Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر March 23, 2018
A A A
مطبّات قانون التفضيلي وتفشّي الفساد!
الكاتب: الياس الديري - النهار

المرحلة اللبنانية الآن مرحلة انتخابات نيابيَّة، قد تكون مُثقلة بالمفاجآت. مثلما هي مرحلة مؤتمرات إنقاذيَّة، هبّت في سبيلها إحدى وأربعون دولة. وفي الطليعة دائماً “الأم الحنون”.

الكلام عن قانون النسبيَّة والصوت التفضيلي لا يفيد الآن. إلا أن عدد المنتقدين والنادمين في تصاعد. معظم هؤلاء كانوا في مقدمة المطبّلين والمزمِّرين. بل بينهم من كان قد أشبع القانون الجديد مديحاً، وفي الوقت نفسه رجم الستين وساعته على كل شفة ولسان.

لطالما سمعنا وقرأنا في حينه “إن أي قانون أفضل من الستين”… الى أن رزقوا “توأماً” بولادة النسبي والتفضيلي، ليبدأ تحليش الشعور ولعن تلك الساعة، ولات ساعة مندم.

كثيرون هم الذين يأكلون أصابعهم ندامة. إلا أن ما كُتِبَ قد كُتِبَ. والمسألة، في جوهرها، ليست محصورة بالقانون ومفاجعاته. إنما هي لا تزال تتجوَّل في ربوع الوضع المهترئ الذي تآكله الفساد، لا الصدأ. ولا يزال الفلتان والتسيُّب سيّدي الساحة. ولا تزال الدولة بمعظم مؤسّساتها تلك البقرة الحلوب التي أعلن الرئيس المرحوم الياس الهراوي أن ضرعها قد جَفّ.

وكان ذلك منذ نيّف وعشرين سنة. ولكن كأننا لا نزال هناك عند تلك اللحظة وتلك الصرخة التي أطلقها أول رئيس للجمهورية بعد العودة من شهر الطائف. فالحلّابون ما زالوا يطوّقون الضرع الجاف، ويصطادون الفرص والمناسبات التي أوصلت لبنان الى شفير الهاوية.

صحيح أن الفساد في لبنان ليس ابن البارحة، وأن الفاسدين ليسوا أغراباً أو مجهولين، إلا أن انهيار الدولة، وتسيُّب المؤسَّسات، واختفاء القانون والعقاب، هذا كله جعل الساحة مستسلمة للفاحشين.

وهنا يجدر بنا تذكير الكبار والطاعنين كما الأجيال الجديدة بأن الفساد بعينه هو الذي طيَّر عهد الرئيس بشارة الخوري، أول رئيس لجمهورية الاستقلال التام والناجز.

بالطبع والتأكيد ليس المطلوب من قانون الانتخاب أن يتولى بنفسه مهمّة تنظيف لبنان من تجار الفساد، إنما قد تكون مهمة كهذه في ظروف كهذه تنتظر مبادرة من الرئيس القوي ميشال عون الذي راهن اللبنانيون على أن عهده سيكسر اليد التي تمتد الى المال العام، ويرد كل من يخالف القانونين ويحاول استغلال فرص التسيّب والفلتان.

مع الاعتقاد، بل الاقتناع، أن لا تسيُّب ولا فلتان بعد وصول الرئيس عون الى قصر بعبدا، مزوداً بدعم عربي كبير، وبمساعدات دوليَّة بحجم لم يسبق له مثيل.

فثلاثي الفساد والتسيّب والفلتان ما زال يطوّق المصلحة العامة بأطماعه وأساليبه التي تجاوزت كل ما هو مألوف ومعروف. ومن غير التوقف طويلاً عند الزبالة والكهرباء والأضرار الجسيمة التي ضربت الأجواء والينابيع والأنهر والشواطئ الممتدة من النهر الكبير الى الناقورة.

حتماً، لا يتوقع أحدٌ منا أن تتحقّق معجزة الإنقاذ الآن. فالانتخابات باسطة نفوذها على الجغرافيا قبل الناس. إنما ليس قليلاً أو عادياً أن يعلن السيّد حسن نصرالله الحرب على الفساد، مؤكداً أنه ينوي تشكيل إطار تنظيمي يشرف عليه شخصياً بصدد الفساد… مع تأكيده عدم الموافقة على أية تلزيمات بالتراضي.

الفساد نخر كل الموازنات، وكل الحقول والميادين، فلنعلن الحرب عليه وعلى “جيشه”.