Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر November 17, 2017
A A A
ملحوظات عن جماعات «الإرهاب الإسلامي» !!
الكاتب: ثريا عاصي - الديار

كان مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأميركي الأسبق كارتر زبيغنيو بريجنسكي يتباهى بانه العقل المدبّر وراء عملية الإرهاب ـ الإسلامي في أفغانسان، حيث كان يزعم أن هذه العملية أسقطت الإتحاد السوفياتي، طبعاً هذه خلاصة تحتاج إلى نقاش. ولكن من المؤكد أن هذه العملية نفذت بشكل مباشر ورئيسي، بمساعدة الدول النفطية في الخليج وباكستان، وأن من مخلفاتها تنظيم القاعدة وفروعه وطالبان، والهجوم على برجي التجارة العالمية، الذي ما يزال يثير التساؤلات وتطرح حوله الفرضيات!

ولا تسل في هذا المضمار عن التفجيرات والمفخخات التي قتلت آلاف الناس في بلدان العرب وفي إفريقيا وأوروبا أيضاً، والتي جعلت الكثيرين لا يشعرون بأن شريعة الغاب هي التي تسود في هذا العالم.

من المعروف أن العامل الرئيسي في نشر البربرية، هي تنظيمات إرهابية ـ إسلامية، في أغلب الأحيان. ولا نجازف بالقول، أن «الدول الغنية» التي تسير في نهج إستعماري وهي الأقوى طبعاً، تمتلك تنظيماتها الإرهابية ـ الإسلامية، إذا جاز التعبير، فكأن هذه التنظيمات صارت وسائل وأدوات يستخدمها المستعمرون في سعيهم إلى تمديد نفوذهم.
هنا يجد المراقب نفسه أمام إشكالية يمكن تلخيصها كما يلي :

من المفيد أن ندرس ظاهرة نشوء جماعات «الإرهاب الإسلامي» وأن نتفهم آليات تكونها والبيئة التي تنبت فيها.
ولكن لماذا نقوم بهذه الدراسة، إذا لم تكن الغاية هي عرض ما نتوصل إليه للنقاش مساهمة في بلورة موقف وعلاج لهذه الظاهرة التي تنخر مجتمعات الفقراء والمساكين والجهلاء، فتجعلهم لقمة سائغة للمستعمرين ؟ أو تضعفهم فيسهل إخراجهم من أرضهم وإغراقهم في مياه البحر، او حشرهم في مخيمات اللاجئين حيث تنتظرهم المنظمات الإنسانية غير الحكومية ونشطاء حقوق الإنسان ووزراء الدول الإستعمارية وفرق الإعلام..

ما هي حظوظ ضحايا تنظيمات الإرهاب الإسلامي، والذن يناضلون من أجل الكشف عن الجرائم الإستعمارية التي ترتكب بواسطة «الإرهاب الإسلامي» في إيقاف ومنع الدول الإستعمارية عن تقديم الدعم، السلاح والأموال والنصائح، لتنظيمات الإرهاب الإسلامي. إذ لا يخفى على أحد أن الدول الإستعمارية الغربية مسيرة في إطار نظام معولم تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية، فالحلف العسكري (الأطلسي) الذي يضمها جميعاً، هو كمثل رهط الذئاب التي تخرج إلى الصيد، لذا يصعب التصدي لها ومقاومتها !هذا من جهة، أما من جهة ثانية فإن تنظيمات الإرهاب الإسلامي تشبه إلى حد كبير وكالات العمل المؤقت، هذا ما يسمح للدول الإستعمارية، بين الفينة والفينة، باتهام أحد هذه التنظيمات، بالإرهاب ! فتقاطعها وتعلن الحرب عليها. يتجسد ذلك كما هو معلوم بإرسال مزيد من «قواتها الخاصة» إلى سورية والعراق ولبنان، ومن الطائرات الحربية إلى قواعدها المنتشره في البلدان العربية وفي تركيا، طبعاً بحجة كفاح الإرهاب الإسلامي، التي يتقبلها عادة الرأي العام الغربي دون الرجوع إلى ذاكرته عن الحروب الإستعمارية الماضية. ولكن هذه الحجة هي زائفة بالقطع إستناداً إلى وقائع الحروب في سورية والعراق وليبيا والجزائر واليمن ! فالأدلة على أن تنطيمات الإرهاب الإسلامي تعمل لحساب هذه الدول الإستعمارية لا تحصى نجدها على سبيل المثال في عمليات نقل «الجهاديين» من إمارة تنطيم إسلامي إلى إمارة تنظيم آخر، لوحظت هذه العمليات في سورية في تدمر وحلب، ودير الزور والرقة وفي العراق، في الموصل وقبلها في الفلوجة وشنغال. بالإضافة إلى الإمداد الذي كان يصل داعش وغيرها عن طريق تركيا والنفط الذي يباع في أسواقها.

مجمل القول أن تنظيمات الإرهاب الإسلامي متشابهة إلى درجة أنها استنساخ بعضها لبعض أو أنها توائم، لا تميز إحداها من الأخرى إلا الأسماء المختلفة، والجهة التي تولت الإستيلاء عليها واستغلالها، والإقتباسات التي أخذتها من النص الديني، والمفاهيم التي تحاول فرضها. لذا فإن العمل تحت قيادة هذا التنظيم أو ذاك لا يبدل شيئاً لا في الأجر الشهري ولا في مصادر السلاح والتموين، ولا في المهمات اليومية!

إذا كانت المستشفى بحاجة إلى طبيب، فإنها تنشر إعلاناً وتحدد المواصفات التي يجب أن تتوافر بالمرشح كشرط لقبوله، بالضد من التنظيم الإرهابي ـ الإسلامي فانه لا يضع أية شروط ولا يتطلب الإنضواء إليه أية كفاءة. التنظيم «الإرهابي الإسلامي» هو الذي يصنع الإرهابي الإسلامي، ويعطيه عملاً وأجراً !

تأسيساً عليه، فان الذي يطرق باب التنظيم الإرهابي يكون عاطلاً عن العمل، طالباً أجراً وطامعاً بالغنائم. ينبني عليه أنه كلما ازداد عدد العاطلين عن العمل وكلما تدنى مستوى التعليم وساءت الأخلاق، كلما تفاقم السلوك العنصري وجار المتنفذون على الضعفاء، كثر المرشحون للإنخراط في تنظيم يفرض على أعضائه ممارسة السلطة على الآخرين ومعاقبة الذين لا يمتثلون لأوامرها، اشد عقاب. بكلام أكثر صراحة ووضوحاً ان عمل التنظيم الإرهابي ـ الإسلامي، هو عمل تجاري بامتياز ، ازدهر نتيحة لإزدياد طلب الدول الإستعمارية على المرتزقة من أجل مواصلة حروب القتل والتهجير و التدمير. ولا يوجد وسيلة لإيقاف هذه الحروب. فالمنبع يفيض فقراً وضعفاً وظلماً وجهلاً وعنصرية، وفي المصب فاق استهلاك الناس إنتاجهم بكثير.