Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر October 14, 2019
A A A
مطلوب تنفيذ المادة 95 وليس الخلاف على تفسيرها…
الكاتب: اميل خوري - النهار

وَرَدَ في البيان الوزاري لحكومة الاستقلال الأولى برئاسة الزعيم الوطني رياض الصلح أن “من أسس الاصلاح التي تقتضيها مصلحة لبنان العليا معالجة الطائفية والقضاء على مساوئها. وقد شهدنا كيف أنها، في معظم الأحيان، أداة لكفالة المنافع الخاصة، وأداة لإيهان الحياة الوطنية، ونحن واثقون أنه متى غمر الشعب الشعور الوطني، فإنه يُقبل بطمأنينة على الغاء النظام الطائفي المضعف للوطن”. وأضاف البيان: “إن الساعة التي يمكن فيها الغاء الطائفية هي ساعة يقظة وطنية شاملة مباركة في تاريخ لبنان، وسنسعى لكي تكون هذه الساعة قريبة بإذن الله”.
لكن هذه الساعة لم تكن، ويا للأسف، قريبة بل كانت ولا تزال بعيدة. فمن أيلول 1943 الى تشرين الأول 2019، لم يتم التوصل الى اتفاق على الغاء الطائفية السياسية، لا بل زاد الشعور بها وتراجع الشعور الوطني. لذلك فإن المطلوب ليس تفسير المادة 95 من الدستور، إنما وضع آلية لتنفيذها وذلك بالاتفاق على تشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية تضم، الى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية، مهمتها دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بالغاء الطائفية وتقديمها الى مجلسي النواب والوزراء. وفي المرحلة الانتقالية تمثّل الطوائف بصورة عادلة في تأليف الحكومة وتُلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويُعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة ووفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني، باستثناء وظائف الفئة الأولى منها وما يعادل هذه الفئة، وتكون الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين من دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة.
إن هذه المرحلة الانتقالية طالت وظل العمل بها ما يقارب الـ76 عاماً وذلك في انتظار الاتفاق على الغاء الطائفية التي لم تُلغَ حتى الآن، ولكن لم يحصل خلاف على تفسير المادة 95 خلال المرحلة الانتقالية الى الآن…
لذلك فإن الغاء الطائفية السياسية يبدأ بتشكيل الهيئة الوطنية خلال الجلسة المخصصة لتفسير المادة 95 وعدم الاكتفاء بمناقضة تفسيرها وما قد يثير من خلاف. وعندما تُلغى الطائفية يكون لبنان قد اقترب من إقامة الدولة المدنية، ومن انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، ومن انتخاب مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية.
يقول النائب السابق ادمون رزق في حديث له: “إن الغاء الطائفية السياسية عندما نوقش في لقاءات الطائف، كان الهدف واضحاً وهو العبور الى المواطنة. لكن المشكلة هي في الانقلاب على الطائف وعدم تنفيذه. فلو تم تنفيذه لما كنا وصلنا الى هذه المرحلة من التخبط، لأن الذين يتسلمون الدفة اليوم لا يملكون ثقافة الطائف. لقد ارتأى رئيس الجمهورية توجيه رسالة الى مجلس النواب طالباً تفسير المادة 95، فلو ان الطائف طُبّق كاملاً لما كان لهذه الاشكالات وجود، ولا الوصول الى ما وصلنا اليه اليوم. فعلى مجلس النواب عند مناقشة رسالة رئيس الجمهورية أن يتحلّى بالرحابة والوعي كي لا تكون مناسبة للمواجهات الطائفية والمذهبية”.
وللقاضي بمنصب الشرف المحامي سجيع الأعور مقال تحت عنوان: “الطائفية السياسية والعدّة القانونية لالغائها” جاء فيه: “إن المرحلة الانتقالية الواردة في المادة 95 من الدستور تتطلب الاتفاق بين القيادات السياسية والدينية على مبدأ الالغاء وتحديد مواعيد زمنية لهذا العمل، والموافقة على تعديل بعض مواد الدستور المتعلقة باعتبار الطائفية والمذهبية أساساً للحكم الحاضر، وإصدار قانون خاص يتعلق بالزواج المدني الاختياري، ووضع كتاب موحّد للتربية والتاريخ يُدرَّس في كل المدارس”.
الواقع أن ما يحول حتى الآن دون الغاء الطائفية السياسية هو عدم الاتفاق على الزواج المدني الاختياري لأنه يشكل خطوة مهمة على طريق الغاء الطائفية السياسية من النفوس قبل النصوص…