Beirut weather 14.41 ° C
تاريخ النشر March 15, 2020
A A A
من افتتاحية “الديار”: اعلان حالة الوقاية العليا والوباء ينتشر لكنه ليس بالخطورة
الكاتب: الديار

انتشر فجأة في العالم بدءاً من الصين فيروس تم اطلاق اسم كورونا عليه وبسرعة سيطرت الصين على اصابة الكورونا لـ 80 الف مواطن صيني لديها نظرا لاتخاذ رئيس وزراء الصين تدابير هامة لعناية عالية اطلق عليها اسم حالة الطوارئ، لكن كلمة طوارئ تخيف المواطنين والناس، انما في العلم الطبي اطلق عليها العناية الفائقة لمنع انتشار وباء كورونا.

وصلنا الى مدريد وقمنا بجولة والوباء ينتشر فيها بالعدوى، لكن هو تحت السيطرة. وألزمت الحكومة كل المستشفيات باستقبال مرضى الكورونا وتقسيم المستشفى الى جناحين: جناح للمرضى العاديين وجناح لمرضى الكورونا. وأكثرية المرضى اختاروا، وفق اشارة الاطباء، الحجر الطبي داخل منازلهم الا في الحالات الخطيرة التي تقع عند المصابين بمرضى السكري ومرض الضغط ومرض التهاب الكبد ومرض ضعف حركة الكليتين ونقل ذلك عن غرفة عمليات الاطباء التي اقيمت في اوروبا وقسم كبير منها في مدريد. ونظرا لان وباء الكورونا يسبب التهاباً في الرئتين مثل مرض H1N1 او حالة اصابة التهاب الصدر في وضع الرشح القوي جداً، فإن ذلك يسبب شعوراً باختناق الصدر في التنفس لأن الكليتين لا تقومان بتصريف الماء من الصدر، وعندها تضغط الرئتان على القلب ويصاب المريض بضيق التنفس، وفي هذه الحالة يبقى هؤلاء المرضى في المستشفى. وأما الباقون فيذهبون الى بيوتهم الى الحجر المنزلي حيث طلبت الحكومة الاسبانية الوقاية العليا والبقاء في المنازل، والالمانية ايضا والبلجيكية، وتقريبا كل الاتحاد الاوروبي، وألغت كل الاجتماعات وكل التجمعات، وطلبت اقفال دور السينما والمطاعم والمقاهي كيلا ينتقل الوباء من شخص مريض الى شخص سليم الصحة. وازاء الحجر المنزلي لم يعد هنالك في المحلات التجارية بضائع مأكولات لأن الناس اقبلت على كل المحلات الكبرى والصغرى لبيع المأكولات واللوازم واشترتها لمدة الحجر 10 ايام على الاقل. وفي مدريد وبرشلونة في اسبانيا وفي دوسلدورف في المانيا تقوم الصهاريج برش الارصفة والطرقات بأدوية ضد الاوبئة والناس تتصرف ببرودة اعصاب على عكس الضجة العالمية بخطورة الوباء. وفي غرفة عمليات الالمانية الصحية في دوسلدوت نشر الاتحاد الاوروبي على مسافة كل كلم خيمة لفحص المواطنين مع تصوير تذاكرهم واخذ عناوينهم وارقام هواتفهم على ان يجروا الفحص الثاني بعد اربعة ايام. ويسمى الفحص الثاني او هذه العملية «ب سي أر». وفي حالة الفحص الاولى اذا ظهر المريض غير مصاب او مصاباً لا يؤخذ بها الا اذا كان المريض لديه شعور بحالة اختناق بالتنفس وينقل الى المستشفى، اما الباقون فيطلب منهم الحجر الصحي وتوزع عليهم ادوية لانزال حرارة الجسم وليس من ادوية اخرى يتم توزيعها في هذه الخيم على الطرقات الا ادوية انزال الحرارة على اساس ان يعود المريض في اليوم الثالث او الرابع كحد اقصى لإجراء الفحص الثاني، ويتم اعتماد نتيجة الفحص الثاني اذا ظهر المواطن مصاباً بالمرض. ووفق حالته الصحية، اما ينقل الى المستشفى او يتم الطلب اليه الذهاب الى الحجر المنزلي واخذ ادوية الحرارة والبقاء على اتصال على رقم 112 حيث يتم سماع باستمرار اصوات صفارات الانذار وسيارات الاسعاف التي تنقل المرضى الى المستشفيات ولكن دون ارتباك ودون رعب. وبالنسبة لعدد السكان، فإن عدد الاصابات لا يساوي اكثر من 0.1 % وأقل، وهنالك حالات كثيرة انتهى علاجها بعد 10 ايام لكن نظام الحجر المنزلي مستمر ومسموح فتح المحلات التجارية مدة ثلاث ساعات من العاشرة حتى الواحدة بعد الظهر لشراء الاغراض فيما بدأت الشركات تنقل بالشاحنات او البيك اب المواد الغذائية للمحلات لتموين الناس بها.

الفحص لا يأخذ اكثر من 6 الى 7 دقائق، وكل النتائج تحول الى غرفة العمليات الرئيسية الالكترونية بواسطة الكمبيوتر المنتشر في الخيم. كما انه تم الطلب الى جميع المختبرات والمستشفيات اجراء فحوصات الكورونا مجانا وتعتقد هيئة اطباء الاتحاد الاوروبي انه خلال اسبوعين ستتم السيطرة على انتقال المرض من المرضى الى المواطنين السليمين نظرا للحجر المنزلي. لكن الضجة كبيرة جدا في وسائل الاعلام وعلى التلفزيون ولدى الحكومات لانهم يهتمون فوق العادة بصحة المواطنين، وبخاصة ان هذا الوباء ليس له دواء حتى الان سوى ادوية انزال الحرارة ومعالجة مرضى السكري والضغط بالمستشفيات مع تزويد المرضى في الهواء للرئتين للمصابين في المستشفيات.

طبعا هيئة اطباء الاتحاد الاوروبي تصف الوباء بأنه خطير لانه ليس له دواء حتى الان ولكن لا يؤدي الى وفاة المرضى التي سابقا ذكرناها وفي الولايات المتحدة التي يقدر عدد سكانها بـ 340 مليون مواطن ليس هنالك حتى الان الا 33 ألف اصابة كاملة والباقي بداية اشارات، اصابة بالمرض من خلال ارتفاع الحرارة والسعال، لكن هذا يطبق عليه البقاء في الحجر المنزلي. اما المصابون بحالة عدم التنفس جيدا وحالة الشعور بالاختناق فسيتم وضعهم بالمستشفيات الزامياً. وقرر الرئيس ترامب اجراء فحص الكورونا على نفسه، وكذلك امر بتخصيص 50 مليار دولار لمكافحة وباء الكورونا. ووافقت لجنة الصحة في مجلس النواب الاميركي على اعتماد 50 مليار دولار، والاتهامات جارية بين الولايات المتحدة والصين حول من اطلق هذا الوباء في العالم، فالصين تقول ان الجيش الاميركي الموجود في الصين الوطنية تايوان بعض جنوده مصابون بهذا المرض ونقلوا العدوى الى الصين الوطنية، واذا كان قد انتشر بقوة لانه في كوريا الشمالية لا تهتم حكومة كوريا الشمالية بصحة مواطنيها بطريقة سليمة وفورية في حين اليابان حاصرت الوباء بشكل شبه كامل ومنعت انتشاره، وكذلك فيتنام وماليزيا واندونيسيا وسنغافورة. اما في اوروبا فيعتبرون انه كان يجب اخذ احتياطات اكثر، والان بدأت الوقاية العالية الفائقة وخلال اسبوعين السيطرة على انتقال العدوى من مواطن مريض الى مواطن سليم. وتبقى افريقيا القارة الوحيدة المتمردة على هذا المرض نظرا لارتفاع الحرارة على ارضها، ومع ذلك هنالك اصابات قليلة جدا. وعكس ما يقال ان الحكومات لا تعلن عن الاصابات، ان حكومات الاتحاد الاوروبي تعلم ان لا اصابات هامة في افريقيا بل محدودة جدا باستثناء اصابات قليلة في نيجيريا و8 اصابات في جنوب افريقيا تمت السيطرة عليهم، لكن افريقيا العربية مثل مصر والجزائر فيها اصابات هامة.

اما في لبنان، فانه يحتاج مثل اوروبا والعالم الى الحجر المنزلي وعدم حصول اي تجمعات واعطاء ادوية لإنزال حرارة الجسم وإلزام كافة المستشفيات والمختبرات بقبول المواطنين الذين يريدون اجراء فحوصات الكورونا لأن اكثرية المستشفيات الخاصة في لبنان ما زالت ترفض حتى الان مرضى الكورونا، في حين ان اوروبا فرضت على كل المستشفيات الخاصة اضافة للحكومية استقبال مرضى الكورونا مجانا. اما لبنان فأكثرية المستشفيات الخاصة تحت باب الاحتيال، وانها غير مجهزة لفحص الكورونا وما زالت ترفض فحوصات الكورونا وتؤجل الفحوصات مدة الاسبوع لوصول المواد اليها، وهنالك لائحة بهذه المستشفيات لن نذكرها، ولكن وزارة الصحة لم تتخذ التدابير اللازمة بفرض على المستشفيات الخاصة استقبال كل مرضى الكورونا وفصل المستشفيات الى جناحين : جناح المرضى العاديين وجناح مرضى الكورونا واجراء الفحوصات.

في اسبانيا اهتمت السفيرة كيروز بالمواطنين اللبنانيين، وكذلك القنصل شانتال باسيل وبخاصة السفيرة كيروز التي جعلت من مركز السفارة مركز انقاذ المواطنين اللبنانيين والاهتمام بهم والاتصال مع الحكومة الاسبانية للاهتمام بهم. وليس هنالك للبنانيين اصابات في اسبانيا او بلجيكا او هنالك حالات حرجة للبنانيين في الاتحاد الاوروبي. وكذلك في الولايات المتحدة وفق اللائحة التي نشرتها منظمة الصحة العالمية عن جنسيات المصابين في العالم. وكما انه لولا تدبير شركة طيران الشرق الاوسط لرحلاتها لما استطاع مواطنون لبنانيون وطلاب لبنانيون العودة من اوروبا للبنان. وما زالت باريس حتى الان تفتح مطاراتها لاستقبال الطائرات من لبنان، لكنها ستوقف ذلك انما البلد الوحيد الذي بقي يفتح مطاراته هو سويسرا في جنيف حيث تستطيع الطائرات والمواطنون اللبنانيون في اوروبا الانتقال الى جنيف، ومنها الى بيروت، كذلك اليونان وقبرص، ولولا ذلك لاختنق اللبنانيون وهم محاصرون في الاتحاد الاوروبي لأن الاموال مقطوعة عنهم والدراسات توقفت في الجامعات والمدارس العليا. وبالفعل فإن السفارات اللبنانية، وخاصة في اسبانيا بعدما انتشر الوباء يوم السبت بكثافة وتأمين رحلات لهم الى عواصم اخرى ومنها الى بيروت. ولولا شركة طيران الشرق الاوسط لكان المئات ما زالوا في اوروبا بدون اموال بمصاريفهم الخاصة وليس لدفع اقساط جامعية ومدرسية.

في المانيا بدأت السيطرة شبه التامة على عدم انتقال العدوى. اما بلجيكا فتسيطر على الوضع كلياً. وايطاليا بعد ان اغلقت كل حدودها وفرضت الحجر المنزلي والمعالجة الطبية يقول اطباء الاتحاد الاوروبي حتى شهر نيسان في اواخره ستستطيع ايطاليا السيطرة الكاملة على انتقال العدوى من مواطن مريض الى مواطن سليم. اما في فرنسا، فإن انتشار العدوى جاء اكثر الاحيان من الاحياء الفقيرة ومن مناطق المهاجرين الذين لا يخضعون لفحوصات ويتهربون منها ويتصرفون دون مسؤولية ولذلك انتشر وباء الكورونا في فرنسا، لكن الرئيس الفرنسي ماكرون اتخذ اجراءات عبر حكومته الفرنسية حيث يقول مركز الاطباء للاتحاد الاوروبي انه في 15 نيسان تكون فرنسا قد سيطرت كليا على الوضع، لكنها هي في اطار السيطرة المتصاعدة على الوضع، وهنالك سباق كبير بين اكبر مختبرات اوروبا ومصانع الادوية ومختبراتها وسباق مع شركات الادوية الاميركية واهم المختبرات الابحاث الاميركية لاكتشاف اللقاح ضد وباء الكورونا اذا توصلوا اليه لكنهم توصلوا الى معالجته وعدم جعله مصدراً للوفاة.

وينتظر لبنان اليوم اجتماع مجلس الدفاع الاعلى والمسؤولين على اساس اعلان حالة الطوارئ، ولأن كلمة طوارئ تنطلق من مفهوم عسكري فهي تطلق الرعب في النفوس، انما اعلان حالة العناية الفائقة لصحة المواطنين اللبنانيين وخاصة فتح المستشفيات الخاصة امام مرضى الكورونا والمختبرات وعدم دفع 150 الف ليرة لاجراء فحص الكورونا الذي لا يكلف اكثر من 10 دولارات كحد اقصى الا في حالات فحوصات الدم والتصوير الشعاعي الخاص للرئتين لمعرفة حجم الالتهاب فيهما وعندها تكون التكاليف اعلى وتصل الى 60 او 70 دولاراً. فيما تم فرض فحص الكورونا بـ 150 الف ليرة في المستشفيات الخاصة، وهو مبلغ لا يستطيع كل المواطنين دفعه. وتبدو وزارة الصحة في لبنان عاجزة عن الارتفاع لمستوى ايجاد سبل فحص الكورونا مجانا فيما تكون فحوصات الدم وتصوير الرئتين على حساب وزارة الصحة وتخصيص مبلغ لا يزيد عن 25 مليون دولار لكل المستشفيات الخاصة، وهو مبلغ يزيد ويكفي.

المطلوب، وفق ما فهمناه واستنتجناه من كل مراكز اطباء الاتحاد الاوروبي وما علمناه مما يجري في لبنان، هو اجراء وفرض الحجر المنزلي وتنظيم فحوصات الكورونا على اساس فحصين أي «ب سي أر» ومنع كل التجمعات وكل مراكز اجتماع الناس لان العدوى تنتشر بسرعة وتنتهي ايضا بسرعة خلال 10 ايام الى 15 يوما لان هذا الوباء لا يدوم بعد هذه الفترة اذ انه وباء لا يستمر في الجسم.