Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر September 22, 2025
A A A
مصرع عبد الرحمن الحلبي: قيادي في «داعش»… له اليد الطولى في تفجير السفارة الإيرانية ببيروت
الكاتب: عبدالمنعم علي عيسى - الديار

 

 

في عملية هي الرابعة من نوعها في غضون الشهرين الفائتين نفذت قوات «التحالف الدولي»، فجر الجمعة الفائت، إنزالا جويا على بلدة « جريجسة» بريف حماة الجنوبي، وقد استهدفت من خلالها منزل عمر عبد القادر بسام، القيادي بتنظيم «الدولة الإسلامية»، والمسؤول عن «العمليات والأمن الخارجي» في هذا الأخير، وفقا لما ورد في بيان وكالة الأنباء العراقية(واع)، وجاء فيه إن العملية «نفذت فجر الجمعة، وأسفرت عن مصرع الإرهابي عمر عبد القادر بسام الملقب بعبد الرحمن الحلبي»، كما ذكر البيان المطول إن العملية «مثلت ثمرة متابعة استخباراتية دقيقة، ودعم قضائي عراقي، استمر لعدة أشهر حددت من خلالها تحركات الهدف، ومكان تواجده بدقة»، وبدورها أعلنت «القيادة المركزية الأميركية الوسطى(سينيتكوم) في بيان لها نشر صباح الجمعة الفائت عن» مقتل قيادي بارز في تنظيم داعش، بالتعاون مع جهاز مكافحة الإرهاب العراقي»، وقال الجنرال براد كوبر، قائد «القيادة المركزية الأميركية»، نحن «لن نتراجع عن ملاحقة الإرهابيين الذين يسعون لمهاجمة الولايات المتحدة، أو قواتنا، أو حلفائنا وشركائنا في الخارج»، واللافت هو إن أيا من البيانين المنفصلين، العراقي والأميركي، لم يأت على ذكر أي مشاركة لـ«قوات الأمن» السورية التي تأكدت مشاركتها عبر مصادر محلية كانت قد ذكرت إن «قوات الأمن السورية ضربت طوقا مشددا حول المنزل المستهدف، وآخر في محيط القرية»، والجدير ذكره في هذا السياق هو أن وزارة الداخلية السورية لم تأت على ذكر الحدث، ولم يصدر عنها أي بيان بهذا الخصوص.

في تفاصيل العملية ذكرت مصادر محلية أن «قرية الجريجسة شهدت تحليقا مكثفا للطيران المروحي والمسير منذ الساعة الثانية عشرة من مساء يوم الخميس، واستمر ذلك حتى ساعات الفجر الأولى من يوم الجمعة»، وأضافت المصادر «عند الساعة الثانية والنصف هبطت مروحيات عدة بالقرب من القرية، وهبط منها جنود كان زيهم معروفا وهو يشير بوضوح إلى جنسيتهم الأميركية»، وبالتزامن، ذكرت مصادر أخرى إن «طائرات تابعة للقوات العراقية كانت قد هبطت في مطار الشعيرات بريف حمص الخاضع لسيطرة القوات الأميركية، في إطار تنفيذ تلك العملية»، ولعل المسافة ما بين المطار المذكور وبين قرية الجريجسة، البالغة نحو 45 كم، هو ما يفسر أن بدء تنفيذ العملية كان قد بدأ عند الساعة الرابعة من فجر الجمعة، الأمر الذي أكدته رواية الأب الذي قال في لقاء مع «تلفزيون سوريا»، إنه عند تلك الساعة «سمعنا أصوات انفجارات، وتبين إنها كانت ناتجة عن تفجير قفل الباب من قبل عناصر كانوا يتحدثون بالإنكليزية»، وأضاف «قام هؤلاء بتكبيلنا، ثم بإخراجنا من الدار، ومن بقي في الداخل هو ابني فقط»، ثم بدأ التحقيق بـ«السؤال عمن بقي في الداخل»، فأجبت إن عمر «كان سجينا في سجن رومية بلبنان، وقد بقي فيه لمدة ثماني سنوات، وبعد انقضاء محكوميته جرى تسليمه للسلطات السورية، وقد بقي في السجن لحين سقوط نظام الأسد».

ذكرت وكالة الأنباء العراقية في بيانها سابق الذكر إن «عمر عبد القادر بسام، المكنى بعبد الرحمن الحلبي، متهم بالضلوع المباشر في عملية تفجير السفارة الإيرانية ببيروت، ومحاولات تنفيذ عمليات إرهابية في أميركا وأوربا تم إحباطها»، وجدير بالذكر إن السفارة الإيرانية ببيروت كانت قد تعرضت، يوم 19 تشرين ثاني من العام 2013، لاستهداف مزدوج جرى بسيارة مفخخة، كانت حصيلته 23 من الضحايا و نحو 160 جريحا، وقد ذكرت وسائل إعلام إيرانية آنذاك إن «الملحق الثقافي بالسفارة ابراهيم الأنصاري كان من بين الضحايا»، وفي حينها أعلنت جماعة جهادية تطلق على نفسها «كتائب عبد الله عزام» مسؤوليتها عن الفعل، وقد نقلت وسائل إعلام غربية عن أحد أعضائها البارزين قوله إن «الهدف من وراء الهجوم هو الضغط على حزب الله لسحب مقاتليه من سوريا»، ويصف «مركز الفجر للإعلام»، الذراع الإعلامية لتلك الكتائب، بإنها» تنظيم مسلح، وهو فرع من أصل تنظيم القاعدة في بلاد الشام وأرض الكنانة»، وقد بدأ عملياته العسكرية «في شهر تشرين أول 2004 بتفجير وسط منتجع طابا كانت حصيلته 67 من الضحايا، و أكثر من 200 جريح»، قبيل أن يقرر «نقل نشاطه إلى بلاد الشام بعيد اندلاع ثورتها المباركة آذار 2011».

تظهر السياقات التي سارت عليها عملية الجريجسة أمران هامان، الأول هو إنها تمت بتنسيق سوري عراقي أميركي، وهو يحدث للمرة الأولى، لكن المشاركة السورية فيها كانت قد اقتصرت على الدعم اللوجستي فحسب، ومن الواضح هنا أن حكومة دمشق لم تكن لديها الرغبة في تظهير هذا الدور لاعتبارات تبدو معروفة، فهي وإن كانت لا تستطيع رفض الطلب الأميركي القائل بضرورة انضمامها للـ«التحالف الدولي»، لكنها لا تريد تسليط الضوء على تلك المشاركة لاعتبارات عدة، أبرزها أنها ترى أن الصدام مع «داعش» لم يحن أوانه بعد، والثاني هو إن المشاركة العراقية، التي تزامنت مع تقارير إعلامية كانت قد ذكرت إن «قوات عراقية كانت قد عبرت الحدود العراقية السورية يوم الثلاثاء الماضي»، وهو الأمر الذي نفته وزارة الداخلية العراقية في بيان رسمي كانت قد أصدرته يوم الأربعاء، وقالت فيه، إنها «تنفي بشكل قاطع صحة هذه الإدعاءات، كما تنفي حدوث أي تجاوز من قبل أية قوة عراقية لخط الحدود الدولية مع الجمهورية العربية السورية»، ومن دون شك فإن الحدث كان قد أعاد بالذاكرة مشهد الحشود العراقية على الحدود السورية، يوم 2 كانون أول الفائت، اي قبل خمسة أيام من وصول قوات «ردع العدوان» إلى دمشق، ومن المؤكد إن هدفها الابرز كان يقع عند منع ذلك الوصول، قبيل أن يتأكد إن الذهاب في الأمر حتى نهايته سوف يعرض تلك القوات لقصف إسرائيلي محتم.

مشاركة القوات العراقية من شأنها أن تثير قلقا مشروعا لدى حكومة دمشق، انطلاقا من هذي الحسابات الأخيرة التي تبدو شديدة التعقيد، ويزيد منه أن «لوائح الإرهاب» التي تتبناها الحكومة العراقية لا تزال تحوي أسماء عدة لقيادات في «هيئة تحرير الشام»، وإذا ما «ترك الحبل على غاربه» فقد تأتي النتائج بما لا يحمد عقباها، وأقل المخاطر هو تهديد بنية «الهيئة» الداخلية، التي باتت عرضة لتحديات كبرى، ولا ينقصها المزيد منها.