Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر April 26, 2016
A A A
نادي السياسيين في لبنان بين تكرار الأخطاء والشتائم
الكاتب: د.ناصر زيدان - الأنباء

الفوضى السياسية التي يعيشها لبنان تعتمد في جزء منها على نظرية «غوبلز» في تناول الأشياء، وما زالت تتأثر الى حد بعيد بالأسلوب التخويني التهكمي الذي كان يعتمد عليه رموز عهد الوصاية السورية، قبل انسحاب قواتهم من لبنان في نيسان 2005.
جوزيف غوبلز كان وزير الدعاية الالماني أيام حكم الزعيم النازي اودلف هتلر.
وسمي وزير الداعية – وليس وزير الاعلام – لأنه كان يعتمد على نظرية هتلر في تكرار ما هو خطأ فيصبح هو الحقيقة.
وكان شعار غوبلز «اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس».
أما رموز مرحلة الوصاية فكان شعارهم: ان من ليس معنا، فهو «متعامل مع العدو ويخدم أهدافه».
نادي السياسيين في لبنان، مفتوح، وأبوابه مشرعة أمام الجميع، على عكس ما يظن البعض انه مقفل، ويحاول دخوله كل من يشاء من اللبنانيين، والاكثر رغبة في الانضمام اليه هم: الاشخاص الذين جمعوا بعض الثروة حديثا أو الذين تمرسوا في التواصل مع أجهزة الأمن في الداخل أو الخارج، أو قلة من الذين اشتغلوا في الاعلام وحفظوا العبارات التي يستخدمها اهل السياسية، وبمناسبة ممارسة المهنة تعرفوا على المراجع والقادة.
لكن سهولة دخول نادي السياسيين اللبنانيين، توازيها صعوبة الصمود في البقاء داخل هذا النادي، أو لنقل سهولة إعادة الخروج منه.
فلا الرعاية الامنية تدوم، ولا الإمداد المالي الخارجي يدوم، ولا النجومية الاعلامية المؤقتة تدوم، ولا يكفي بأي حال من الاحوال ترديد الشتائم الكبيرة بحق الخصم السياسي للولوج الى مرتبة الخصوم، ولا أسلوب التخوين والاتهام يكفلان الاستمرارية، فمعظم هذه الطرق والأساليب ثم استهلاكها، وبدت طريقة صناعة رجال يعملون في تقديم الخدمات السياسية، ممجوجة، وصلاحية عمل هؤلاء مؤقتة، فتنصرف عنهم وسائل الاعلام عندما لم تعد تحتاجهم لترويج مصالحها، وينساهم الممولون عندما تبهت صورتهم أو تشيخ.
ويتبصر اللبنانيون في سهراتهم ويتساءلون عن المكان الذي يتواجد فيه اليوم النائب السابق، بعد ان كان يصول ويجول في الحقبة الماضية، وكانت تتداول وسائل الاعلام اسمه صبحا ومساء.
كما يشتاق النادي السياسي اليوم إلى طلات نائب حالي، ويبحثون عنه في القنوات العاملة، بينما هو منكفئ.
وبقدر الهشاشة التي تنتشر في المساحة السياسية اللبنانية، فإن شيء من المناعة اكتسبها نادي السياسيين في لبنان، ونظرية غوبلز في تكرار الأخطاء، لم تعد تنطلي على معظم المواطنين، وتكرار «الكذب» فاقم النقمة، ولم يعلق شيء منه في أذهان اللبنانيين.
ولو علق شيء من تكرار الاخطاء، لكانت ثقافة الوصاية ما زالت متجذرة، بينما هي بالواقع لم يعد لها مكان إلا في مخيلة البعض.
فعلى العكس من ذلك، تحولت تلك المقاربة إلى وسيلة تهكم على ممارسات الحقبة الماضية، وزرعت شيء من الحقد على رموزها.
أما أسلوب المكابرة وكيل الشتائم والاتهامات، فلا يمكن اعتباره طريقا صالحا للدخول الى نادي السياسيين، أو لإطالة أمد البقاء في هذا النادي. فالناس تحاسب عاجلا أم آجلا.
فالكلمات التي رددها بعضهم بحق الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل استشهاده، ما زالت ماثلة بالأذهان.
ولن يسامح اللبنانيون مطلقيها مهما طال الزمن.
ان العبارات التي يطلقها اليوم بعض الهواة في السياسة، لا تخدم إطلاقا الأهداف التي يسعون لتحقيقها، واذا قبل بها المعنيون من السياسيين أو القادة، فلن يسامح عليها المواطنون.
ان عبارات مثل «فليسكت وإلا» أو «طويلة على رقبتو» أو مخاطبة كبار المسؤولين بطريقة استخفافية مقززة من قبل الذين امتهنوا العمل لحساب الغير، ليس فيها الحد الأدنى من أدب المخاطبة، وخصوصا ان معظم هؤلاء يستقوون بحمايات متفلتة من الشرعية والقانون، وهذه الحماية لن تدوم، وهذا الاسلوب من التهكم، أو التهجم، لا يعبر عن رجولة عند مستخدمه.