Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر December 1, 2021
A A A
مواجهة كورونا الجديدة «أمّ المعارك الاقتصادية» في لبنان والعالم
الكاتب: ذو الفقار قبيسي - اللواء

الأرقام التي أوردتها «الاكونوميست» في عددها الأخير عن حجم انفاق حكومات العالم في مواجهة «الكورونا» وعما يترقّب مزيدا من الإنفاق، لا سيما مع التفشي المتجدد للوباء، بما يصيب حتى الأطفال إلى جانب الكبار ومتوسطي الأعمار، قد تجعل من أكلاف مواجهة الوباء في لبنان «أم المعارك الاقتصادية» لا سيما بالنسبة للمؤسسات المتوسطة والصغرى التي تشكّل نحو ٩٠% من مجموع المؤسسات العاملة في لبنان، وبمعدل وسطي لحجم الرواتب والأجور بين مليون، ومليون ونصف المليون ليرة شهريا تتراجع قوتها الشرائية باستمرار مع الإرتفاع الجنوني في معدلات الأسعار ومعدل سعر صرف الدولار.

وفي أرقام «الأكونوميست» ان حكومات العالم التي أنفقت ١٧ ترليون دولار على الوباء، تشكّل، بما في ذلك قروض وكفالات، نحو ١٦% من حجم الناتج الإجمالي العالمي، تواجه الآن مشكلة المواجهة المالية للحد من مخاطر انتشار السلالة الجديدة من الوباء الذي يتوقع أن تنفق عليه في العام ٢٠٢٦ الولايات المتحدة نحو 1,5 ترليون دولار، وأوروبا نحو ٧٥٠ مليار يورو (٨٥٠ مليون دولار) فيما مؤسسة الـOCED الدولية توقعت أن يرتفع انفاق حكومات العالم على الوباء من ١٠,3% من الناتج في العام ٢٠٣٠ مقابل 8,8% في العام ٢٠١٥.

وفي حال لبنان الذي حتى قبل الكورونا وبعدها، يعاني من شحّ الدولار ويحتاج إلى عشرات مليارات الدولارات على مواقع عدة بدءا من تداعيات ارتفاع أكلاف المعيشة ووسائل الإستشفاء والمحروقات والنقل والتعليم، مرورا بضرورة توفير السيولة لتنشيط القطاع الخاص وسد عجز الموازنة العامة وميزان المدفوعات وإعادة تأهيل وهيكلة القطاع المصرفي وتعزيز الإحتياطيات الكافية لمصرف لبنان، وتوفير الحد الأدنى من البنية التحتية الضرورية لعودة الإستثمارات، سوف يواجه المزيد من الأزمات المالية والاقتصادية.

كما أن من المشكلات الكبرى التي ستنتج عن إستئناف الوباء «نشاطه» بسلالته الجديدة ما تسميه «الاكونوميست» «التورم» الزائد في حجم القطاع العام الذي ستلقى على عاتقه مواجهة الوباء، بكل ما يعنيه هذا «التورم» في دور الحكومات من الفساد المنتشر في القطاع العام من أضرار تضاف إلى ضرر الوباء نفسه سواء في العديد من الدول المتقدمة أم النامية على حد سواء.

وفي حال لبنان فإن الحجم الكبير والمتضخم للدولة يستهلك في بند الرواتب والأجور والتعويضات وحده نحو ٧٠% من الواردات والـ٣٠% الباقية لا تكفي لفوائد الدين العام وسد عجز الكهرباء، ما يوقع البلد في عجز دائم يحتّم عليها دق الأبواب الدولية والعربية طلبا للقروض التي يتوقع أن تزداد في الحجم والأعباء مع التفشي المستجد من الكورونا التي أودت حتى الآن بحياة ٥,16 مليون شخص في كل أنحاء العالم منذ نهاية العام ٢٠١٩ وامتدت مخاطرها أخيرا حتى على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ٥ و١١ عاما وتهدّد الآن بالعودة إلى الإقفال العام الذي أدّى إلى إلغاء ٢٢٥ مليون وظيفة دائمة في العالم وتراجع عددد ساعات العمل وازدياد معدلات البطالة وإلى خسارة ترليونات الدولارات في قطاعات السياحة والصناعة والزراعة وأسعار الأسهم وفي استحداث حالة من «عدم اليقين» تؤخّر عودة الإستثمارات بانتظار إنجلاء آفاق الحاضر والمستقبل، وهي حالة سائدة في لبنان قبل الكورونا وسلالتها الجديدة، فكيف في ما بعدها؟!!