تولي صاحبة «زهرة القندول» شأناً للجانب الإنساني في هذا الفيلم، لتخرج عدداً من الصراعات الإنسانية تحت رحمة خيارات عدّة منها الاستسلام للضعف، أو تقرير المواجهة في ظل ظروف صعبة تتحكم بمصير هؤلاء السجينات من قبل الاحتلال الإسرائيلي.