Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر September 13, 2022
A A A
موازنة 2022… أرقام وهمية ونفقات لا تحاكي الواقع
الكاتب: ايفا ابي حيدر - الجمهورية

يُباشر مجلس النواب اعتباراً من الغد درس قانون الموازنة العامة للعام 2022 وقد حدد لها رئيس مجلس النواب نبيه بري ثلاث جلسات تنتهي يوم الجمعة. موازنة 2022 التي تأتي متأخرة 9 اشهر تحمل في طياتها مجموعة ضرائب ورسوم جديدة، فهل سيكون المواطن قادرا على تحمّل عبئها؟

يحاول لبنان من خلال اقرار موازنة 2022 ان ينفّذ مطلباً من سلسلة مطالب صندوق النقد الدولي، لكن هذا لا يكفل انها ستكون مرضية لديه تماما كما حصل في مطلب رفع السرية المصرفية الذي أفرغ من مضمونه، فكيف الحال مع موازنة هي بعيدة بأرقامها كل البعد عن الحقيقة لأن سعر الصرف المعتمد فيها لا يحكي الواقع كونه احتسب على سعر صرف 20 الفاً بينما هو في الواقع تخطى الـ35 الفا حتى دولار صيرفة وصل الى 28 الفا ما يفقدها مصداقيتها، اضافة الى عدم القدرة على تحقيق النفقات المرجوة منها (لأنّ النفقات تحدد على مدى عام بينما تبقّى من العام 3 اشهر) بما يجعل من موازنة 2022 لزوم ما لا يلزم تلبية لمطلب صندوق النقد، عدا عن انها تخلو من اي اصلاحات ومطالب مرجوّة اهمها توحيد سعر الصرف.

في السياق يقول الخبير الاقتصادي والاستاذ الجامعي باسم البواب انّ التأخر بإقرار الموازنة ليس بجديد على الحكومة الحالية ولا الحكومات المتعاقبة التي اعتمدت نهج الصرف وفق القاعدة الاثني عشرية من دون اصدار موازنة او بإصدارها متأخرها، صحيح ان ما يحصل راهناً هو شبيه بما كان يحصل خلال السنوات الماضية انما هذا لا يعني انه تصرّف صحيح ومسؤول، انما الاجدى بالحكومات ان تصدر موازنة بحد أقصى شهر تشرين الاول من العام السابق، اي انه مثل اليوم كان يجب درس موازنة 2023 لتكوين رؤية وخطة عن العام المقبل، القوانين المطروحة، الرسوم الجمركية المقترحة، المداخيل والنفقات المقترحات، ناهيك عن ان الارقام المعتمدة في الموازنة غير دقيقية بحيث اعتمد فيها سعر صرف 20 الفا من دون معرفة على اي اساس تم اختيار هذا الرقم، ولمّا لم يتم اعتماد دولار السوق السوداء او دولار صيرفة، او دولار 6000 ليرة هو نفسه السعر الذي يدفع على اساسه رواتب موظفي القطاع العام…

وأكد البواب انه لا يمكن ان تقرّ موازنة في ظل هذا التعدد في اسعار الصرف، في وقت لم تتخذ فيه الدولة بعد أي قرار بخصوص سعر الصرف الذي سيعتمد، لذا المطلوب اولاً توحيده رغم انه مستحيل في هذه الظروف لأن مصرف لبنان غير قادر اليوم على تأمين الدولارات المطلوبة لزوم الاستيراد، لذا نرى ان سعرالصرف يتجه نحو مزيد من الارتفاع.

واستغرب البواب كيف انّ كلفة الموازنة اي مصروف الدولة هو مليار دولار فقط (دولار فريش) مقارنة مع 12 مليار دولار في السابق، مُتسائلاً كيف يمكن لهذا المبلغ ان يكفي في ظل انقطاع جوازات السفر وفقدان الاوراق لزوم المعاملات الرسمية، والمحابر والطوابع… وأكد ان المليار دولار لن تكون كافية وبالتالي ان الموازنة التي ستقر لن تكون قابلة للتطبيق لأنها لن تكفي لسد الحاجيات من صيانة وتصليحات وقرطاسية، ورواتب للموظفين، لذا يصح القول انها موازنة وهمية وتطبيقها سيقابل بالرفض والاعتراضات من قبل موظفي القطاع العام خصوصاً، لأنّ زيادة راتب الموظف 3 مرات راتبه الحالي هو بمثابة اعطائه الراتب وفق سعر صرف 6000 ليرة بينما الدولار في السوق السوداء وصل الى 36 الفاً لذا لن يرضى به. ورأى ان كل ما يتقدم حتى الآن هو حلول ترقيعية غير صالحة وغير مجدية، والمطلوب سلة حلول شاملة متكاملة.

ولدى سؤاله اذا كانت الموازنة المطروحة هي فقط ارضاء لصندوق النقد؟ قال البواب: ان اقرار الموازنة هو مطلب من 7 بنود اساسية مطلوبة من لبنان، واكتفاء الدولة بإنجاز بند واحد فقط هو بمثابة إظهار حسن نية الا انه لا يكفي لأن المطلوب تقليص القطاع العام، ودمج المصارف…

الدولار الجمركي
يبقى انّ ابرز البنود المطروحة في موازنة 2022 هو الدولار الجمركي وسعر الصرف الذي سيعتمد، مع العلم انّ الحسم متروك لمجلس النواب والاقتراحات تتراوح ما بين 12 الفا و14 الفا و20 الفا. وفي السياق، يقول البواب ان مفعول الدولار الجمركي سيكون صغيرا وموقتا وحتى لو أقرّ وفق دولار 20 الفاً، فإنّ تأثيره سيكون لمدة وجيزة لأنه من المتوقع ان يصل سعر الدولار في السوق السوداء الى 50 الفا مع نهاية العام، وبالتالي الايرادات لن تكون كافية. فعلى سبيل المثال انّ تزفيت الطرقات او الصيانة او شراء اوراق اخراجات القيد او الباسبورات يدفع ثمنه بالدولار الفريش.

واعتبر البواب ان الدولار الجمركي لن يكون حلاً للازمة المالية ايّاً يكن سعر الصرف الذي سيتم اعتماده، والاجدى السير بحل كامل متكامل مع صندوق النقد والشروع بالاصلاحات مع التأكيد ان الحلول الجزئية لا تكفي لا سيما في ظل استمرار التهريب عبر المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا. وتخوّف من ان يؤدي الدولار الجمركي الى تكبير الاقتصاد الموازي او الاسود على حساب الاقتصاد الشرعي، والذي عادة ما ينشط كلما ارتفعت الرسوم الجمركية، وان يتراجع بالتالي مدخول الدولة. وحذّر البواب من ارتفاع نسبة التضخم 20 % في السوق اللبناني بعد إقرار الدولارالجمركي لأنه مع ارتفاعه ستزيد قيمة الضريبة على القيمة المضافة لأنها تُحتسب بعده.