Beirut weather 15.21 ° C
تاريخ النشر August 8, 2019
A A A
ملاحظات حادة للحسيني على رسالة عون
الكاتب: روزانا بومنصف - النهار

فيما أخذت المواجهة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحزب التقدمي الاشتراكي حجما طغى على كل المواضيع والملفات الاخرى، بما فيها توجيه الرئيس عون رسالة الى مجلس النواب عبر رئيسه نبيه بري من اجل تفسير المادة 95 من الدستور، وقد أرجأ رئيس المجلس موعد مناقشة الرسالة الى 17 تشرين الاول المقبل، لا يبدو ان الجدل حول هذه الخطوة سيشهد هدوءا او تخفيفا من وقعها. بل ان ارجاء موعد مناقشتها الى انعقاد جلسة عادية للمجلس النيابي يعني ان المسألة ستبقى من الناحية السياسية على الاقل مثار أخذ ورد سياسيين خصوصا على خلفية ملاحظات أساسية يكشفها لـ”النهار” الرئيس حسين الحسيني. فالرئيس السابق للمجلس الذي يُعتبر أبا اتفاق الطائف والذي يعرف قطبه المخفية وغير المخفية، يبدي مآخذه على نص الرسالة كما على خطوة الرئيس بري إرجاء مناقشتها. ويقول كلاما قاسيا عن الرسالة يرقى في رأيه الى مستوى “تزوير” مضمون المادة الدستورية التي أثيرت على خلفية رفض رئيس الجمهورية إدراج المادة 80 في الموازنة المتعلقة بموظفين ناجحين في الخدمة المدنية، وذلك من خلال إدخال تفسيرات لم تلحظها في الاصل، بهدف إعطائها بعدا مستقبليا في رأيه. يعود الحسيني الى الدستور ونصوصه، فيقرأ في المادة 95 أن “على مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين اتخاذ الاجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية، وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، تضم بالاضافة الى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية. ومهمة الهيئة اقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية. وفي النص الاصلي لهذه المادة سقطت كلمة “السياسية” من عبارة “الطائفية السياسية”، وسقوطها، وفق الرئيس الحسيني، حصل سهوا، ولذلك استدرك الرئيس سليم الحص الأمر إبّان ترؤسه الحكومة عام 1998، حيث سقطت كلمة “السياسية” ايضا من بيانه الوزاري، ليعود ويصحهها في مناقشة البيان الوزاري لحكومته ويشرح لماذا يجب ان تترافق كلمة “السياسية” مع “إلغاء الطائفية”، ولا تكون هذه الكلمة وحدها. واذ يعرض الحسيني النصوص الاصلية للمادة 95 قبل تعديلها في اتفاق الطائف، والتي كان نصها وفق الآتي: “بصورة موقتة، وعملا بالمادة الاولى من صك الانتداب، والتماسا للعدل والوفاق، تمثل الطوائف بصورة عادلة في الوظائف العامة وتشكيل الوزارة من دون أن يؤول ذلك الى الإضرار بمصلحة الدولة”. فإن معالجة الخلل المتعلق بأن “تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة” كانت لأمرين احدهما هو تمثيل الشيعة الذين كانوا يعطون ممثلا أقل من السنة وتمثيل الارمن”. وتمثيل الطوائف في مجلس الوزراء كان في جوهر مقتضيات الوفاق الوطني من اجل منع الإقصاء.
يشرح الحسيني أمرين في موضوع الرسالة الرئاسية، أحدها هو الخلط بين الخطة المرحلية لالغاء الطائفية السياسية والمرحلة الانتقالية التي تبدأ فورا، في حين أن الخطة المرحلية تبدأ بعد تشكيل الهيئة لإلغاء الطائفية السياسية والتي لم تشكل بعد. لكن إلغاء طائفية الوظيفة بدأ حين بدأت الاصلاحات الدستورية ونشر الدستور. والأمر الآخر حين تورد الرسالة الرئاسية إضافات تفسيرية على نحو غير موجود في نص المادة 95. إذ أورد نص الرسالة ما يأتي: “بما أن المادة 95 من الدستور تلحظ خطة مرحلية تؤدي الى إلغاء الطائفية (حيث لا يختصر الالغاء على الطائفية السياسية) وهذه الـ”حيث” ليست موجودة في النص الاصلي، بل هي اجتهاد في غير محله لان الرئيس الحص كان صحح ان كلمة الطائفية ليست موجودة وحدها. ويتابع نص الرسالة: “المرحلة الانتقالية تلغى خلالها قاعدة التمثيل الطائفي (بحيث) يعتمد الاختصاص والكفاية في الوظائف العامة وفقا لمقتضيات الوفاق الوطني. واضافة كلمة (بحيث) في رأي الرئيس الحسيني يراد منها القول إن هذه المرحلة لم تطبق بعد، وهذا غير صحيح.
ويرى الحسيني ان الرئيس بري يعتبر انه حصل من الرئيس عون على اعتراف بمرجعية مجلس النواب في تفسير الدستور، في حين ان رئيس الجمهورية يتخطى حدوده باقتراح تفسير الدستور لان التفسير ينطوي على تعديل. وهذا ليس هو المسار من اجل طلب تعديل الدستور الذي يتطلب موافقة ثلثي مجلس الوزراء بداية، بحيث يخولون الحكومة أن ترسل مشروعا لتعديل الدستور تلحق بها خطوات اخرى بحيث هناك صعوبة متعمدة ومقصودة في هذا الاطار. ويقرأ الرئيس السابق من النظام الداخلي لمجلس النواب ما يفترض أن يبادر رئيس مجلس النواب الى دعوة المجلس الى الانعقاد في خلال ثلاثة ايام من تاريخ ابلاغه رغبة رئيس الجمهورية بتوجيه رسالة الى مجلس النواب سواء عبر رئاسة المجلس او مباشرة. إذ لم ينص النظام الداخلي على وجود دورة استثنائية او دورة عادية من اجل تحديد موعد لتلاوة هذه الرسالة، إذ “عندما يرغب رئيس الجمهورية ان يوجه رسالة الى مجلس النواب عملا باحكام الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور تطبق الاجراءات الاتية: اذا كانت رسالة رئيس الجمهورية يبادر رئيس المجلس الى دعوة المجلس الى الانعقاد خلال ثلاثة ايام من تاريخ ابلاغه رغبة رئيس الجمهورية”. اذ ان صاحب الرسالة هو رئيس الدولة، وتاليا ينبغي دعوة المجلس فورا. ويروي الحسيني الخلفية وراء هذه المادة.
لكن مع التصعيد في حادث البساتين وجد كثر حكمة في إرجاء بري تلاوة الرسالة الى تشرين الاول المقبل لان طلب التفسير الذي يعني التعديل كما قال الرئيس الحسيني يمكن ان يفتح بابا على ازمة كبرى ايضا.