Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر August 16, 2016
A A A
معلومات حساسة عن علم الاميركيين مسبقاً بالمحاولة الانقلابية
الكاتب: ياسر الحريري - الديار

ما تزال قضية محاولة الانقلاب الفاشلة على الرئيس التركي محل متابعة لدى مختلف دوائر العمل السياسي والديبلوماسي وتداعياتها على المنطقة بأسرها وفي هذا المجال لم تخف الصحف الغربية دهشتها بل وامتعاضها من زيارة الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان الى روسيا، واخر مواقفه من الادارة الاميركية، وفي الوقت ظاته لا يعتقد قادة محور المقاومة ان هناك انعطافة استراتيجية لاردوغان في الملف السوري ودعم الجماعات التكفيرية التي تتخذ من تركيا جغرافيا لحركتها اللوجستية والعسكرية.

لكن وفق ما كشفت عنه مصادر ديبلوماسية شرق اوسطية في لبنان حول آخر ما جرى ابّان محاولة الانقلاب في تركيا ضدّ اردوغان، وهو امر خطر جداً، فتكشف المصادر الديبلوماسية ان  هناك حالة من عدم حالة من عدم الرضى لدى الغرب من التقارب التركي – الروسي، وخصوصا أنه يأتي في وقت تشهد فيه العلاقات التركية – الأميركية أسوأ مراحلها، على خلفية موقف الأميركيين من المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا. فبينما سارع الرئيس الروسي فلاديميير بوتين  والرئيس الايراني حسن روحاني إلى الاتصال بأردوغان بعد ساعات قليلة من المحاولة الانقلابية، تريث البيت الابيض والقادة الأوروبيون كثيرًا في الاتصال او اعلان موقف للمحاولة الانقلابية، وبدا انهم ينتظرون مآل الامور، ثم جاءت تصريحاتهم مقتضبة وغير واضحة.

تضيف المصادر الديبلوماسية الشرق اوسطية في بيروت، ان الجانب التركي يسجل على الأميركيين عدة مواقف لا يمكن تسميتها بالصديقة، منها على سبيل المثال لا الحصر، سكوت الاميركيون وعدم إدانتهم للانقلاب منذ اللحظات الأولى، وعدم تعاونهم في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية بالرغم من وجود أدلة قوية تشير إلى علم المخابرات الأميركية بالمحاولة الانقلابية، وتأدية قاعدة «إنجيرليك» دورا محوريًا في عملية الانقلاب، ووجود أحد أهم رجال المخابرات الأميركية في جزيرة (بيوك أضا) التي تقطنها الأقلية اليهودية، وقيامه باتصالات مع بعض الشخصيات المناهضة لاردوغان و للحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية، ثم تصريحات بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين، التي فهم منها أنهم آسفون وقلقون من فشل المحاولة الانقلابية.

هذا بالإضافة إلى تملص الادارة الاميركية من تطبيق اتفاقية تبادل المجرمين، بين انقرة وواشنطن وتسليم فتح الله غولن المتهم الأول من قبل رجب الطيب اردوغان  بتدبير المحاولة الانقلابية، وتذرعهم بحجج كانت بالنسبة للرئاسة التركية واهية غير مقنعة.

المواقف الأوروبية لم تكن بعيدة ولا مختلفة عن الموقف الأميركي… «الإندبندت» كتبت: «السلطان ذهب إلى قصر القيصر في عبارة لا تخلو من الاستخفاف»، أما الصحف الألمانية فكانت الأكثر شراسة، فقد كتبت «ديرشبيغل» عن «وجوب إعادة النظر في عضوية تركيا في حلف الناتو، إن هي بنت علاقات استراتيجية مع روسيا».

واضح أن لعب تركيا سياسة التوازنات الاستراتيجية، تضيف المصادر، والتفاف الشعب التركي نحو الرئيس أردوغان تحديدًا، في مشهد أعاد للأذهان بعض الصور التاريخية التي لا تروق الغرب، ثم موقف أحزاب المعارضة الواضح الرافض للانقلاب، مما اعتبرته الادارة التركية ان الاوروبيين يريدون التخلص من اردوغان الذين يعتبرونه يبتزهم في ملف اللاجئين السوريين، وقد ابرمت اتفاقات كانت اوروبا مجبرة عليها مع اردوغان منها المليارات من الدولارات، اضافة الى امتيازات للمواطنيين الاتراك اسوة بالمواطنيين الاوروبين، وكل ذلك كيلا يفتح اردوغان الطريق للمزيد من اللاجئين السوريين بالتوجه الى العواصم الاوروبية، فكانت لحظة الانقلاب فرصة لاوروبا ان نجحت؟

يضاف الى هذا الامر وفق ما تقوله المصادر الديبلوماسية نفسها، ان اردوغان منزعج جداً من الدعم الاميركي للاكراد في سوريا وهو يملك معلومات ان الادارة الاميركية تعدهم بحكم ذاتي على غرار الحكم الذاتي في العراق فتصبح تركيا مطوقة من حكمين ذاتيين كرديين في شمال العراق وشمال سوريا، ما يعتبره اردوغان وكل مواطن تركي تهديداً امنياً واقتصادياً وبشرياً استراتيجياً لامن الدولة التركية. فيما من هم في خانة غير الحلفاء مثل ايران روسيا، لا يؤيدون وجهة النظر الاميركية في الحكم الذاتي الكردي لمصالحهما الاستراتيجية.
بالطبع هذا الوضع الاقليمي المستجد لن يؤثر فقط بتركيا، تقول المصادر،  بل له انعكاسات اقليمية ودولية على كل دول جوار تركيا من روسيا الى ايران الى سوريا، بل الى لبنان واماكن اخرى من العالم. وهو ما يستدعي اعادة قراءة متأنية لما يخطط لتركيا وفق النظرة الاردوغانية، الذي بدت وكأن واشنطن تتخلى عن حليفها التركي (الاسلامي المعتدل) وصاحب مشروع الاسلام المعتدل منذ «حكاية الربيع العربي».

ان كل هذه الامور في رأي المصادر لها تداعياتها السياسية على مختلف الدول العربية وتحديداً سوريا والاردن ولبنان والعراق وتمتد الى ايران وفلسطين، وهذا ما يجب انتظاره وانتظار نتائجه وما ستؤول اليه الامور.