Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر August 13, 2024
A A A
مفاوضات الدوحة: تهدئة أم حرب شاملة؟ الثنائي الشيعي يتحسب لـ”التصعيد الكبير”
الكاتب: رضوان عقيل - النهار

لا أحد من أطراف المواجهات العسكرية المفتوحة في المنطقة والعواصم الساعية إلى وقف النار قبل اشتعال فتيل الحرب الكبرى، يمكنه حسم ما ستخلص إليه مفاوضات الخميس المقبل في الدوحة بمشاركة الثالوث الأميركي – القطري -المصري، الدول المواكبة لمسار كل جولات التفاوض الأخيرة التي انتهت إلى مزيد من الفشل وحمامات الدم جراء التعنت الإسرائيلي.

وبعد تصفية إسرائيل القيادي في “حماس” إسماعيل هنية والمسؤول العسكري في الحزب فؤاد شكر، ازداد المشهد تعقيدا ولا سيما مع رفع الشروط من المعنيين بهذه المواجهة بعد دخول طهران مباشرة على الخط، وبعدما وصلت الأمور إلى حافة حرب شاملة.

تسارع واشنطن والدوحة والقاهرة إلى وضع كل ما تملكه على طاولة المفاوضات، في حضور كبار المسؤولين الأمنيين والديبلوماسيين، فضلا عن مشاركة ممثلين لتل أبيب و”حماس”، ولو أنهم لا يجتمعون تحت سقف غرفة واحدة، إلا أن كل طرف منهما، وهما لبّ المواجهة، يدرك أنه غير قادر على الاستمرار بهذه المقاربة، مع تعويل فلسطيني على دور القطريين أولا في لجم نتنياهو من خلال علاقاتهم الجيدة مع الأميركيين. وإذا كانت إسرائيل تقدر على الدخول في حرب أكبر، فإن جيشها ومجتمعها يشهدان مزيدا من المشكلات والضغوط الشعبية على أكثر من صعيد.

 

أين لبنان من المشهد؟
لا يختلف اثنان على أن من مصلحة لبنان نجاح هذه الطبعة من مفاوضات الدوحة، والتي ستكون لها ارتدادات إيجابية على جبهة الجنوب، ولو أن لا ضمانات من إسرائيل بإنهاء حربها، مع التوقف بالطبع عند رد طهران والحزب وأين سيكون وما هي طبيعته؟

يعول مرجع لبناني على مفاوضات الخميس، شرط ألا يتنصل بنيامين نتنياهو من نتائجها على غرار تجارب سابقة له، “وإذا لم تنجح العواصم المعنية في هذه الجولة فستبقى الأمور مفتوحة على كل التوقعات إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية”.

ولذلك تبقى محطة الدوحة محل تدقيق ومتابعة لدى الثنائي الرئيس نبيه بري و”حزب الله”، إذ يراقب الأخير بعناية كل الاتصالات الجارية ولو أن التركيز الأكبر عند رأس قيادته ينصب على الميدان العسكري وتطوراته، فهو لا يثق بالإدارة الإسرائيلية ما لم تمارَس عليها الضغوط من واشنطن. وهذا ما لا يراه الحزب بهذه السهولة. ولذلك من غير المستغرب أن يكون “الثنائي” أكثر من حذر في تعامله مع مفاوضات الدوحة القادرة على إحداث خرق إذا تم التعاطي بجدية حيال نتنياهو ومنعه من استمراره في مسلسل حربه ومجازره المفتوحة وخصوصا في غزة. ويتوقف هذا الأمر على مدى قدرة إدارة الرئيس جو بايدن على وضع شروطه وتدخله بقوة إذا استطاع، على عكس المرات السابقة حيث لم تترجم بنود أي صفقة، وبقيت حبرا على ورق.

وإذا لم تثمر المفاوضات المنتظرة أي تطور إيجابي واستمرت تل أبيب في حربها، فهذا يعني أن نتنياهو سيفقد صدقيته تماما أمام مجتمعه وعائلات الأسرى الإسرائيليين لدى “كتائب القسام”، وسيزداد مشهد المواجهات سخونة في انتظار تطورات الميدان في غزة والجنوب وحسم نتائج الانتخابات الأميركية بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري.

ويرى “الثنائي” هنا، من دون التكهن بطبيعة رد الحزب وإيران، أنه ما لم تأت مفاوضات الدوحة بالجدوى المطلوبة والتوصل إلى وقف لأعمال الحرب في غزة أولا، فستتجه المنطقة كلها إلى تصعيد كبير إذا فشلت الاتصالات الديبلوماسية. وثمة شبه إجماع في لبنان والدول المعنية بالمفاوضات على أن نتنياهو هو الجهة الأولى القادرة على جر المنطقة إلى حرب شاملة.

وتعول الديبلوماسية في الدوحة على إمكان إحداث خرق في المفاوضات التي تستضيفها لتطبيق مبادرة بايدن، ولا سيما أن العالم، على مستوى الشعوب أكثر من الحكومات، ينتفض لمجازر إسرائيل وتحديدا بعد جريمة مدرسة التابعين. والحال أن قرار التهدئة في يد نتنياهو أولا، ولا سيما بعد تمكنه من قتل اسماعيل هنية وما يمثله عند الفلسطينيين. وما لم يتم تلقف هذه المفاوضات فإن الامور تتجه نحو مزيد من الاستنزاف ودخول المنطقة في حرب طويلة الأمد.

ويتوقف المتابعون عند عدم قدرة إسرائيل على تكرار تجربتها الدموية في غزة في جنوب لبنان، وعجزها عن اجتياحه إذا اقدمت على الدخول في حرب شاملة، كذلك لا يمكنها القضاء على “حزب الله” ولا تأديب إيران.

ولا تختلف التحذيرات القطرية عن مثيلاتها لدى البلدان العربية التي ترى أن ليس من مصلحة الأميركيين عموما، بصرف النظر عن الحزب الذي سيتسلم السلطة في البيت الأبيض بعد الانتخابات الرئاسية، مواصلة هذا “الدلال” لإسرائيل، لأن الأمر لن يصب في مصلحتهم مستقبلا.