Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر March 18, 2018
A A A
مصادر وزارية: طرح الاستراتيجية الدفاعية ليس للمناورة
الكاتب: ميشال نصر - الديار

بناء للوعود الكبيرة للمجتمع الدولي ببحث الاستراتيجية الدفاعية تمهيدا لحصر السلاح بيد الشرعية والتزام سياسة النأي بالنفس فعلا، حصد لبنان «غلة مالية» لدعم الاجهزة العسكرية والامنية الكفيلة بتدعيم اسس مشروع قيام الدولة القوية، في حال طابقت حسابات الاوراق بيدر الواقع. فببيان قرأ من عنوانه تضمن كل ارقام القرارات الدولية الخاصة بلبنان التي مرت بسلاسة دون اي تحفظ، عاد رئيس الحكومة سعد الحريري الى بيروت لحزم عدة السفر مجددا في الاتجاه الفرنسي بحثا عن دعم من طبيعة اقتصادية هذه المرة.

فمؤتمر روما الذي انتهى كما كان متوقعا مقدماً جرعة دعم اضافية للبنان في مواجهة اسرائيل هذه المرة، خرج المشاركون فيه مرتاحين الى الموقف اللبناني الرسمي المتمثل بطرح الاستراتيجية الدفاعية على طاولة النقاش من جديد، دون اهتمام للآلية، رغم توقف مصادر متابعة عند نقطتين اساسيتين، الموقف «غير الواضح» للمملكة العربية السعودية، والرسالة الاميركية الواضحة باستمرار برنامج المساعدات وتفعيله بغض النظر عمّا سيكون من نتائج لمؤتمر روما 2 على المدى المتوسط.

مصادر مواكبة للتظاهرة الدوليّة اكدت ان الدول المشاركة في قوات الطوارئ الدولية في الجنوب والتي تمثلت في روما أدت دورا ايجابيا كبيرا في دعم الموقف اللبناني في ما خص الخلافات مع اسرائيل، مشيدين بدور الجيش اللبناني ومستوى التعاون والتنسيق مع تلك القوات، خصوصا ان القيادة العسكرية اللبنانية ملتزمة بكل تعهداتها وهي التزمت بما كانت ابلغت به القيادة الدولية عشية تخفيض عديد قواتها منذ حوالى السنتين، لجهة اعادة نشر العديد اللازم للقيام بالمهام التي اناطها القرار 1701 بالدولة اللبنانية، ومن ضمن ذلك انشاء الفوج النموذجي، والاهم تأكيد هذه الدول على استمرارها في دعم جهود الحكومة اللبنانية في بسط نفوذها على الحدود وقطع الطريق على اي مغامرة أمنية، وهو ما ستبلغه الى الامين العام للامم المتحدة لرفعه الى مجلس الامن تموز المقبل.

وسط كل ذلك بدت واضحة النيّة الايطالية في دعم لبنان وجيشه، فقد أكدت القيادة الايطالية على الدعم الكبير من ايطاليا ونيتها تكثيف وتيرة المساعدة الجوية اذ ان القوات الايطالية الجوية مستعدة لتدريب الطيارين اللبنانيين، وبحريا حيث تم التركيز على دور القوات البحرية مع «اليونيفل»، والتي انضم اليها حديثا قارب دورية تابع للبحرية اللبنانية،فيما المساعدة البرية قائمة وزيادة التعاون في مجال الحرب على الارهاب، علما ان الجنرال كلاوديو غراتسيانو ملم بتفاصيل الوضع في لبنان.

وليس بعيدا، عن روما، أعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في بيروت عن عزم الاتحاد تقديم 46.6 مليون يورو من ضمن استكمال برنامج الاتحاد الشامل والطويل الأمد لدعم استقرار لبنان وأمنه، ومكافحة الإرهاب حتى عام 2020، بعدما كانت بلغت قيمة ما قدمه البرنامج منذ 2006 اكثر من 85 مليون يورو، استخدمت في مجال بناء قدرات القوى الأمنية اللبنانية، والإدارة المتكاملة للحدود، فضلاً عن الحد من الأخطار الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، والأعمال المتعلقة بالألغام. كما علم ان الاتحاد الاوروبي سيقدم منحة مالية بـ 3.5 مليون يورو لدعم وتعزيز الاجراءات الامنية في مطار رفيق الحريري الدولي، بناء لتوصية وضعت بعد زيارة وفد من الخبراء في امن المطارات واكتشافهم بعض نقاط الضعف. واشارت مصادر مطلعة الى مخاوف اوروبية من ان يتحول مطار بيروت الى محطة لعودة المقاتلين الى بلدانهم بعدما اقفلت طرق التهريب البحري امامهم، كاشفة عن وجود اتفاق ضمني اميركي ـ اوروبي على ان تتعهد دول الاتحاد بتجهيز الجانب اللبناني وتدريبه في كل ما خص تامين الحدود برا بحرا وجوا.

على هذا الصعيد توقعت مصادر وزارية ان تشهد الساعات القادمة زيارة لرئيس الحكومة سعد الحريري الى قصر بعبدا لاطلاع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على تفاصيل ما خلص اليه المؤتمر من دعم للبنان وقواه العسكرية، ونتائج اللقاءات التي عقدها على هامش المؤتمر، ليبني على الشيء مقتضاه، سواء في ما يتعلق بالاستراتيجية الدفاعية التي يفترض مناقشتها بعد الانتخابات من قبل الحكومة الجديدة، او في ما يعود لتعزيز سياسة النأي بالنفس التي يلتزمها لبنان، فيما كشفت مصادر مطلعة عن لقاءات جانبية بين الرئيس عون وكل من وزيري الدفاع والداخلية يعقوب الصراف ونهاد المشنوق لاستكمال بحث ما تم التوصل اليه في المؤتمر، خصوصا ان العماد عون اشرف بنفسه وشارك في النقاشات المفصلة للخطة التي رفعت الى المؤتمر، مشيرة الى ان الكلام عن الاستراتيجية الدفاعية ليس خطوة تكتيكية ولا هو مطروح للمناورة، بل طرح جدي آن اوان وضعه على الطاولة، والاسابيع القادمة ستثبت جدية الطرح.

نجح لبنان في استقطاب الدعم الدولي لجيشه وقواه الأمنية وللاستقرار في مؤتمر روما الثاني. فبغض النظر عن حجم الدعم المادي الذي قد يتلقاه لبنان، فالرسالة المعنوية كانت واضحة: المجتمع الدولي حريص على استقرار لبنان، وعلى اللبنانيين الاستفادة من الفرصة بتعزيز الوحدة وتحصين الشركة.

فهل تصدق الوعود اللبنانية فيدفع المجتمع الدولي ما تعهد به؟