Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر July 28, 2020
A A A
مستشفى الحريري الحكومي قد يفقد قدرته الاستيعابية خلال أيام
الكاتب: مريم سيف الدين - نداء الوطن

بعد أن دخل لبنان مرحلة التفشي المحلي لجائحة “كورونا”، عاد الخوف من الإحتمالات القاتلة ليسيطرعلى بعض المعنيين بمواجهة الوباء قبل المواطنين. وعلا تحذير مدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي، الدكتور فراس أبيض، عبر صفحته على “تويتر” نهار الأحد، ليناشد المسؤولين اتخاذ إجراءات لتجنب فقدان السيطرة، معتبراً أن الامور في الأشهر الأخيرة لم تسر بحسب المطلوب. وهو ما بان سريعاً بعد إعادة فتح المطار، إذ تبيّن أن الإجراءات القاسية التي تحملها المواطنون ومدّة إقفال القطاعات، لم تستغل كما كان يفترض، ولم يجر التحضير خلالها للتعامل بحكمة مع الفيروس، فلم تجهز المستشفيات ولا أماكن العزل.

ويكشف رئيس قسم العناية الفائقة في مستشفى الحريري، الدكتور محمود حسّون لـ”نداء الوطن” أنه في حال استمرّ ارتفاع عدد الإصابات على شكله الحالي فإن المستشفى سيبلغ قدرته الإستيعابية خلال أيّام، إذ أن 20% فقط من الأسرة ما زالت قادرة على استقبال مرضى كورونا. كما كشف حسّون أن بعض المستشفيات لم يتعامل بشفافية مع إصابة أطقمه بالوباء ما أدى لنقل العدوى إلى مرضى لديه.

وأعلنت وزارة الصحة أمس عن تسجيل 132 إصابة جديدة بالفيروس، 12 منها لوافدين من الخارج. كما أعلنت عن 139 حالة استشفاء منها 36 في العناية الفائقة خلال 24 ساعة. ليصبح العدد التراكمي للحالات المحلية المثبتة 2933 إصابة منذ 21 شباط، بمقابل 946 حالة وافدة. وسجلت 51 حالة وفاة، ثلاث منها سجلت يوم الأحد.

المستشفيات الخاصة تتهرب من مسؤوليتها

يتخوّف حسون من تزايد الأعداد بشكل متسارع، ولدى سؤاله عن الإجراءات التي اتخذت في المرحلة السابقة، يقول: “لا أعرف ما الذي يحصل، 6 أشهر كانت أكثر من كافية للتحضير بشكل جيّد، والمشكلة أنّ الإصابات في صفوف كبار السنّ بحاجة إلى عناية طبية فائقة”. وقد سجلت الوفيات الثلاث الأحد في صفوف هذه الفئة العمرية التي باتت اليوم عرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى بسبب تفشي الوباء. وفي وقت يتخوف فيه المواطنون من النقص في أجهزة التنفس، يحذّر حسون من النقص في المستلزمات الطبية اللازمة للوقاية وفي مادة الأوكسيجين، ويشير إلى أن المستشفى تجنب الأمر حتى الآن بسبب إدارته الرشيدة، لكن خطر فقدان هذه المواد قائم في ظلّ تزايد الأعداد وقلّة المعدات. وينبه حسوّن العاملين بالشأن الطبّي إلى أنه لا يمكنهم أن يعيشوا حياتهم كبقية الأشخاص، بل عليهم الحذر كي لا ينقلوا العدوى. ويكشف كلام الطبيب استهتاراً لدى عاملين في المستشفيات أدى إلى نقل العدوى إلى مرضى جرى في ما بعد نقلهم إلى مستشفى الحريري.

وإذ يبدو واضحاً الاتكال الكبير على دور مستشفى الحريري للتعامل مع الأزمة، يطلب حسون من بقية المستشفيات المساعدة، “فقد استقبلنا المرضى خلال الأشهر الستّة لإعطاء وقت للمستشفيات الخاصة لتجهز أقسامها، فالمستشفيات الحكومية لا تكفي. نحو 5 أو 6 مستشفيات خاصة جامعية فقط جهزت أقساماً لاستقبال مرضى كورونا. تعتقد المستشفيات أن المسؤولية كلها على عاتق مستشفى الحريري فيما نطالبهم بمساعدتنا”. في هذا الإطار أعلن وزير الصحة وبعد اجتماعه مع وفد من البنك الدولي أن الوزارة ستغطي تكاليف علاج المصابين الذين لا تؤمن لهم أي جهة التغطية الصحية، ووعد المستشفيات بتسديد كلفة العلاج خلال ثلاثة أشهر من تاريخ استقبال الحالات في محاولة لتحفيزها مالياً.

الإقتصاد أم الصحة

في هذا الوقت يشكّل الإنهيار الإقتصادي عامل ضغط يشدّ الخناق على أعناق المواطنين الذين بات يستبدّ بهم المرض والفقر. ما يصعّب على الحكومة حتى اتخاذ قرارات بالإقفال، في وقت تعجز فيه عن تأمين أية مساعدة لمواطنيها. وفي حين اعتبر أبيض أن أي إجراء مضاد يتطلب أسبوعين على الأقل لإظهار التأثير، وتستغرق عمليات الإغلاق الجزئي وقتاً أطول من عمليات الإغلاق الكاملة لإبطاء الوباء، قررت الحكومة الإقفال المتقطع. فأعلن وزير الصحة حمد حسن أن الإقفال التام سيكون بدءاً من 30 تموز حتى 3 آب ومن 6 آب حتى العاشر منه. وهو ما كان محط سخرية لدى مواطنين تساءلوا ما إذا كان الفيروس سيختفي خلال هذين اليومين.

ويظهر المشهد أن لا تنسيق بين مختلف المعنيين لمواجهة الأزمة من مستشفيات ووزارات وبلديات، بل كلّ يعمل على حدة. وانطلاقاً من هذا الواقع يشير حسون إلى ضرورة وضع آلية للتنسيق بين المستشفيات وكذلك بين وزارة الصحة وبقية الوزارات المعنية أيضاً بالموضوع. فمع استمرار فتح المطار يرى الطبيب وجوب تفعيل دور البلديات كي لا يسمح للوافدين بالتنقل كيفما شاؤوا. وفي حين تبدو إدارة مستشفى الحريري واعية للأزمة ولطرق معالجتها، يطرح السؤال عن سبب عدم أخذ المعنيين بتوصياتها، فيشير حسون إلى أنهم ليسوا أصحاب القرار وأن المعنيين يحاولون انقاذ الإقتصاد لكنه يدعوهم للموازنة بين الإقتصاد والصحة.

أما عن مسألة الخطأ في نتائج الفحوصات فيعتبر بـأنه قد يحصل إما نتيجة انتقال العدوى من عينة إلى أخرى أثناء إجراء الفحص أو نتيجة عدم أخذ العينة بالطريقة اللازمة من الأنف.