Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر February 14, 2024
A A A
من يستطيع إنقاذ الموارنة؟
الكاتب: مرسال الترس - الجريدة

نجح “الثنائي الشيعي”، حتى الآن، بفرض نفسه كشريك رئيس في السلطة، أو ربما أكثر، نتيجة تماسك وتضامن مكوناته، وكان ذلك نتيجة طبيعية بعد السنوات العجاف التي مرّت بها الطائفة في حكم لبنان منذ الاستقلال، وحتى الانتفاضة التي أطلقها الامام موسى الصدر في منتصف سبعينيات القرن الماضي.

الطائفة السنية، التي “حصّلت” حقوقها في “اتفاق الطائف” الذي أُقر في العام 1989، انتابها الهلع بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري العام 2005 ووقفت متفرجة مضعضعة على ما يجري، منذ خروج نجله سعد من المشهد السياسي اللبناني نظرياً في العام 2017، وعملياً منذ العام 2020. ومع خطوته تراجع حضور تيار “المستقبل” وتأثير طائفته في السلطة الى أدنى المستويات.

أما الموارنة بشكل خاص، والمسيحيون بشكل عام، الذين كانوا يتغنون بأنهم بُناة لبنان الكبير في العام 1920، وأنهم نالوا الامتيازات التي يتمنونها في الحكم بدعم “الأم الحنون” فرنسا مع الاستقلال عام 1943، فإنهم يشعرون اليوم بأنهم قد باتوا خارج اللعبة التي أصبحت بيد “دويكا” (تضم الشيعة ممثلين برئيس مجلس النواب نبيه بري والسنّة ممثلين برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي) كما يشير البطريرك الماروني بشارة الراعي في أحدث عظاته. عاتباً على استمرار الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية منذ خمسة عشر شهراً، وكأن شيئاً لم يكن، في وقت تخسر فيه الطائفة مراكزها في الدولة تباعاً، مع تراجع تعدادها إلى ما دون الربع في التركيبة اللبنانية.

فمن سينقذ الموارنة من مأزقهم، في هذه الفترة الدقيقة من التركيبة اللبنانية التي قد تصل إلى بهم إلى “المؤتمر التأسيسي” المطروح على بساط التداول، إذا ظل بعض زعماء الموارنة على تعنّتهم، على الرغم من أنهم يملكون الكتلتين النيابيتين الأكبر التي تمثّل الطائفة، “لبنان القوي” والجمهورية القوية”، بغض النظر عن الطريقة والأسلوب اللذين حصلا عبرهما على تلك الأعداد.

مصادر حقوقية قريبة جداً من بكركي، ولكنها ليست بالضرورة أنها تعكس رأيها، ترى أن رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجيه هو المؤهل الأول لقيادة السفينة في هذه المرحلة، وعلى الزعماء الموارنة أجمعين دعمه إذا كانوا فعلاً جادين في المحافظة على أبرز مكتسبات الطائفة، أو على الأقل الحد الأدنى منها، للأسباب التالية:

* دعم ترشيحه من قبل “الثنائي الشيعي” والثقة المطلقة في أدائه، وإدارة الظهر له بارتياح، سيجعلانه قوياً في الحكم، ويمنحانه الفرصة لاستعادة حقوق طائفته كاملة مع “حبة مسك”.

* علاقته القوية مع سوريا سترفده بالدفع اللازم لمعالجة قضية النزوح السوري، التي تشد الخناق على كامل مفاصل البلد ومختلف الطوائف والمذاهب.

* مارونيته الأصيلة ستجعله حريصاً على كل ذرّة من حقوق الطائفة، وكذلك على موازنة العلاقة مع مختلف زعمائها، وإيصالهم إلى ما يستحقونه وفق حجم كل منهم، لأنه، كأفراد عائلته، لم يطمحوا يوماً للانتقام من زعماء موارنة أو مسيحيين أبدوا إزاءهم كل بغض وكره.

الواضح أن إفلاس المارونية السياسية يدفع بحقوق الطائفة للانحدار إلى ما دون القعر، والقادر على الإمساك بحبل النجاة هو سليل آل فرنجيه الذي عفا بفروسية، وليس أي خيار ثالث أو رابع!