Beirut weather 17.99 ° C
تاريخ النشر September 27, 2018
A A A
مصالح إقتصادية ووزارية وراء افتعال الأزمات في مطار بيروت
الكاتب: اللواء

فرض الاشكال الأمني، الذي وقع في مطار رفيق الحريري وأدى الى تعطيل الملاحة الجوية لبعض الوقت، قبل ان يتوجه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق إلى المطار للمساهمة في فضّ الاشكال، واعادة الأمور الى نصابها، واحتواء الاحتقان بين رئيس جهاز أمن المطار العميد جورج ضومط، وقائد سرية الدرك في المطار العقيد بلال حجار، نفسه بنداً بالغ الخطورة، وكأن وراء الأكمة ما وراءها، بعد سلسلة من الإشكالات بدأت مع العطل الذي طرأ في 7 ايلول الجاري على شبكة الاتصالات التابعة لشركة Sita المشغلة لنظام الحقائب والركاب المغادرين عبر المطار.. ثم تتالي الأعطال في حركة الطيران وصولاً الى ما عرف «بالطائرة الرئاسية»، بهدف زعزعة الثقة بالبلد بالتزامن مع ضغوطات مقبلة، تتعلق بخضات محدقة منها المالي ومنها الاقتصادي، أو النقدي، مع تنامي الضغوطات على الليرة، في سياق العقوبات التي تستهدف دول مناوئة للسياسة الأميركية، من ايران إلى تركيا مروراً بروسيا الاتحادية، حيث تتالت انهيارات الروبل، والريال الإيراني، والليرة التركية.. وسط معلومات تتحدث عن إقرار سلسلة من العقوبات الجديدة ضد حزب الله قبل الخامس من ت2 المقبل..
وبانتظار عودة الرئيس ميشال عون من الأمم المتحدة المتوقعة خلال 24 ساعة، بعد ان ألقى أمس كلمة لبنان امام الجمعية العامة للمنظمة الدولية، معلناً رفض لبنان القطعي لأي مشروع توطين سواء لنازح أو لاجئ، معرباً عن ترحيب لبنان بأي مبادرة تسعى لحل مسألة النزوح على غرار المبادرة الروسية، استمرت الاتصالات، ولكن على وتيرة بطيئة حول التأليف الحكومي، فاستقبل الرئيس المكلف سعد الحريري النائب وائل أبو فاعور وعرض معه الموقف، وعلمت «اللواء» من مصدر «اشتراكي ان أي تقدّم لم يطرأ ولا شيء جدياً حتى الآن في طروحات معالجة العقدة الدرزية، أو التمثيل الدرزي..
على ان الأهم، ما كشفته مصادر واسعة الاطلاع لـ«اللواء» من ان حزب الله، يتجه للقيام باتصالات مباشرة تتعلق بالمساهمة في حلحلة العقد التي تؤخّر تأليف الحكومة، ومنها الاتصال المباشر مع بعبدا وفريق رئيس الجمهورية، بهدف تسريع عملية التأليف لمواجهة التحديات المرتقبة، وفي فترة زمنية لا تتجاوز أوائل تشرين الثاني المقبل، موعد العقوبات الأميركية الجديدة ضد إيران وحزب الله.
وعلى ذمة مصادر سياسية بارزة، فإن لبنان مقبل من الآن وحتى نهاية السنة الحالية على خضة مالية واقتصادية خطيرة، حيث من المتوقع ان تخسر الليرة اللبنانية قيمتها أمام الدولار على نحو دراماتيكي.
وشددت المصادر على ان المسألة هنا ليست تهويلا ويجب التدقيق بها في ظل ما يحكى عن استياء جهات سياسية مهمة بينها الثنائي الشيعي من اداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامه واتهامه بشكل مباشر بالتماهي الى حد بعيد مع الضغوطات الاميركية، واستعداده لتطبيق العقوبات بحذافيرها.
ووفقا لمعلومات خاصة بـ«اللواء» فان زيارة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الاميركي كريستوفر راي الى بيروت منذ اسبوع جاءت في جزء منها للتباحث في شأن العقوبات الاميركية ضد حزب الله والضغط على الدولة اللبنانية للتجاوب معها تحت التهديد بتضييق الخناق عليها اقتصاديا وسياسيا في حال التنصل من العقوبات او الالتفاف عليها.

صراع أجهزة أم صراع سياسي
وسط هذه الأجواء، كان لافتاً للانتباه، تمدد الصراع السياسي إلى الأجهزة الأمنية في مطار بيروت، مما طرح أكثر من سؤال وعلامات استفهام حول ما يحصل في المطار، خصوصاً وأن ما جرى أمس، في قاعة المغادرين، عطل سفر الركاب لفترة زمنية استمرت أكثر من ساعتين، وأعاد إلى الأذهان العطل التقني الذي طرأ على أجهزة «السكانر» قبل ثلاثة أسابيع، وأدى إلى فوضى عارمة وازدحام كثيف فوّت على كثير من المسافرين رحلات عمل إلى الخارج وألحق اضراراً بمصالحهم، من دون ان يعوض عليهم أحد، أو يكشف التحقيق أسباب هذا العطل. علماً ان ما جرى تزامن أيضاً مع ملابسات حصلت قبل سفر الرئيس ميشال عون إلى نيويورك، من تسريب معلومات عن عدد الوفد الرسمي المرافق له، وعن إنزال ركاب طائرة رديفة كانت مخصصة لرحلة إلى القاهرة في نفس موعد سفر الرئيس، مما جعل القضاء يتحرك على خلفية شبهات بحصول خرق أمني للاجراءات المتخذة لحماية أمن رئيس الجمهورية.
كل هذه الحوادث غير البريئة دفع عددا من السياسيين والمسؤولين إلى التساؤل، حول طبيعة المؤامرة التي تستهدف مطار رفيق الحريري الدولي، والهدف من تعطيل هذا المرفق الحيوي، ووجه لبنان إلى الخارج، وعما إذا كان يهدف إلى تحميل المسؤولية للشركة التي تتولى ادارته، والتي تعتبر من أنجح الشركات اللبنانية، أو تحميلها للوزارة المخولة الاشراف على المطار، بقصد انتزاعها من التيار السياسي الذي يتولى حقيبة هذه الوزارة، لتبرير تسليمها للتيار السياسي الحاكم.
وإذا كانت كل هذه التساؤلات ستطرح لاحقاً من ضمن التحقيقات التي باشرها مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، سواء في ما جرى من صراع بين الأجهزة الأمنية، أو في الخرق الأمني لحماية رئيس الجمهورية، فإن الثابت ان الصراع الذي حصل أمس بين جهاز أمن المطار، وقيادة سرية درك المطار، ليس صراعاً على الصلاحيات، بحسب ما أكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق، معتبراً اياه مجرد «سوء تفاهم انتهى»، بل هو أبعد من ذلك، تتداخل فيه السياسة مع الصلاحيات المناطة بالأجهزة، لترسم صورة مأساوية لواقع الحال في المطار والذي لا يسر أحداً.
على ان الرواية شبه الرسمية لما حصل، اشارت إلى ان الاشكال الذي حصل، كان نتيجة «قلوب مليانة»، بين قائد سرية درك المطار العقيد بلال الحجار ورئيس جهاز أمن المطار العميد جورج ضوميط، وان الحجار كان رفع كتاباً إلى ضوميط رغم انه يعتبر رئيسه المباشر، شكا إليه من ان عناصر الجهاز يعمدون إلى مراقبة عناصر سرية الدرك عند نقاط التفتيش لدى مغادرة الركاب، مهدداً بتوقيف من يعمد الى ذلك، لكن ما حصل، بحسب المعلومات، ان عناصر من جهاز أمن المطار، وبناءً على معلومات ذات طابع أمني حضروا صباحاً إلى نقاط التفتيش لمراقبة حركة المسافرين، مما اثار امتعاض عناصر قوى الأمن الذين كانوا عند هذه النقاط، ثم عمدوا إلى الانسحاب، بعد مراجعة قائدهم العقيد الحجار الذي طلب منهم إطفاء أجهزة التفتيش ومغادرة مكانهم.
ورغم تدخل الجيش وتسلمه نقاط التفتيش محل عناصر قوى الأمن، الا ان ما جرى أدى إلى توقيف التفتيش لبعض الوقت، وازدحام كثيف للمسافرين عند هذه النقاط، ولكن من دون تعطيل رحلات الطيران ضمن مواعيدها المعتادة.
وعلى وقع اتصالات على المستويات العسكرية والأمنية والوزارية، بلغت الرئيس عون في نيويورك والرئيس سعد الحريري، حضر الوزير المشنوق إلى المطار، وعقد سلسلة اجتماعات في مبنى المديرية العامة للطيران المدني، ثم أعلن ان الاشكال الذي حصل نتيجة سوء تفاهم تمّ حله، وانه جاء ليعتذر من النّاس، وانه هو المسؤول عن كل الأجهزة الأمنية في المطار، مشدداً على ان لا كيدية بين رؤساء هذه الأجهزة، في إشارة إلى خلاف ضوميط – الحجار، علماً أن الأخير لم يحضر الاجتماع الموسع مع الوزير، بل التقاه على انفراد بعده.
ولاحقاً زار المشنوق الرئيس الحريري في بيت الوسط، وأطلعه على الإجراءات التي اتخذها لإعادة انتظام العمل في المطار.
يُشار على هذا الصعيد، ان مديرية المخابرات افرجت أمس عن مدير صفحة «Olba Aviation» محمود المصري بعد التحقيق معه في قضية تسريب معلومات عن رحلة رئيس الجمهورية إلى نيويورك.