Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر April 26, 2020
A A A
ميرنا زخريّا: على الصين تغيير أنماطها الغذائية التقليدية وتحمّل نتائج وارداتها الوبائية
الكاتب: جريدة النهار

كتبت عضو لجنة الشؤون السياسية في “المرده” منسقة لجنة شؤون المرأة، الدكتورة ميرنا زخريّا، في جريدة النهار: “قد يبدو الموضوع صادماً أن تكون جمهورية الصين الشعبية التي شهدت نمواً سريعاً ومستقراً خوّلها أن تحصد لقب “ثاني” أكبر إقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة الأميركية، سيّما بعدما بلغ حجم تجارتها الخارجية العام الماضي 4.5 تريليون دولار، هي نفسها الصين التي تُصدّر أكبر تشكيلة من الفيروسات التي خوّلتها ان تحصد لقب “أول” دولة في نشر الأوبئة.
وعليه، وكخطوةٍ استباقيةٍ قبل تصدير وباءٍ جديدٍ، يجدر الإدعاء على الصين عبر قنواتٍ دوليةٍ صحية وقانونية، بُغية حثّها: على تغيير أنماطها الغذائية التقليدية، وعلى تحمّل نتائج وارداتها الوبائية؛ ذلك أنه:
عام 2020 – فيروس “هانتا” مِن الصين.
هانتا هو الحلقة الأجدد من سلسلة الأوبئة التي يمكن للصين أن تفاجأنا به وتصدّره إلينا دون سابق إنذار، وهو فيروس مرتبط ببعض أنواع القوارِض مثل “الفئران” التي تتكاثر في مستودعات الحبوب، وأيضاً هو أخطر من كورونا لأنه ينتقل بواسطة الهواء المحيط ويتسبّب عند المصاب به بفشلٍ كلويٍ حاد.
عام 2019 – وباء “كورونا” مِن الصين.
الجدير بالذكر أن فيروس كورونا ظهر منذ عدة أعوام لكنه لم يكن حينها يتمتّع بالتطوّر الجيني الحالي، ولذلك انتهى دون أن يتفشّى. إنما، وبسبب “الخفافيش” عاد وظهر وتمظهر عبر الإلتهاب الرئوي في إقليم ووهان الصيني الذي سريعاً ما جرى إغلاقه بالكامل كَي لا يصل إلى باقي أقاليم الجمهورية.
عام 2002 – وباء “سارس” مِن الصين.
أثار هذا الفيروس الفتّاك موجة ذعر عالمية منذ ظهوره حتى اختفائه. وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية بأنه وباء بعدما انتشر في ست وعشرين بلداً، وبأنَّ منشأه حيواني حيث “قطط الزباد” في الصين كانت المصدر الأساس لإنتقاله إلى الإنسان الذي سرعان ما يُصاب بعوارِض تنفسية غير نمطيّة.
عام 1997 – إنفلوانزا “الطيور” مِن الصين.
هو مرض فيروسي معدٍ يُصيب الطيور المائية مثل “الإوزّ البرّي” ثم يتطوّر ويتكيّف بداخلها قبل أن يضرب رئة الإنسان. وقد سبّبت حينها الدواجن المصابة تهديداً عالمياً يعود إلى سببين: من ناحية أولى إنعدام النظافة، ومن ناحية ثانية قُرب تربية الطيور من الأحياء السكنية ما ساهم بإنتشاره.
عام 1968 – فيروس “هونغ كونغ” مِن الصين.
هو وباء لفيروس الإنفلوانزا سرعان ما انتشر نحو مختلف أصقاع الأرض ذلك أنه من الأوبئة المُعدية بشكلٍ إستثنائيٍ، ذلك أنه نتاج خلط فيروسَين أو أكثر أدى إلى تكوين نمط إنفلونزي جديد يحمل خليطاً من المستضدات التي سبّبتها “الثدييات” كالخنازير، وأدت إلى وفاة نحو مليون إنسان في العالم.
عام 1957 – الإنفلونزا “الآسيوية” مِن الصين.
هو وباء ناتج من طفرة فيروس يُصيب “البط البرّي” كان اندمج مع فيروس آخر يُصيب البشر من خلال عملية إعادة تشكيل للفيروس الأساسي، ولم يتوقّف حينها إنتشار الوباء إلا بعد أن توصّل العلماء إلى تطوير لقاح فعال ضده، وإلى حين ذاك الإنجاز كان قد تسبّب بوفاة مليونيّ إنسان في العالم.
عام 1910 – وباء “طاعون منشوريا” مِن الصين.
انتشر بدايةً بين سكان منطقة منشوريا، وسريعاً ما أصبح وباءً. ويُعتقد انه وراء أوبئة عدة انتقلت عبر السفن التجارية، لدرجة سمّي بالموت الأسود والوباء الثالث والطاعون الدملي. أما مصدره فيعود إلى “البراغيث”، وفي نهاية المطاف تسبّب بوفاة إثنيّ عشرة مليون إنسان في الصين والهند وحدهما.
عام 1331 – وباء “الطاعون الأسود” مِن الصين.
منشأه مقاطعة هوبي حيث نمت بكتيريا بين “الجرذان” وانتقلت عدواها عن طريق البراغيث التي تلدغ الجرذ ثم الفرد. ويحكى أن جيش المغول الذي كان يحاصر مدينة كافا، ألقى بالجثث الموبوئة داخل أسوارها، فكان ذلك أول استخدام للأسلحة البيولوجية. وفي النهاية تسبّب بوفاة ثلث سكان العالم.
هناك قناعة بأن أخطر السُلالات الفيروسيّة موجودة في الصين، وهناك قناعة أيضاً بأن الأسباب هي:
1- مزيداً من لحوم الحيوانات:
ربّما يحق للصيني أن يفتخر بأنه يأكل كل ما يتحرك، من الكلاب إلى الديدان “الحيّة” وما بينهما؛ إنما لا يحق للصيني أن يؤذيني، فأذواقه تقف عند حدود صحّتي. وبحسب مصادر طبية، فإنَّ ثلاثة من كل أربعة أمراض يكون مصدرها حيواني، إذ بأسلوب “إتصال وإستهلاك” الإنسان للحيوان تكمن العلّة.
2- مزيداً من النمو السكاني:
تُساعد الكثافة السكانية العالية على إنتشار العدوى؛ ومع بداية القرن ال20 كان التعداد ملياريّ نسمة، واليوم قاربَ الثمانية مليار. والصين تحوي خُمس إجمالي سكان العالم، فهي الدولة الأكثر إكتظاظاً حيث بلغ عدد سكانها مليار و300 مليوناً وحيث ببعض المناطق يعيش 400 شخص في كل كيلومتر.
3- مزيداً من سرعة التنقلات:
إنَّ سهولة التنقل بين القارات أدى إلى سهولة تنقّل الفيروس. فخلال عام 2019 نقلت شركات الطيران 4.5 مليار مسافر، في حين خلال عام 2009 كانت نقلت 2.5 مليار؛ لذا، الطاعون الأسود ظهر عام 1331 ولم يتفشّى إلا بعد 12 سنة، بينما وباء كورونا ظهر عام 2019 وتفشّى بعد 12 أسبوع.
4- مزيداً من ضعف الإستعداد:
رغم كل التقدّم التكنولوجي، بالأخصّ لناحية أجيال التسلّح والتقاتُل العسكري، إلا أننا لا زلنا نفتقر إلى نظامٍ صحيٍ عالميٍ قادر على ردع التهديدات الفيروسية في مهدها في الصين، ذلك أن التعويل في عملية وقف إنتشار وباء، يتمحور حول إستعداد وتعاون بلد المنشأ، وإلا فالعالم بأكمله هو عِرضة للخطر.
ختاماً، يبقى سوألين،
إلى خبراء القانون الدولي: هل يمكن تقديم دعوى جَماعية بوَجه الصين، بإسم كل الدول المتضرّرة؟
إلى خبراء الإقتتال الدولي: هل ستعودوا إلى زمن التحارُب والتقاتُل فور انتهاء زمن الوباء والشفاء؟”.