Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر May 3, 2018
A A A
نداءان
الكاتب: الياس الديري - النهار

أيُّ لبنان بعد الانتخابات النيابيَّة الأولى في عهد الرئيس ميشال عون، والأولى بموجب قانون الحزازير الذي يؤرجح الناس بين الحاصل والفاصل والتفضيلي أو الطالع والنازل، وما يجوز وما لا يجوز؟

هذا هو السؤال الذي يُفرض على جميع الناخبين أن يضعوه نصب أعينهم وهم خلف الستارة، حيث يفكِّرون في أي اسم يختارون: التفضيلي وما يجعل كل النتائج مفضّلة، أو التحصيلي، أو لا هذا ولا ذاك.

طبيعي ألّا تكون كل النتائج مفضَّلة، وتحمل في طيّاتها إلى لبنان البائس عناصر مجلس نيابي جديد، صالح لتولّي مهمّات في مستوى إعادة بناء لبنان الدولة والمؤسّسات بموجب الدستور والتقاليد العريقة، وانسجاماً مع خطوة التجديد الشامل التي حقّقها عهد الرئيس فؤاد شهاب.

في مثل هذا التجدُّد يستطيع لبنان أن يستعيد ما كانه، ومن كان يؤمّه من المعجبين أو المُندهشين، أو أمثالهم، أو أولئك الذين منحوا لبنان “صفة الزمن الجميل” المشتقَّة مباشرة من “الحالة المستحيلة” التي عرفها ذلك اللبنان، ثمّ راحت مع كل ما كان.

لا نبحث هنا عن رابع المستحيلات. ولا عن ثالثها. ولا عن أوّلها. إنّما نتمنّى على الجميع في لحظة صفاء أن يتفكَّروا على الأقل كيف كُنّا وأين أصبحنا، وهل في الإمكان بلوغ أدنى درجات التغيير؟

هكذا نجعل من الانتخابات النيابيّة مشروعاً وطنيّاً واسع النطاق لتحقيق ما يُقارب المعجزات، كما يُساعد على الدخول في ملكوت الأمل والتفاؤل.

لنضع أنفسنا في مناخ الواقع بكل تعقيداته. الإقبال الشديد على الترشيح في كل المناطق، رجالاً ونساءً مسنّين وشبّاناً، نأمل أن يكون دليلاً حقيقيّاً واقعيّاً على توق اللبنانيّين إلى الخروج من عنق الزجاجة، وانطلاق لبنان الجديد.

لا بأس، فلنكن بلغنا بداية الطريق لا أكثر، فتكون الانطلاقة قد تأكَّدت. وهذا أقل ما يمكن توقّعه. وربّما هو الأكثر. فمعظم الترشيحات يرتدي ثياب “الظهور” أو البحث عن “الواجهة”. وهذا أمر من أبواب شوفة الحال عندما يكثر المال بين الأيدي…

السادة المرشَّحين، السادة الناخبين، السادسة المراقبين، (عفواً، السيّدات والسادة) عندما ينظر إليكم لبنان المقيم أو ما تبقّى منه، ولبنان المُهاجر حيث الكثافة الهائلة من اللبنانيّين الهاشلين، هذه الانتخابات هي مادّة امتحان أخير. بل فرصة أخيرة لكل من يريد عودة شيء من ملامح ذلك اللبنان.

للمرّة الأولى أجدني أُخاطب الأجيال الجديدة بالدعوة المباشرة للانخراط في ورشة الانتخابات، وفقاً لرغبات الشبّان والشابات في تغيير الوضع الراهن بالطرق الديموقراطيّة. والانتخابات أهمّها. فاشتراكهم الفعلي قد يحتّم على الجميع السير في ركاب التغيير الذي لا بدّ منه. والفرصة مُتاحة.

أمّا أولئك الذين يجلسون خلف شاشات التلفزة يوم الاقتراع، فأدعوهم إلى إقفال التلفزيونات والأبواب معها، ومُغادرة المنازل إلى ممارسة الواجب الوطني، ولو لمرَّة أولى. الاشتراك واجب وطني ولو كانوا غير مُبالين.