Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر September 14, 2023
A A A
مفتاح الانتخابات عند السنّة… والسعودية مع إعادة التوازن وانتظام الدستور
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

يأتي استقبال السفير السعودي وليد بخاري للنواب السنّة اليوم بحضور الموفد الفرنسي جان – إيف لودريان ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بعد التمديد له في خضم تخبط مختلف الكتل النيابية والمكونات الطائفية التي لم تتمكن حتى الآن من انتخاب رئيس للجمهورية. ويُعقد اللقاء في اطار عملية اعادة التوازن السياسي في البلد بعد ما خلّفته الانتخابات النيابية عند السنّة وتوزع نوابهم الـ 27 على جبهات عدة ومتنوعة: تقليدية ومستقلة و”تغييرية” و”ممانعة” في مشهد عرفته الطائفة قبل الطائف من الشمال الى الجنوب والبقاع مرورا بالثقل الانتخابي لها في بيروت. وتبدلت هذه الصورة بعد سطوع نجم الرئيس الشهيد رفيق الحريري في اوائل التسعينات. وتوصف خطوة المملكة في جمع النواب السنّة بـ “الذكية والمدروسة” في هذا التوقيت بعد التلاقي الفرنسي – السعودي في المجموعة “الخماسية” وما لم تقدر عليه باريس في جمع اطياف هذا المكون النيابي تعمل الرياض على تحقيقه، علماً ان افرقاء الطائفة من البرلمانيين سيلتقون بحسب توزع كتلهم الى المستقلين وتقديم وجهات نظرهم امام لودريان، مع التذكير بان غالبيتهم أيدت دعوة الرئيس نبيه بري الى الحوار. وبحسب المعلومات سيتم اللقاء على دفعتين حيث سيجتمع النواب ودريان اولاً على ان يلتقوا جميعهم لودريان الذي التقى المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا بحضور بخاري في باريس. وتريد المملكة توجيه رسالة تحمل دلالات عدة وهي انها لن تترك لبنان وتبقى الجهة الخارجية الاولى صاحبة التأثير الاول على هذا المكون منذ عقود عدة. وتحرص المملكة مع السنّة ومساندتها لهم على ابقاء انتظام الدولة اللبنانية وتأكيدها على هذه المسلّمة. وتستمر على هذا المنوال ولو اختلفت مقارباتها ومراجعاتها حيال لبنان. وستجمع اليوم تحت سقف واحد التنوع النيابي السني من أشرف ريفي في طرابلس وفؤاد مخزومي في بيروت وبلال عبدالله في الشوف الى قاسم هاشم في مرجعيون وما بينهم من آراء وخلافات حيال رئاسة الجمهورية وسواها من الملفات.

وفي لحظة تكثر فيها الاسئلة عن غياب السعودية عن المسرح اللبناني رغم موقعها الكبير في “الخماسية”، فانها تريد القول اليوم لكل من يعنيه الامر من أهل السنّة وغيرهم من الطوائف بأنها لا تريد الا الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام عمل المؤسسات الدستورية والنظام في بلد خبرته القيادة في المملكة جيداً، وكانت اكثر بصماته وضوحاً في اتفاق الطائف في أواخر الثمانينات ولا تزال الى اليوم حريصة على تطبيق بنوده ومندرجاته والتحذير من المسّ بهذه الوثيقة. وتريد ايضاً اثبات انها تلعب دوراً اساسياً في لبنان ولو كانت على غرار مراسها الديبلوماسي بعدم استهواء الضجيج الاعلامي. وينظر العدد الاكبر من النواب السنّة الى هذا اللقاء بـ”ايجابية عالية”، ولا سيما انه يأتي بعد الاتصالات الاخيرة بين المسؤولين السعوديين والفرنسيين في باريس، وبعد صدور اصوات لبنانية عدة طوال اشهر الشغور في الرئاسة الاولى: أين المملكة واين النواب السنّة من الاستحقاق؟ في وقت يتم تناول استحقاق الانتخابات بصورة مكثفة على مستوى القيادات المارونية والشيعية والدرزية من دون التوقف عند حجم جود 27 نائباً سنياً يمكن ان تكون لهم كلمتهم اولا في تحديد نصاب أي جلسة انتخابية، فضلا عن حسم كفة اي مرشح يُكتب له الحظ بالوصول الى قصر بعبدا.

وربطاً بدعوة بري الى الحوار وتلقّيه الدعم المطلوب من لودريان، تقول معلومات ان لدى السعودية تحفظاً عن هذه الطاولة مع خشيتها من ان تتخطى بند الانتخابات الرئاسية، لأن طروحات بعض الجهات ولا سيما من طرف “التيار الوطني الحر” لا تدعو الى الاطمئنان. ولا يغيب عنها التذكير بضرورة الحفاظ على الطائف الذي تعتبره المظلة الدستورية لكل اللبنانيين. وثمة من ذهب الى القول انه من الصعب محاسبة اي رئيس عندما يصل الى سدة الرئاسة رغم كل التعهدات التي يقدمها على عكس حال رئيس الحكومة الذي تجري محاسبته كل يوم على مدار ست سنوات من ولاية الاول، وان الخطأ ممنوع سواء جاء من السنّة او غيرهم في اختيار رئيس البلاد. وبعد تبيان كلام بري وتأكيد لودريان لشكل الحوار لن تعارض السعودية أي مسعى حواري اذا كان الهدف سيؤدي وينتج بالفعل انتخاب رئيس. ويقول نواب سنّة ان ميزتهم في تنوعهم وانهم على مختلف مشاربهم لن يقصروا في تلبية دعوة بخاري والاستماع الى لودريان في ظل كل هذه البلوكات المذهبية والطائفية والنيابية التي ترافق عملية الانتخاب المتعثرة الى اليوم. ويصف نائب صيدا عبد الرحمن البزري دعوة بخاري لـ”النهار” بأنها “تحمل جملة نقاط ايجابية والاطلاع على حقيقة ما يدور لدى المجموعة الخماسية المواكِبة لانتخاب رئيس الجمهورية. وتبقى السعودية الدولة الشقيقة للبنان والعاملة على خط خروجه من أزمته، وان هذه الخطوة منسقة مع الفرنسيين. ويمكن الاستفادة منهم لتعزيز الاتصالات مع جميع الافرقاء بغية التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية وعدم الاستمرار في الشغور الحاصل وما يجرّه من ازمات على كل البلد”.

وبالعودة الى تاريخ المملكة مع سنّة لبنان ووقوفها الى جانبهم، يظهر ان هذا الدور استمر ولم يتراجع الا قليلا ابان المدّ الناصري في بيروت والبيئات السنية في المناطق ايام السفير المصري عبد الحميد غالب، واستمرت الاولى في دعمها الدولة اللبنانية بكل مكوناتها قبل الطائف وبعده ولو كان زعماء السنّة على خلافات مع رؤساء الجمهورية.