Beirut weather 12.99 ° C
تاريخ النشر January 27, 2025
A A A
مصير الودائع ينتظر وعود العهد الجديد… “عفا الله عما مضى” أو إعادة الأموال؟
الكاتب: سلوى بعلبكي - النهار

أعد مصرف لبنان دراسة مفصلة عن المودعين والودائع، وحدد تلك التي حظيت بفوائد فاحشة لا تتناسب مع المعدلات العالمية.

مصادر متابعة تؤكد أن “العودة بلبنان إلى سابق عهده لا تمر بتقسيط الحلول، بل بوضعها دفعة واحدة على طاولة البحث والتخطيط، والشروع فورا في بناء تصور إستراتيجي موحد لا يترك أزمة خارج سلة الحلول، وهو ما يعيد إلى الدولة دورها ومركزيتها في اجتراح الحلول وإنقاذ ما تبقى”.

 

عناوين كثيرة تبدو صالحة لمشاريع الحلول المطروحة أو قيد الإعداد لمعضلة الودائع، ولأزمة احتجاز أكبر رأسمال نقدي يملكه اللبنانيون في المصارف اللبنانية، ومعهم مودعون عرب وأجانب ادّخروه للمستقبل.
مشروع حل بعنوان “هيركات ع الماشي”، وآخر بعنوان “الدفع لآجال”، وغيرهما حل يقضي بالدفع المقسط “لأجيال”، وقد يحتاج سداده، وفق حجم بعض الودائع، إلى عشرات السنين، وعناوين أخرى تجعل الحل “تمليك” المودعين أسهما في مصارفهم، بالإضافة إلى اقتراح الدمج القسري في القطاع المصرفي، وتقليصه إلى نحو 10 أو 15 مصرفا حدا أقصى.

توازيا، كان لافتا ما ورد على لسان الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور فادي خلف الذي أكد أن “ما جاء في خطاب القسم لناحية حماية حقوق المودعين، يتماهى مع قرار مجلس شورى الدولة الذي أكد رفضه أي إجراءات تؤدي إلى الاقتطاع من الودائع. وإن المصارف على كامل الاستعداد للتعاون المستمر مع مصرف لبنان والدولة اللبنانية لإيجاد الحلول العادلة”.

 

إعادة أموال المودعين

في المقابل، كان قد انتشر كلام منسوب إلى حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري يشير فيه إلى أن “على المودعين تقبل خسارتهم ودائعهم في المصارف”، (نفاه لاحقا مكتبه الإعلامي)، مؤكدا أن “الحاكم بالانابة عرض رؤية عامة لكيفية معالجة هذه الودائع في مناسبات عدة، ولم تتضمن في أي شكل دعوة المودعين إلى قبول خسارة أو ما شابه ذلك، كما لا يمكن الاجتزاء من حديث على هذه الدرجة من الأهمية والحساسية”.
فهل تمهد هذه التصريحات لمرحلة جديدة عنوانها “عفا الله عما مضى”؟ وما دور المصرف المركزي في إعادة أموال المودعين؟

مصادر متابعة تؤكد أن “العودة بلبنان إلى سابق عهده لا تمر بتقسيط الحلول، بل بوضعها دفعة واحدة على طاولة البحث والتخطيط، والشروع فورا في بناء تصور إستراتيجي موحد لا يترك أزمة خارج سلة الحلول، وهو ما يعيد إلى الدولة دورها ومركزيتها في اجتراح الحلول وإنقاذ ما تبقى”.

 

أعد مصرف لبنان دراسة مفصلة عن المودعين والودائع، وحدد تلك التي حظيت بفوائد فاحشة لا تتناسب مع المعدلات العالمية

وللوصول إلى ذلك، ترى المصادر أنه “ينبغي إحصاء ما تبقى من أوراق قوة اقتصادية ومالية في يد الدولة، وربطها بعضها ببعض، ودفعها بعد دمج قدراتها للعمل معا على تشكيل قوة متناسقة تستهدف إعادة النهوض بالوضعين المالي والنقدي، وإعادة التوازن إلى المالية العامة وميزان المدفوعات”.

من جهته، يوضح الخبير في الشؤون الاقتصادية زياد ناصر الدين أن “ليس من صلاحيات المصرف المركزي وضع خطة للودائع أو الفجوة المالية، بل يمكن الحكومة الاستعانة به من خلال دراسة مفصلة تنطلق منها لإعداد خطة ترسلها إلى مجلس النواب. ولمصرف لبنان الاعتراض أو رفض أي خطة تضعها الحكومة من دون الرجوع إليه في مواضيع تتعلق بالمودعين وأعدادهم وكيفية التعامل معهم، وكذلك في حال كانت الخطة تؤثر على الواقع النقدي”. ويشير إلى أن “المركزي كان قد أعد دراسة مفصلة عن المودعين والودائع، وحدد تلك التي حظيت بفوائد فاحشة لا تتناسب مع المعدلات العالمية. وحدد مصادر الودائع وما إذا كانت تسدد الضرائب، إضافة إلى المودعين الذين سددوا ودائعهم على سعر صرف 1500 والضرائب التي ستُفرض عليهم، وموضوع صيرفة وأرباحها والقطاعات التي أفادت منها، وخصوصا أن أرباح صيرفة تجاوزت الميليارين ونصف المليار دولار في ذروة الأزمة المالية”.

 

تعديل التعاميم

وإذ يؤكد قدرة المركزي على تعديل التعاميم ورفع المبالغ التي يحصل عليها المودعين من 300 أو 400 دولار شهريا إلى ما يقارب الألف دولار، بما يساهم في تحسين واقعهم، يعتبر ناصر الدين أن “مصرف لبنان ساهم في إرساء الشفافية، وقد أقرت “فاتف” أنه يطبق القوانين الدولية بشكل كامل ومضبوط”. ويلاحظ أن “الاصلاحات التي يعتمدها المركزي هي التي تعطي السقف المطلوب لتصحيح واقع المودعين، فيما الكلام على شطب 80% من أموال المودعين يضرب الثقة بالواقع النقدي والمالي في لبنان ويؤدي إلى إشكالية كبيرة”.

إلى ذلك، تؤكد المصادر المتابعة أن “ما في يد الدولة مهم وضروري، وهو على قلته، يمتلك فاعلية مؤثرة، يستمدها من قدرة الحكم والحكومة الجديدين، المعول كثيرا على تعاونهما في إقرار التشريعات اللازمة والضرورية لمعالجة تفكك إدارات الدولة ومؤسساتها، وتنظيفها من الفساد والمحسوبيات ووقف الاستقواء على القانون، وكذلك إجراء إصلاحات شاملة تضع الإدارة العامة ومؤسساتها المالية والمصرفية والضريبية تحت مجهر المؤسسات الرقابية والمتابعة القضائية”.

أما ناصرالدين فيرى أن “العدل يقضي بإعداد الحكومة دراسة واقعية للودائع والأرباح التي كانت تحققها المصارف، ودرس الإمكانات المتاحة للاستثمارات المجدية، والإفادة من مرافق الدولة الغنية في السنوات المقبلة، وكيفية عودة مصارف لبنان إلى العمل خصوصا إذا كان ثمة مساعدات عربية، مع الاخذ في الاعتبار أن الارباح التي ستحققها والتي يجب أن تخضع للمراقبة القانونية ينبغي تحويلها إلى المودعين عموما، بما يشكل الأساس لاستعادة الثقة بالمصارف”.

 

مرحلة إصلاحية

وفي حين يؤكد الأمين العام لجمعية المصارف استعداد المصارف لمرحلة إصلاحية تعيد هيبة الدولة وتضع لبنان على مسار التعافي والنهوض، على أن تكون شريكا إستراتيجيا في تحقيق هذه الأهداف، يشدد ناصر الدين على أن “النهوض يستوجب تعزيز الثقة عبر إعادة أموال المودعين المقدرة بنحو 86 مليار دولار، وهيكلة القطاع المصرفي وتدقيق جنائي في سبل خروج الأموال، وما إذا كان قد تم تطبيق قانون النقد والتسليف أو جرت الأمور وفق المحسوبيات، إضافة إلى التحقيق في موضوع الهندسات المالية وصيرفة والفوائد”. ويحذر مما يشاع في الفترة الأخيرة عن الدخول في صفحة جديدة… و”عفا الله عن ما مضى”، وتاليا “يجب إقرار قانون في المجلس النيابي لحفظ حقوق المودعين وعدم سقوطها بمرور الزمن، خصوصا أن ثمة مودعين فقراء أودعوا تعويضاتهم بالليرة على سعر صرف 1500 ليرة، وآخرون أودعوها للإفادة من الفوائد “الفاحشة”.