Beirut weather 20.21 ° C
تاريخ النشر June 14, 2018
A A A
مونديال 2026.. كثير من السياسة وقليل من الرياضة
الكاتب: عماد حسن - موقع D W

فاز الملف الأميركي – الكندي – المكسيكي المشترك بشرف تنظيم بطولة كأس العالم لعام 2026 وخسر الملف المغربي. لكن خلف المشهد النهائي كثير من التفاصيل وتحركات في الكواليس أدت إلى خروج المشهد النهائي بهذا الشكل.
*

خسر المغرب فرصة استضافة منافسات كأس العالم لكرة القدم لعام 2026 وفاز بشرف تنظيم البطولة ملف مشترك قدمته أميركا وكندا والمكسيك. هذه هي خسارة المغرب الخامسة، حيث فشل أربع مرات في تحقيق حلم استضافة العرس العالمي (1994 و1998 و2006 و2010).

البنية التحتية.. مشكلة الملف المغربي
ووفق تصريحات عدد غير قليل من الدول، فإن الملف المغربي عانى من مشكلة أساسية وهي عدم اكتمال جانب كبير من البنية التحتية اللازمة لاستضافة البطولة، خصوصاً بعد تعديلات أدخلتها الفيفا مؤخراً، ومنها زيادة عدد الدول المشاركة في البطولة من 32 إلى 48 منتخباً ما يستدعي توافر بنية تحتية قوية للغاية من ملاعب وطرق وفنادق وغيرها. وفي مطلع حزيران، صادقت لجنة التقييم التابعة للفيفا على ملفي الترشيح، مانحة أفضلية للملف المشترك الذي نال علامة 4,0 من أصل 5، في مقابل 2,7 للملف المغربي.

ولعل ألمانيا كانت من أكثر الدول وضوحاً في موقفها من ملف المغرب حين قال رينهارد غريندل رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم في تصريحات صحفية إنه “من الصعب على دول أصغر مساحة وتفتقر إلى إمكانات رياضية شاملة أن تنجح في تنظيم البطولة”، ولذلك قررت برلين التصويت لصالح الملف الأمريكي المشترك.
وفي مقابلة له مع DW عربية قال منصف اليازغي، الباحث في مجال السياسات الرياضية إن “المغرب لم يدعِ أبداً أن لديه البنية التحتية الكاملة والجاهزة الآن لاستضافة البطولة، وإنما قال إن لديه بنية تكونت منذ ملف عام 2010 وأن مدة الـ 8 سنوات الفاصلة عن البطولة كافية للوفاء بالالتزامات، وهو ما جعل لجنة تقييم الملفات تقبل الملف المغربي وتوافق على خوضه المنافسات التالية.”

مكاسب الفيفا
الاتحاد الدولي للعبة أكد أن مكاسبه من فوز الملف الأميركي المشترك بتنظيم البطولة قد تصل إلى نحو 11 مليار دولار فيما لم تكن أرباحه لتتعدى نصف هذا الرقم لو فاز الملف المغربي. لكن منصف اليازغي يقول إن هذا التقدير الاقتصادي للأرباح تحدث عن عام 2026 أي بعد 8 سنوات من الآن “وفي خلال هذه السنوات بالتأكيد ستطرأ تغييرات على الاقتصادات العالمية بما فيها أميركا ما يعني أن التقدير يفتقد للواقعية”.
ولم يكتف اليازغي بذلك بل اعتبر أن تقديرات الفيفا ربطت العائدات بالدخل القادم من الملاعب التي تقام عليها مباريات البيسبول في الولايات المتحدة وليس كرة القدم قائلا: “وهذا تقدير مختلف تماماً فمن قال إن جمهور البيسبول هو نفسه جمهور كرة القدم”. وأضاف أن الأكثر من ذلك ورود تقارير مصورة من الولايات المتحدة أكدت أن الأميركيين أنفسهم لا يعلمون أن بلادهم قدمت ملفاً لاستضافة كأس العالم في حين أن لدى المغرب شغفا واهتماما هائلين على المستويين الرسمي والشعبي.

تغريدة ترامب
وبدا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يكن ليترك ملف بلاده المشترك لتنظيم البطولة يمر دون أن يضع بصمته، حيث لوح بمعاقبة الدول التي لن تصوت للملف: “قدمت أميركا عرضاً قوياً بالاشتراك مع كندا والمكسيك لاستضافة مونديال 2026. سيكون من العار أن تقوم الدول التي لطالما دعمتها الولايات المتحدة بحشد الدعم ضد العرض الأميركي. لماذا علينا مساندة هذه الدول فيما هم لا يساندوننا (بما في ذلك الأمم المتحدة)؟”.
DW عربية تواصلت مع أحد مرافقي الوفد المغربي المسؤول عن ملف 2026 في روسيا –رفض ذكر اسمه– والذي أكد أن المغرب علم من خلال سفاراته في إفريقيا أن السفارات الأمريكية مارست ضغوطاً هائلة على عدد من الدول الإفريقية “وهو ما حدث مع ليبيريا التي تحصل على أكثر من ثلثي ميزانيتها من الولايات المتحدة ما دفعها للتصريح بأنها ستصوت للملف الأميركي المشترك”، مضيفاً أن بلاده “استغربت كثيراً من تغريدة الرئيس الأميركي التي حوت تهديدا”. وينبغي الإشارة إلى أن DW لم تتمكن من التأكد من صحة هذه المعلومات من مصادر محايدة.

دول عربية لم تصوت لصالح المغرب
ومع ظهور نتائج التصويت بدا واضحاً الدعم الخليجي للملف الأميركي، حيث صوتت عدة دول عربية منها السعودية والإمارات والكويت ولبنان لصالح الملف الأميركي، ولعل الموقف السعودي كان الأكثر وضوحاً في هذا الصدد: ويقول منصف اليازغي إن المغرب تأكد أن التصويت لا يحتكم للعلاقات ولا الروابط التاريخية مع الدول الأخرى بقدر ما يتعلق بالمصلحة الخاصة، “وبالتالي هناك صدمتان في المغرب: الأولى صدمة الخسارة والثانية صدمة من موقف الدول التي كان يعتبرها في الأمس القريب حليفة”.

كأس العالم.. حل سحري لمشكلات المغرب
ويواجه المغرب منذ عدة أشهر أزمات داخلية أساسها اقتصادي بالدرجة الأولى لعل إحدى تجليات تلك الأزمة حملة مقاطعة المواطنين لعدد من السلع الهامة بسبب اعتراضهم على أسعارها. كانت الحكومة المغربية تأمل في الفوز بتنظيم كأس العالم ما يقد يؤدي لحلحلة الأزمة وتشغيل الشباب في مشروعات البنية التحتية وتخفيف الضغط والتوتر السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
ويقول منصف اليازغي في مقابلته مع DW عربية إن المغرب “كان يعول كثيراً على خلق تنمية اقتصادية واجتماعية باحتضان كأس العالم وأن تحقق الرياضة ما لم تحققه السياسة لأن المغرب كان سيلتزم أمام الفيفا بتنفيذ ما هو مطلوب منه وهذا يقتضي حركة بناء وإعمار ومشروعات كبرى على مستوى الدولة”. وأضاف اليازغي أن المغرب استفاد من تجربة 2010 وقام بمجهود تنموي كبير وطور من بنيته التحتية من طرق وفنادق ومستشفيات، وعليه اليوم استكمال البناء والتطوير كما لو كان سيستضيف كأس العالم المقبل. وختم قائلا: “صحيح ليس بالقدر نفسه من الضغط، لكن حتى تكون هناك إمكانية في المنافسة على ملف 2030 ولحل جزء من المشكلة الاقتصادية”.