Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر June 9, 2022
A A A
موقف الرئيس عون من الخط 29 خسّر لبنان «قوته» بالتفاوض
الكاتب: محمد علوش - الديار

يعود الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان خلال أيام للإستماع الى الجانب اللبناني في مفاوضات ترسيم الحدود، وعينه على قبول لبنان بعرضه الأخير الذي ينص على إنشاء خط متدرّج يسمح بالنتيجة لكل طرف أن يحتفظ بحقله، أي يكون حقل قانا كاملاً للبنان وحقل كاريش كاملاً للعدو الإسرائيلي.

منذ أن وصل الملف الى يد رئيس الجمهورية ميشال عون بدأت الخيبات، تقول مصادر سياسية في فريق 8 آذار، مشيرة الى أن الخيبة الأولى كانت بمحاولة عون إدخال عناصر مدنية الى الوفد المفاوض، والخيبة الثانية كانت مع الوفد العسكري المفاوض.

أبلغ عون الوفد العسكري أن صلاحياته كاملة بتحديد حدود لبنان بناء على دراسات واضحة وبسياق القوانين والمعاهدات الدولية، فقام الوفد بتحديد الخط 29 وهنا كانت الخيبة الثالثة، حيث استمثر فريق رئيس الجمهورية المرسوم 6433 بالسياسة الداخلية، ولم يوقعه. بحسب المصادر فإن الخيبة الرابعة والتي حصلت مؤخراً كانت الخيبة الأكبر، وفيها أعلن التيار الوطني الحر، أي رئيس الجمهورية ضمناً، أن الخط 29 هو خط تفاوضي، وأن الخط 23 هو حدود لبنان الرسمية، متناسياً أن الخط 23 رُسم بناء على خطأ سببه الترسيم الكارثي بين لبنان وقبرص.

ترى المصادر أن لبنان تنازل عن كل أوراق قوّته، فإعلان أن الخط 29 هو خط تفاوضي يعني أن لا حق للبنان بتبنّي الخط مجدداً، فالخط التفاوضي وُضع للتراجع عنه، والاعتراف بالخط 23 يعني أن لا حق للبنان بأي مساحة إضافية تزيد عن الخط 23، وبالتالي قبل وصول هوكشتاين خسر لبنان أوراقه التفاوضية، وبحسب المصادر فإنه لن يجد أمامه سوى الاعتراف بحل الوسيط الاميركي، وتبني الخط المتعرج، والحصول على حقل قانا كاملاً، وهو ما ترغب به اسرائيل بطبيعة الحال التي تريد التنقيب لا الحرب.

لم تعد كل أوراق القوة بيد لبنان، ولا قوة لديه سوى المقاومة، التي سيُعلن أمينها العام السيد حسن نصر الله في كلمته اليوم أنها تقف خلف الدولة اللبنانية، وسيدعوها الى وقفة إجماع وطني، ولعلّ ما قاله وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم كان الأوضح بهذا الخصوص، إذ قال أن المقاومة قررت للمرة الأولى أن تنتظر موقف الدولة.

حكيماً كان موقف المقاومة تقول المصادر، مشيرة الى أن المقاومة لم تكن رغبتها يوماً خلق نزاعات جديدة، بل هدفها كان ولا يزال حماية الحقوق اللبنانية كاملة، لذلك لن تندفع في التصرف، ولن تتسرع، فالمصلحة اللبنانية حالياً تقتضي اتباع المسار التفاوضي حتى نهايته، ومن بعد النهاية سيكون لكل حادث حديث.

هناك من يعتبر ما يجري مقدّمة للترسيم النهائي، ما يُعطي دفعة قوية للبنان الذي يحتاج الى بدء العمل على التنقيب، ويذهب هؤلاء بعيداً بالحديث عن وجود تفاهم ايراني اوروبي لدفع عملية الترسيم الى الأمام، ومن يتابع الإعلام الإسرائيلي يكتشف أن العدو ليس بوارد الحرب ولا خلق نزاعات جديدة، فهل تكون زيارة هوكشتاين الى بيروت هذه المرة زيارة دسمة تُعلن انطلاق المسار النهائي للترسيم؟