Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر April 4, 2023
A A A
من استراليا… كيف اذا اتت القداسة من اهدن؟
الكاتب: المنسق العام لتيار المرده في استراليا سركيس كرم

 

نبارك لوطننا لبنان واهدن وزغرتا الزاوية وللكنيسة المارونية ولعالم الإنتشاراللبناني قرار قبول مُعجزة الشفاء التي تمت بشفاعة البطريرك اسطفان الدويهي من قِبَل لجنة الأطباء في مجمّع القديسين في الفاتيكان. وهذا يعني أنّ المكرّم البطريرك اسطفان الدويهي أصبح على مسافة قريبة من إعلانه طوباويّا.
وكنا قد قلنا من سنوات انه إن أردنا الكتابة عن الكبار الذين طوّعوا الكلمة في خدمة الله والأنسان تعجز الكلمات، واليوم نتساءل من جديد: كيفَ لأي كلمةٍ ان تفي حقَ من كان السباّقَ، ليس الى تدوينِ التاريخِ الزمني والروحي فحَسب، وإنما الى صُنعِه في أحلكِ الظروفِ، أو ان تقدرَ الكتابة على ملامسةِ المساحةِ الفكرية والليتورجية والإنسانية التي إرتبطت بإسطفان الدويهي القديس المطوّب منذ زمنٍ بعيد في وجدانياتِ الناس الطيبين الذين غمرهُم بمحَبتهِ وتواضعه وصلواته طوالَ حياته وبعد مماته والى يومنا هذا.
كل ما يسعنا عمله هو التأكيد أنه ان أتت القداسةُ من أي سموٍ ننحني أمام عظمتِها، فكيف عندما تأتي من على مذابح كنيسة سيدة زغرتا ودير مار سركيس وباخوس.. من صميم طيبة ناسنا وأهلنا.. من البيوت المعتقة بالبركة.. من البيت الصغير الملتصق ببيتنا الأصغر.. من أماكن ما برحت تختزن خميرة الإيمان وهيبة التاريخ..
وكيف ان أتت من إهدن، الأقرب الى السماء، التي ينبعث من مار سركيسها بخور الإيمان والتضحية وعزة النفس و حيث يشعر المرء بهالة الدويهي ويتحسس طهارته ولاهوته ومحبته أكثر من أي مكان في الدنيا. وكيف لا ونسمات جبالنا ما زالت معطرّة بعبق البخور الذي فاح من مبخرة الدويهي القديس.
فالدويهي هو قديسنا منذ زمن بعيد.. فنحن نفهم القداسة عملاً متواصلاً سعياً وراء إحقاق الحق ونشر الإيمان وخدمة الأنسان ببساطة الطيبة وعظمة الحكمة وصبر الأنقياء. فالطريق الى القداسة لا تكون إلا ضمن إطار الإلتزام والعيش بكلمة الرب وتعاليم سيدنا المسيح على غرار ما فعل رجل الله الدويهي الكبير.
القداسة حياة مليئةٌ بالشدائد والعذابات والنضالات وهذا ما عاشه اسطفان الدويهي من دون ان يتنعم للحظة واحدة بأمجاد الدنيا الزائلة. فقد رفض المغريات وحياة الرخاء في أوروبا ليعود إلى لبنان ويخدم شعبه ويتقاسم وإياه الشقاء والألم والخوف، رافضاً الإنصياع للحكام والمشايخ فقاسى الأضطهاد حاملاً ريشته ومحبرته وأوراقه وشمعته في كثير من الأحيان الى المغاور والكهوف حيث عمل على تدوين تاريخ أمته وطائفته وأنقذه من الإندثار والتحريف.
عاش الدويهي يبشّر، يعلم، يرشد، يكتب، يتألم، يناضل، يصلي ويؤسس ويبني. وهو أول من جاهد في سبيل المحافظة على اللغة العربية من التتريك وأول من عمل على توثيق التاريخ اللبناني ليصبح المرجه الأهم. وهل هنالك أسمى من معجزة تنظيم وتنسيق الكنيسة المارونية في زمن الجور والظلم والشح في الموارد والمراجع والوسائل الضرورية! تلك المعجزة التي كرسّت الدويهي أهم شخصية ومرجعية مارونية بعد مار مارون توثيقاً وتراثاً كنسياً ولاهوتياً وفلسفياً. وهذه المعجزة الكبرى نحياها نحن أبناء الطائفة المارونية في كل صلاة نرفعها، في كل قداس نحضره، في كل كنيسة مارونية نجتمع فيها في لبنان وعالم الأنتشار، ونراها في كل عمل ماروني ذات أبعاد لاهوتية وفلسفية تزدان وتغتني به العقول والنفوس.

وها هي أجراس الكنائس تقرع اليوم فرحاً من سيدة زغرتا الى وادي قنوبين الى كافة كنائس لبنان واستراليا وعالم الإنتشار اللبناني وتتردد معها صلوات المؤمنين لتتألق قداسة االدويهي وسيرته.
وكما فعلنا دوماً فإننا نرفع الصلوات والدعاء لكي يعلن قداسة البابا فرنسيس تاريخ تطويب البطريرك الدويهي في الأسابيع القليلة المقبلة بعد تثبيت معجزته الأخيرة، ويُرفع بذلك قديسنا على مذابح الرب في الكنائس في كل انحاء العالم.