Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر October 15, 2021
A A A
من سيناريو خلدة الى حرب الطيونة.. لكسر هيبة الدولة!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

لم يكن ينقص اللبنانيين سوى إستحضار الحرب الأهلية “ليكتمل نقل الانزلاق الأمني بزعرور التدهور المعيشي والاقتصادي”، حيث بدت البلاد أمس على “كف عفريت” يتلاعب بها على حافة الدمار الشامل، لولا “تعويذة” الجيش البناني مدعوما من حكومة “معا للانقاذ” والذي نجح في طرد “شياطين” العنف الدموي وأعاد الهدوء الى مناطق كان لها رمزية في الحرب وفي القتل على الهوية، إستعادت أمس مشاهدا لطالما جاهد اللبنانيون لمحوها من ذاكرتهم..
من جولة العنف في خلدة الى جولة العنف في الطيونة، حروب صغيرة عبثية تهدف الى كسر هيبة الدولة، لمصلحة إثبات وجود سياسي، وإظهار قوة شعبية وحجم إنتخابي، وتأكيد دفاع عن طائفة هنا أو مذهب هناك أو حقوق هنالك، وكل ذلك على حساب مواطنين يجدون أنفسهم في كل مرة رهائن أجندات داخلية وخارجية تذلهم معيشيا وماليا، وتهدد أمنهم وحياتهم، وتستهدف أملاكهم..
لم يعد الحديث عن السلاح المتفلت أو غير الشرعي بعد أحداث الطيونة يوم أمس مجديا، بعدما تبين أن هذا السلاح متواجد وبكثرة وبعياراته الخفيفة والمتوسطة وربما الثقيلة في أيدي الجميع، وقد خرج الى العلن مع إعادة تدشين محاور الحرب الأهلية وتبادل حاملوه إطلاق النار والقذائف بعنف غير مسبوق ما أظهر أن الحرب التي إنتهت في الشوارع ما تزال مشتعلة وحاضرة في النفوس، وقادرة في كل لحظة أو عند أي مفترق طرق أن تعيد عقارب الساعة الى الوراء.
بعد الأحداث الدامية أمس، ثبت بالوجه الشرعي أن إنقاذ البلاد والعباد من الأزمات التي تتوالد غير موجودة في قاموس التيارات السياسية والحزبية، ففي الوقت الذي كان يفترض بالحكومة أن تبدأ خطواتها العلاجية لبعض الملفات وأن تباشر في تحضير ملفاتها للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، جاءت قضية المحقق العدلي طارق البيطار لتهدد بتفجير مجلس الوزراء من الداخل، وترجم الاحتقان السياسي والاستفزاز والاستفزاز المضاد الى حرب أهلية مصغرة، أكدت أن البلد يعاني من نقص المناعة على كل المستويات، بفعل تيارات مستعدة لاحراقه وإغراقه مقابل تحقيق مصالحها، ثم تتشدق بإعطاء دروس الوطنية والعيش المشترك السلم الأهلي ونبذ الفتنة التي تتناوب على إيقاظها بحسب أجنداتها.
واللافت أنه في الوقت الذي كان يفترض بكل هذه التيارات السياسية أن تضع كتفا مع الحكومة لدعم مسيرتها الانقاذية التي من شأنها أن تعود بالايجابيات على جميع اللبنانيين، سارع بعضها الى إطلاق النار والقذائف عليها لضرب مسيرتها وإفشالها تمهيدا لاسقاطها، ليستنى لها تنفيذ الأجندات الفوضوية التي تستطيع من خلالها إستعادة نفوذها في الشارع أو سعيها لتلبية بعض المطالب الإقليمية..
عسى أن يكون قطوع الطيونة ـ الشياح ـ عين الرمانة، قد مرّ وأن لا يكون له هزات إرتدادية خلال فترات الليل أو خلال تشييع القتلى، في وقت سارعت فيه الحكومة الى إستيعاب الصدمة، فأجرى رئيسها مروحة إتصالات سياسية للتهدئة، وأعطى التوجيهات الى قيادة الجيش التي تعاملت مع سخونة المواجهات بعقل بارد وحكمة ودراية الى أن تمكنت من السيطرة على الوضع، والى وزير الداخلية بسام المولوي لعقد مجلس الأمن المركزي، كما شارك ميقاتي مع وزير الدفاع موريس سليم في غرفة العمليات العسكرية لمتابعة تفاصيل ما يجري الى أن هدأت الأمور وتوقف إطلاق النار، كما طمأن رئيس الحكومة اللبنانيين بأن ما حصل لن يؤثر على العلاقة مع صندوق النقد الدولي، وأن الحكومة مستمرة في مهمتها، مثنيا على الجهود الجبارة التي بذلها الجيش اللبناني في حفظ الأمن، مشددا على أنه كان ولا يزال صمام أمان الوطن.
مهما تكن الخلافات أو الاستفزازات، فإن ذلك لا يسمح لأي كان بأن يطلق النار من قناصات على رؤس المتظاهرين، وأن يتسبب بجولة عنف قاسية أفضت الى سقوط ستة قتلى ونحو ثلاثين جريحا، الأمر الذي يضع الأجهزة الأمنية والقضائية أمام مسؤولية حفظ السلم الأهلي بكشف من يقف وراء ما حصل، ومن شارك في الاشتباكات العنيفة من الطرفين خصوصا في ظل مسارعة البعض الى نفي تهمة المشاركة عنه، علما أن الاشتباكات المسلحة تحتاج الى طرفين.. وأن قتلى المواجهات هم من طرف واحد..