Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر April 24, 2018
A A A
مسيحيّو عاليه يقترعون كأنها المرّة الأولى
الكاتب: مجد بو مجاهد - النهار

“الوطني الحرّ” و”القوات” والكتائب تتقاسم التفضيلي
*

يُسقط الناخب المسيحي المغلّف في صندوق اقتراع قضاء عاليه في 6 أيار المقبل وكأنه يقترع للمرة الأولى. أتاح القانون النسبي للمسيحيين فرصة اختيار مرشّحهم في المنطقة بشحطة قلم صوتهم التفضيلي، فيما غابت المعركة الانتخابية عن جبل لبنان الجنوبي في الدورات السابقة، وباتت المشاركة رمزية. اللافت في هذا القضاء، تعادل ميزان القوى بين مسيحيي “التيار الوطني الحرّ” و8 آذار من جهة، ومسيحيي 14 آذار من جهة أخرى. وصوّت في دورة 2009 الانتخابية 6999 مارونيا و3400 أرثوذكسي و800 كاثوليكي لمصلحة لائحة 8 آذار، فيما اقترع 6900 ماروني و3500 أرثوذكسي و950 كاثوليكيا للائحة 14 آذار. ما يختلف هذه المرة أيضاً، انقسام مسيحيي 14 آذار بين لائحتين: “المصالحة” (تضم أنيس نصار عن “القوات اللبنانية”)، و”القرار الحرّ” (تضم تيودورا بجاني عن الكتائب). ويختبر “القواتيون” تجربة التصويت لمرشح “قواتي” في عاليه للمرة الأولى، ما يعد باقتراعهم الكثيف.

لكن المعيار الحزبي ليس وحده الذي يتحكّم بخيار الناخب المسيحي في عاليه. ذلك أن نسبة حمَلة البطاقات الحزبية على اختلافها، ضئيلة مقارنةً بغير المتحزبين. ولا ينظر سكان المنطقة الى الاستحقاق على أنه معركة انتخابية حزبية، بقدر ما يشبهونه بقانون one man one vote . ويحسب للمسيحيين عموما، أنهم يختارون مرشحيهم قبل أيام من موعد الانتخاب. وتتشابك العوامل المؤثرة في اختيار الصوت التفضيلي وتشمل المذهب والقرية والقربى والعلاقات الشخصية والخدمات.

ويصنَّف وزير الطاقة سيزار أبي خليل من بين أقوى المرشحين في عاليه. ويرجع ذلك الى حجم الخدمات التي قدّمها مذ كان مستشاراً في الوزارة وحتى تعيينه على رأسها. وليس العونيون وحدهم من يعبّرون لـ”النهار” عن امتنانهم لشخص أبي خليل، بل شريحة واسعة من سكّان قرى عاليه على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والمذهبية، وحتى أخصامه في السياسة. ووصل البعض الى القول بأن أبي خليل “رفع الغبن عن القرى واستطاع تأمين الحدّ الأدنى من خدمات البنى التحتية وحسّن شبكات الماء والكهرباء”.

ولكن مهلاً… “سيزار موراني”. عبارة منتشرة في القرى ذات الغالبية الأرثوذكسية. يلعب العامل المذهبي لعبته أيضاً. “الروم يعطون الروم”، يقول أحد وجهاء بحمدون. وفي الحصيلة، يتنافس على المقعد الى جانب نصار، مرشح “الوطني الحرّ” الياس حنا ومرشح لائحة “الوحدة الوطنية” وليد خيرالله ومرشحة لائحة “كلنا وطني” زويا جريديني. ويأتي دور المنطقة كعامل مؤثر في ترجيح التفضيلي.

يبدو جليا أن نصار الأكثر شعبية في القرى المجاورة لعاليه المدينة، اذ يقترع في عاليه الغربي 1514 أرثوذكسيا، بخشتيه 756 وسوق الغرب 883. ويتغلّب نصار على خيرالله في العامل الحزبي، اذ إنه مرشح “القوات” الأول والوحيد في عاليه، وحامل مشعل الحزب وروحيته، وباني جامعة البلمند في سوق الغرب التي تكاد تكون أهم إنجاز شهدته المنطقة بعد الحرب، ما يجعله المرشح الأقوى أرثوذكسيا. ويتردد في المنطقة أن نصار سيستفيد من فائض أصوات الحزب التقدمي الاشتراكي، هو الذي تربطه علاقة خاصة بالنائب وليد جنبلاط.

الجرديون الأرثوذكس وضعهم مختلف. هم في أكثريتهم لا يعرفون حنا “المرشح الساحلي” ابن الشويفات، ومنهم من يجهل مسقطه. إسم المرشح نصار أكثر تداولاً في الجرد، لكنه يبقى مرشحاً غير معروفا للبعض. ويبدو جليا تردد اسم خيرالله بقوة جرديا، كونه رئيس بلدية سابقا ويقف العامل المناطقي في مصلحته. ويقترع في بحمدون 2224 أرثوذكسياً، وهي القرية الأم التي تجاورها مجموعة قرى جردية ذات الغالبية الناخبة الأرثوذكسية: محطة بحمدون 1010 ناخبين أرثوذكس (يتحدرون من بحمدون الضيعة)، بطلون 477 والمنصورية 671. وتبدو الغلبة واضحة لمصلحة حنا ساحليا حيث يقترع 1873 أرثوذكسيا في الشويفات مسقط رأسه.

ويبدو جليا أيضا دخول عنصر الشباب في المنافسة، اذ يستهوي المسيحيين في عاليه أكثر من مرشح شاب، ومنهم الكتائبية تيودورا بجاني التي تستفيد من 3 عوامل: القاعدة الشعبية الكتائبية في عاليه، وهي ابنة منطقة تضم 3459 ناخبا مارونيا، وتعتبر عنصرا نسائيا وشبابيا في آنٍ واحد، اذ تبدو لافتة قدرة بجاني على استقطاب الجمهور في جولاتها على القرى، على ما يجمع أبناء أكبر البلدات المسيحية في القضاء.

ويلفت اسم المرشح راجي السعد عنصر الشباب أيضاً، ويعرض نفسه على الناخبين على أنه خيار تغييري. ويؤخذ عليه أنه بدأ معركته الانتخابية متأخراً. وهو يستفيد من ارث عائلته السياسية (ابن شقيق النائب فؤاد السعد). ويطرح اسمه بقوة في قرية سلفايا التي تضم 1072 ناخبا مارونيا، نظراً الى عامل القربى والمصاهرة بين سلفايا وعين تراز، والعلاقة الوطيدة التي تجمع السعد بأبناء القرية. لكن يبقى الناخب “القواتي” والكتائبي الأقوى في القرية.

واذا كان السعد وهنري حلو المرشحين الأضعف مسيحيا، على ما تجمع غالبية قرى عاليه التي استطلعت “النهار” آراء سكانها، الا أن الحضور التاريخي للعائلتين في المنطقة يكسبهما أصواتاً مسيحية. ويبدو لافتاً توجّه الناخب المسيحي باتجاه السعد أكثر من المرشح حلو من ناحية الصوت التفضيلي. ولعله كان من المستحسن أن يتبنى التقدمي مرشحاً مسيحيا له حيثيته على الأرض، كناجي البستاني في الشوف.

ويبقى حضور مرشحي لائحتي المجتمع المدني الأقل تأثيراً في قرى عاليه المسيحية رغم أنهم شكلوا حالة بادئ ذي بدء، إلا ان غالبية الآراء التي استطلعتها “النهار” اعتبرت أن الإنقسام قلّل مظاهر التعاطف.

وفي جولة آراء على كبرى البلدات المارونية في عاليه، يبدو حضور “الوطني الحر” الأقوى في عين داره، حيث يقترع 1920 مارونيا، واسم أبي خليل هو الأكثر تداولاً. ويتقاسم “الوطني الحر” و”القوات” والكتائب الكعكة الانتخابية في شرتون، حيث يقترع 1421 مارونيا. وكان حزبا “القوات” والكتائب يتناصفون و”البرتقالي” قبل أن تنقسم الخيارات بين 3 لوائح اليوم. وفي رمحالا ينتخب 1319 مارونيا، حيث يحضر إسم أبي خليل ونصّار بقوة، رغم أن حمَلة البطاقات الحزبية في كلّ فريق لا يتجاوزون المئة شخص.

أما في بسوس التي تضم 2298 ناخباً مارونيا، فلا تغيير جذريا في الخريطة الانتخابية، حيث الغلبة لمصلحة “الوطني الحرّ” كما سنة 2009. لكن زخم الحضور “القواتي” بات قوياً في القرية مع ترشيح نصار، اضافةً الى الحضور الكتائبي. وينقسم الناخبون في رشميا، حيث يقترع 2791 مارونيا، بين “قواتيين” وكتائبيين من جهة (يشكلون ما يقارب 60% من أبناء القرية)، وعونيين من جهة ثانية (ما يقارب 40%). ويبدو جليا التصاق الحضور الكتائبي و”القواتي” في رشميا التي ستشهد افتراقا بينهما في 6 ايار. ويطرح إسم أبي خليل بقوة في رشميا نظرا الى خدماته الجمّة في البلدة، إضافة الى حضور للسعد. ويقترع في دفون 1110 ناخبين موارنة وهي محسوبة في غالبيتها على “الوطني الحرّ” استناداً الى نتائج انتخابات 2009، علماً ان المزاج “القواتي” موجود فيها.
*