Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر March 15, 2018
A A A
معركة حصد الأصوات غابت الأهداف وحضرت المصالح
الكاتب: سابين عويس - النهار

لم يكن أصدق من النائب وائل أبو فاعور في التعبير عن صورة الانتخابات النيابية وتحالفاتها السياسية، عندما قال في تصريح تلفزيوني قبل ايام ان التحالفات محكومة بتحقيق المكاسب في الدرجة الاولى، وان كل فريق يعمل من اجل كسب اكبر عدد ممكن من النواب. والمفارقة ان هذا الواقع لا ينطبق بالفعل الا على فريق الرابع عشر من آذار الذي حلت امس ذكراه الثالثة عشرة، وسط تفتت وتشرذم قضيا على آخر بارقة امل لدى جمهوره بإمكان احياء الحركة السيادية الاستقلالية.

حتى الجهود السعودية والاميركية والأوروبية لم تنجح في لملمة صفوف الفريق، أو على الاقل طَيّ صفحة الخلافات التي أدت الى موت هذا التحالف، فتراجعت مع هذا الموت حظوظ حماية المكتسبات المحققة، او تحقيق الاهداف التي انبثقت من رحمها الحركة الاستقلالية. والقلق الكبير الذي يقض جمهور هذه الحركة، كما الراعيين الاقليميين والدوليين لها، يكمن في أن تأتي الانتخابات المقبلة بنتائج تشكل المسمار الاخير في النعش السيادي. ذلك ان الجهود الدولية الاخيرة تمحورت على جمع القوى الآذارية من أجل تحقيق التوازن المطلوب في مواجهة تحالف ٨ آذار بقيادة حزب الله، مع إدراك كلي أن هذه القوى خسرت أكثريتها بعدما فقدت عصبها وتشتتت أهدافها. والمفارقة، خلافا لرأي رئيس المجلس الذي نعى قبل ايام فريقي 8 و14 آذار على السواء، ان تحالف 8 آذار لا يزال صامدا بقوة الحزب وحمايته لحلفائه فيه، بدءا من الحليف الشيعي الذي يشكل الركن الأساسي في ثنائية الطائفة، والمقصود به حركة امل بقيادة الرئيس بري، وصولا الى رئيس الجمهورية وتياره السياسي، مرورا بزعيم “المرده” سليمان فرنجيه وغيره من القوى التي لا تزال ملتزمة خط الحزب تحت شعار “خيار المقاومة”.

هكذا، تفرق عشاق الامس، وبات كل فريق منهم يغني على ليل مصالحه وحساباته وأجندته، رغم ان هذا الواقع لم يخلق الا الارباك والإخفاق في نسج التحالفات والإفادة مما يمكن ان يمنحه كل فريق لحليفه على الارض التي يسيطر عليها. وقد جاء مهرجان “القوات اللبنانية” امس ليؤكد هذا الافتراق، ولا سيما في العناوين السياسية، بعدما رفعت القوات سقف عناوينها لتتناول السيادة والسلاح غير الشرعي، فيما غابت مسألة السلاح عن خطاب الحريري في البيال قبل أيام.

ولا تقف الأزمة عند هذا الحد، بل تتخطاها الى أزمة أكثر خطورة فضحتها المصالح الانتخابية نتيجة عمليات نقل بندقية غير خافية على أحد، ولا سيما في صفوف مرشحي “المستقبل” الذين شكل الإعلان عنهم مفاجآت كبيرة في اوساط الجمهور “المستقبلي” كما في الاوساط الشعبية الاخرى، فيما لم تشكل تلك الأسماء مفاجأة للأوساط السياسية المراقبة التي توقعت حصول مثل هذه الانعطافات بعد التسوية السياسية التي سار بها زعيم “المستقبل” الرئيس سعد الحريري، ووسط توقعات بتراجع حجم الكتلة النيابية للتيار الازرق بفعل القانون الجديد.

وعليه، تستبعد الاوساط المراقبة أن تتبلور صورة التحالفات الانتخابية قبل أيام قليلة من انتهاء مهلة تسجيل اللوائح.

وفي حين أعلنت القوات اللبنانية في احتفال اسماء مرشحيها الحزبيين والمتحالفين المستقلين معها، يتريث التيار الوطني الحر في اعلان اسماء مرشحيه، في خطوة وُضعت في إطار التنسيق مع تيار المستقبل وما ستفضي اليه المفاوضات الجارية بين “التيار” و”القوات”. علما ان المعلومات المتوافرة لا تشي باحتمال حصول تقدم مهم على هذا الصعيد.

اما على الضفة الكتائبية، فقد بدا واضحا الارباك الذي يعيش فيه الحزب في ظل التضارب الحاصل بين مصالحه الانتخابية في التحالف مع “القوات” والشعارات التي اطلقها والداعية الى رفض التحالف مع احزاب السلطة. ويسعى الحزب حاليا الى احتواء ارتدادات تحالفه مع “القوات” في كل من زحلة وبيروت، والذي جاء قسريا، قبل ان ينطلق نحو خطوة الاعلان عن تحالفاته اعتبارا من الاسبوع المقبل، وستكون باكورتها عاليه – بعبدا، ثم كسروان – جبيل التي لا تزال المفاوضات جارية في شأنها حيال المرشحين الذين سينضمون الى اللائحة، خصوصا في ظل ما يتردد عن مفاوضات جارية مع فريد هيكل الخازن الذي يشترط انضمام النائب جيلبرت زوين ويوسف الخليل.

في أي حال، لا تزال المفاوضات جارية ولم تنته بعد الى نتيجة، لكنها لن تتأخر كثيرا، خصوصا أن الوقت الفاصل عن 26 آذار بات داهما لكل القوى لإنجاز تفاهماتها الانتخابية.