Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر August 4, 2016
A A A
«ميركافا 4» تدخل الخدمة… المناورات الاسرائيلية تؤكد مدى الهلع
الكاتب: ميشال نصر - الديار

رغم مرور عشر سنوات على حرب تموز 2006، ورغم العدد الكبير من المناورات العسكرية على الحدود وعلى الجبهة الداخلية، تعيش اسرائيل حالة من الارق نتيجة تنامي قدرات حزب الله في مختلف المجالات، رغم محاولات فرض الحصار عليه ، واغراقه في المستنقع السوري، مقابل عدم جهوزية الجيش الاسرائيلي لمواجهة الاحتمالات على الجبهة الشمالية، التي باتت تمتد من الناقورة الى اعالي الجولان.
فرغم التهويل والتهديد على المستويين السياسي والعسكري بتوجيه ضربات كبرى للبنان في اي حرب فإن الجو الداخلي والاعلامي يوحي بالعكس، ويرسم خطوط الرعب من اي حرب مقبلة، بل ان تزايد عدد المناورات تؤكد مدى الهلع والتحسّب، ومنها عدة مناورات ضخمة جرت مؤخرا واخرها أضخم مناورة مدفعية حسب موقع «يديعوت احرونوت»، الذي اورد كلاما لرئيس الاركان غادي ايزنكوت، قائد العمليات خلال حرب 2006، وجه من خلاله رسالة واضحة حول اوضاع جيشه، داعيا فيها الى الاستفادة من دروس الحرب، معتبرا ان «التهديد من لبنان ما زال قائما وينطوي على العديد من التحديات ويستدعي ان يكون «تساحال» مستعدا لاي سيناريو».

هذه الاجواء تترافق مع تقارير وتحقيقات اسرائيلية لا زالت حتى اليوم تركز على رصد اسباب الفشل، ومحاولة توقع ما يمكن ان يحصل في اي مواجهة جديدة، قد تندلع في اي لحظة، سواء قادت الى حرب ثالثة، ام اقتصرت على مناوشات، في ظل تنامي قدرات حزب الله من مختلف الجوانب، وعدم نجاعة استخدام سلاح الجو على هذا الصعيد، خصوصا ان كل التقديرات تتحدث عن ان مشاركة الحزب الى جانب القوات الروسية والقادة الايرانيين في القتال المباشر في سوريا، اكسبت مقاتليه خبرة كبيرة ورفعت من مستوى اداء وحداته لاسيما الخاصة منها، مراكمين تجربة عملياتية كبيرة ومتنوعة أكثر من قتال حرب العصابات الذي ميّز القتال في حرب تموز 2006.

تحسن اداء الوحدات البرية للحزب، يرافقه تنامي قدراته الصاروخية كماً، اذ تضاعفت عشرات المرات عما كانت لديه عشية 12 تموز، ونوعاً من خلال المدفعيات التي باتت تغطي كامل الرقعة الجغرافية لاسرائيل، فضلا عن قدرته على المناورة التي تسمح له باطلاق كمية اكبر من الصواريخ بعدل 1500 في اليوم لن تنجح انظمة الدفاع الصاروخي في اسقاط اكثر من 80% منها، مقابل 200 صاروخ في حرب لبنان الثانية.

وفي هذا الاطار تلفت صحيفة «هآرتس» الى ان اخطر من القدرة الصاروخية ،هو الطائرات بدون طيار الاستطلاعية  و«الانتحارية» التي بات يملكها الحزب بالمئات ونجح في استخدامها بكفاءة في الميدان السوري، خصوصا انه نجح في اختراق الاجواء الاسرائيلية والوصول الى مناطق ومواقع حساسة، والعودة دون ان تلحظه الرادارات او اجهزة التعقب والانظمة المضادة، وتلك من ابرز الثغرات التي ستشكل معضلة اساسية خلال المواجهات القادمة، دون اغفال الحزب في ادخال عدد من الصواريخ المضادة للطائرات في الخدمة، بحسب التقارير الاستخباراتية.

لعل من ابرز البطولات التي سطرها حزب الله لتلك الحرب المجزرة التي تعرضت لها الدبابات الاسرائيلية، في وادي الحجير، والتي تعرض تشكيل منها مؤلف من 24 دبابة «ميركافا2» من اللواء المدرع 402، غرب منطقة الطيبة بالقرب من العديسة ،لكمين محكم من حزب الله، الذي استخدم صواريخ الكورنيت ما ادى الى تدمير عشر دبابات بمن فيها واعطاب عدد آخر موقفا التقدم البري باتجاه الليطاني.
انتصار يجمع الخبراء على انه جاء بعدما نجح حزب الله في ادخال صواريخ «كورنيت» المضادة للدبابات الخدمة واستخدامها بكفاءة عالية، في مقابل عجز المخابرات الاسرائيلية عن توقع ذلك، والتعامل بخفة مع تقارير ومعلومات، عن نوعية الأسلحة التي كان الحزب يمتلكها، وعن تخطيط «حزب الله» يخطط لنشر فرق متخصصة مضادة للدبابات من أجل تأخير تقدم القوات البرية للجيش الإسرائيلي، ناجحا في اطلاق اكثر من 300 صاروخ من طرازات مختلفة، نجحت كلها في اصابة اهدافها اما تدميرا او عطبا، مسببة خسائر فادحة في الارواح، وهو ما حملت تل ابيب نتيجته لروسيا وسوريا، قبل ان تعود موسكو وتنفي علاقتها في ظل غياب اي دليل على ان تلك الصواريخ من بين المسلمة لسوريا.

في هذا الاطار  اعلن العدو عن تسلم الكتيبة 82 المدرعة التابعة للواء السابع المدرع في الجيش الإسرائيلي، والتي خسرت اول دبابة خلال المواجهات صباح تموز الـ 2006، دبابات حديثة من طراز «ميركافا4»، لتحل مكان الـ «ميركافا 2» التي اسقطت مواجهات وادي الحجير اسطورتها، حيث اشارت وسائل الاعلام الاسرائيلية الى ان الكتيبة بدأت برنامج تدريب مكثف لتمكين الطواقم من استغلال كفاءة الطراز الجديد الى اقصى درجة، من رادارات واجهزة رؤية واتصالات وتسديد متطورة، فضلا عن النظام  المضاد للصواريخ الذي جهزت به من نوع «تروفيه»، والذي يعمل بواسطة المسح الضوئي بمقدار 360 درجة حول الدبابة، سامحا عبر اجهزة الكومبيوتر والاتصال التي تديره، ان يرسل ويستقبل معلومات دقية تحدد احداثيات اماكن انتشار القوات العدوة ،وتبادل البيانات مع الدبابات الاخرى ووحدات المدفعية والقوات الجوية.

ويكشف الخبراء الاسرائيليون في هذا المجال ان من ضمن التحديثات التي ادخلت الى جانب «ميركافا 4» تغيير الاسلوب القتالي والتشكيلات التي ستتحرك بموجبها، بشكل يعطيها هامشاً اكبر للمناورة ونطاقاً اوسع للتحرك في ساحة المعركة بدلاً من الانتقال في عمود واحد، كما فعلت تشكيلات ميركافا 2 خلال حرب تموز، وفق نائب قائد الكتيبة، الذي يقول إنه مع وجود هذه الدبابة لديهم فرصة القتال على مساحة أوسع، مع تكنولوجيا أحدث، أكثر قوة، ويمكنها أن تلحق ضرراً أكبر بالعدو.

يقول معلّق الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن حقيقة وجود حالة من «الردع المتبادل» بين الطرفين، لا يمكنها أن تشكل ستاراً لواقعة فشل إسرائيل في الحرب، فيما ينقل عن افرايم انبار مدير مركز بيغين-السادات للدراسات الاستراتيجية اعتقاده بان حرب 2006 لا تزال تعتبر وصمة في سجل القوات الاسرائيلية التي لم تكن مهيئة لها، مضيفاً كان هناك الكثير من الارتباك على اعلى المستويات في الجيش وايضا فشلت القيادة الاستراتيجية السياسية.

يوم أعلنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله،في مهرجان الانتصار عن مباشرة للحزب في اليوم الثاني لوقف العمليات الى تعزيز قوته البشرية والتسليحية، شكك كثيرون في الداخل والخارج، واضعين الامر في باب الشحن المعنوي. اليوم، وبعد عشر سنوات ثبت بما لا يقبل اي شك ان «السيد» صدق مرة جديدة في وعده مع اقرار اسرائيل نفسها بتحول الحزب من مجموعة مسلحة إلى جيش متوسط الحجم، مقارنة مع سائر جيوش العالم، قادر على خوض معركة منسقة بين مختلف صنوف الاسلحة من برية وجوية.