Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر December 3, 2016
A A A
من يربح حلب يربح الحرب
الكاتب: سميح صعب - النهار

ليس من المبالغة اعتبار حلب ميزان الحرب في سوريا. فمنذ أن دخلت فصائل المعارضة المدينة صيف 2012، كان النظام في تراجع أملاه ميزان قوى اقليمي ودولي ضاغط حاول فرض واقع جيوسياسي في سوريا لم تكن مفاعيله لتقتصر على اسقاط حكم واستبداله بحكم آخر وإنما كانت التداعيات الاستراتيجية لسقوط دمشق ستطاول ايران وروسيا بشكل مباشر.
من هنا لا يعود مستغرباً، أن تكون ايران وروسيا حاضرتين بقوة في معركة حلب باعتبارها معركة تصحيح الخلل في الموازين العسكرية والسياسية الذي حصل مع الاضطرابات التي اجتاحت دولاً عربية عام 2011 تحت مسمى “الربيع العربي” وانتهت الى حروب أهلية.
روسيا تجد نفسها معنية اليوم بتفاصيل الحدث السوري الى الحد الذي لم تتجاهل فيه “زلة لسان” الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عندما أخذته حمية الخطاب في اسطنبول الى القول إن القوات التركية إنما دخلت سوريا لاسقاط الرئيس بشار الاسد. وفي اليوم التالي طلبت موسكو تفسيراً لما قاله أردوغان الذي سرعان ما اضطر الى الايضاح أن الدخول العسكري التركي الى سوريا هو لمحاربة الجماعات الارهابية ولا يستهدف بلداً أو شخصاً. وليس تفصيلاً أن يتحادث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأردوغان هاتفياً ثلاث مرات في ثلاثة أيام. ثم يتوقف بعد ذلك تقدم القوات التركية نحو مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي التي تريد روسيا أن يدخلها الجيش السوري وليس أية قوة أخرى.
إن الإنقلاب النوعي في المعادلة العسكرية على الساحة السورية لمصلحة النظام بات في مرحلة لم يعد في الامكان المس بها، إلا إذا كان أي طرف اقليمي أو دولي يريد الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا التي تحشد في المتوسط من السفن الحربية ما لم يحشده الاتحاد السوفياتي في هذه المنطفة في ذروة قوته.
ومن المنصة السورية يعلن بوتين عقيدة جديدة في سياسته الخارجية ويوجه الرسائل في مختلف الاتجاهات، بينما يحاول الغرب أن يرد على الاندفاع الروسي في سوريا، بدفع أوكرانيا الى إجراء تجارب صاروخية قرب القرم.
ومع التغييرات العسكرية الجذرية في سوريا، تجد ايران انها ربحت رهانها الاستراتيجي على الوقوف الى جانب دمشق. والتطورات في الميدان السوري تراقبها اسرائيل عن كثب. وربما أتت الغارة الاسرائيلية قرب دمشق قبل ايام للتذكير بعدم رضى تل ابيب عن سيرورة الاحداث في سوريا.
وكما تحدث معركة الموصل تبدلاً في المشهد العراقي، كذلك حلب بالنسبة الى المشهد السوري وارتداداته الاقليمية والدولية.