Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر September 8, 2017
A A A
مداهمات وملاحقات واحتمالات مفتوحة
الكاتب: البناء

 

لبنان الذي يشيّع شهداءه العسكريين اليوم وسط حداد عام ومواكب شعبية ورسمية، يواكب ملف التحقيق في مقتل العسكريين واختطافهم، وما جرى في آب العام 2014، حيث سيطلق المجلس الأعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التحقيق العسكري في القضية مؤكداً رفع الغطاء عن كلّ مَن يطاله التحقيق، لكشف حقيقة المقصّرين والمتورّطين، بينما سجلت تصريحات ومواقف وإفادات لأهالي وذوي العسكريين مليئة بالاتهامات والوقائع التي قالت مصادر متابعة إنها غيض من فيض ما سيفجّره الملفّ من خبايا وأسرار، متوقعة حملات مداهمات وملاحقات للعشرات من الأسماء، بمن فيها بعض السياسيين مشيرة لموقف حازم لدى رئيس الجمهورية بفتح الاحتمالات على أيّ قرار يستدعيه كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين.

على إيقاع قضية العسكريين والسجالات المتمّمة المتتابعة من قضية تحرير الجرود كانت المواقف السياسية التي عبّرت عنها كتلة الوفاء للمقاومة بدعوتها لأولوية تصويب مسار العلاقة مع سورية، كما الكلام الصادر عن عضو الكتلة القومية الاجتماعية النائب أسعد حردان بالدعوة لتثبيت معادلة الجيش والشعب والمقاومة.

وفيما قالت كتلة الوفاء للمقاومة في بيانها أمس، «قد آن الأوان لتصويب العلاقات مع سورية ومعالجة الشوائب التي تضرّ بالمصالح المشتركة والمتداخلة بين البلدين»، مضيفة «انّ التطورات الإيجابية في كلّ من لبنان وسورية تسمح للدولتين بمقاربة موضوعية للعلاقات في ما بينهما تسهم إيجاباً في تخفيف الأعباء عن الشعبين الشقيقين، ومعالجة عودة النازحين الطوعية الآمنة، وتدفع باتجاه إعادة تفعيل العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها في إطار الاحترام المتبادل بين الدولتين، وتحقيق المصالح المشتركة»، دعا النائب حردان لأن يكون يوم تشييع شهداء الجيش اللبناني الذين قتلهم «داعش» الإرهابي بعد اختطافهم، يوماً لترسيخ الثوابت وتعزيز الوحدة الوطنية، لأن هؤلاء الشهداء قضوا في موقع الدفاع عن وحدة لبنان وسيادته وكرامته. وأكدّ حردان أن مراسم تكريم ووداع الشهداء العسكريين الثمانية، هي مراسم تكريم لكل شهداء الجيش والمقاومة الذين حاربوا الاحتلال والإرهاب، فحرّروا الأرض وانتصروا.

مداهمة منزل «أبو طاقية» من دون العثور عليه
وفي مسار التحقيقات في قضية العسكريين، أفادت معلومات بأن «التحقيق سيجري مع كل شخص ظهر في التسجيلات التي أظهرت جلسات متزعم جبهة النصرة أبو مالك التلي ومصطفى الحجيري، بحضور أعضاء هيئة العلماء المسلمين حسام الغالي والشيخ سميح عز الدين»، كما أشارت المعلومات بأن «هناك توجهاً لتوقيف 150 شخصاً يُعتقد أنهم على صلة بكل المرحلة التي أحاطت بأحداث عرسال وجرودها».

وأمس دهمت قوة من الجيش منزل مصطفى الحجيري الملقب بأبو طاقية في عرسال بعد اعترافات نجله عبادة بتورطه بملف العسكريين من دون أن تعثر عليه، وأفادت مصادر «البناء» بأن الحجيري قد هرب الى أحد الكهوف في الجرود المحيطة بعرسال قبل وصول قوة الجيش محاولاً الفرار الى الداخل السوري للالتحاق بجماعة «النصرة».

وكان الحجيري قد حاول إلحاق نفسه ضمن صفقة التبادل التي تمّت بين حزب الله و«جبهة النصرة» في آب الماضي، لكن الطرف اللبناني رفض ذلك لتورط الحجيري بجرائم إرهابية وأهمها خطف العسكريين وقتلهم. وتابعت وحدات الجيش ملاحقته والبحث عنه داخل مخابئه المحتملة، ورجّحت المصادر العثور عليه قبل تشييع العسكريين.

..ومجلس الوزراء نأى بنفسه
ونأى مجلس الوزراء بنفسه عن الملفات الساخنة والشائكة في جلسته أمس، التي عقدت في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري، وحضر ملف العسكريين وحرب الجرود وتسوية انتقال مسلحي تنظيم «داعش» الى الداخل السوري الى جانب ملف العلاقة مع سورية في مناقشات الوزراء.

وبحسب معلومات «البناء» فقد شهدت الجلسة في نصف الساعة الأولى منها، نقاش بين الوزراء حول هذه المسائل لم يتطور الى سجال، لكن المواقف كانت متباعدة جداً، لذلك حاول رئيس الحكومة سحبها من التداول للحفاظ على الوحدة الوطنية في ظل الحداد العام الذي يعيشه لبنان على شهداء الجيش.

وبدأ الحديث عن موضوع صفقة الجرود الوزير مروان حمادة الذي سأل عن أسرار تلك الصفقة، ثم تبعه وزيرا حزب «القوات اللبنانية» غسان حاصباني وملحم رياشي، اللذين طالبا بحسب ما علمت «البناء» بتوضيحات من وزير الدفاع والوزراء المعنيين بشأن ما جرى ميدانياً والصفقة التي تمّت مع «داعش»، وقد دعا وزراء «القوات» الى عدم ادخال لبنان في صراعات المحاور والحفاظ على مبدأ النأي بالنفس وعدم استدراج الحكومة إلى مواقف لا تخدم المصلحة اللبنانية، وتهز استقرار الحكومة، وأشاروا خلال الجلسة الى ضرورة الحرص على الأسس التي بُنيت عليها الحكومة.

ثم ردّ وزير الخارجية جبران باسيل مستعرضاً المرحلة في إطارها العام، الى أن حسم الرئيس الحريري الجدال مؤكداً ضرورة تجاوز تلك المرحلة وفتح صفحة جديدة وعدم إدخال القضية في الصراع السياسي والعودة الى البيان الوزاري والنأي بالنفس وتجنّب إدخال لبنان بالمحاور بما يؤدي للضرر بالعلاقات مع دول أخرى.

لكن مصادر وزارية قالت لـ «البناء» إنه «لم تصدر أي إجابات على تساؤلات وزراء القوات بشكل مفصّل ودقيق، كما لم تقدّم أي تبريرات وترك الموضوع لمراحل لاحقة على أن يبحث في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى. لكن الوزير محمد فنيش أشار الى ضرورة البحث في الأسباب التي دفعت حزب الله الى خوض معركتي الجرود وليس مقاربة نتائجها فقط، وسأل: لو لم تخرج المقاومة لقتال الإرهابيين من النصرة وداعش مَن كان سيحاربها وأين ومتى في ظل قرار سياسي يمنع الجيش من القيام بهذه المهمة؟ وكما دعا فنيش إلى إعادة التفاهم على مفهوم النأي بالنفس في ظل التحولات في المنطقة.

واستهل الحريري كلمته بالحديث عن ملف العسكريين، داعياً «الجميع الى الترفع الى مستوى شهادة ابطالنا العسكريين والابتعاد عن المزايدات السياسية الصغيرة». وأضاف «منذ البداية انتهجنا سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان. وفي هذه اللحظة من مصلحة لبنان الابتعاد عن توتير الأجواء مع الأصدقاء كلهم وخصوصاً الأشقاء، والبحث عن حماية مصلحة لبنان واللبنانيين». وشدّد على أن «لبنان ليس جزءاً من اي محور، بل هو جزء فاعل من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب ويقوم بدوره ويتحمل مسؤولياته في حماية شعبه وحدوده وسيادته من خلال قواه الأمنية الذاتية».

وأرجأت الحكومة ملف البواخر ودفتر شروط استجرارها إلى جلسة أخرى، لأن «وزير الطاقة لا يزال يضع اللمسات الأخيرة على ملف ادارة المناقصات»، وشدد عدد من الوزراء على ضرورة أن يأخذ مجلس الوزراء بالملاحظات التي وردت في تقرير إدارة المناقصات لا سيما لجهة التقيد بشروط المنافسة بالتزامن مع وضع خطة دائمة لتأمين الكهرباء بأقل كلفة».

كما أرجأ المجلس أيضاً البت بالوضع الوظيفي للمديرة العامة للتعاونيات غلوريا ابي زيد وبمسألة تعيين بديل عنها، بناء لطلب من وزير الزراعة غازي زعيتر. وبحسب معلومات «البناء»، فقد حصل نقاش حول هذه المسألة في بداية الجلسة وتم التوصل إلى قرار على سحب الملف من التداول، بعد أن طالب زعيتر وضع الملف في عهدة الرئيسين عون والحريري.

وطرح مسألة قانون الضرائب وسط انقسام بين الوزراء، بانتظار قرار المجلس الدستوري، غير أن عدداً من وزراء القوات والمستقبل شددوا خلال الجلسة على ضرورة إقرار الضرائب للحفاظ على سلسلة الرتب والرواتب، محذرين من أن لا سلسلة من دون إيرادات وضرائب مع احترام شمولية الموازنة، وبالتالي سيتم تعليق مفعول السلسلة حتى تأمين المداخيل.

وتحدّث رئيس الحكومة ووزير المال حول الأمر، وكان هناك توافق على أن إقرار السلسلة من دون ضرائب سيسبب مشكلة على المالية العامة ونقع في عجز في الموازنة ويحصل كما حصل في اليونان. ودعا الحريري جميع مكونات الحكومة والمجلس النيابي الى التصرف بمسؤولية في هذه المسألة، كي لا نصل الى مرحلة اضعاف قدرة الدولة المالية.

ورجّحت مصادر وزارية لـ «البناء» أن يشهد قانون الضرائب تعديلات على بعض بنوده، وأشارت الى أن تجميد قانوني السلسلة والضرائب سيعرقل البدء بمناقشة موازنة العام 2017.

ولم تعرض الحكومة لملف الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان.