Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر December 30, 2021
A A A
مخاوف جدّية من التعايش مع الأزمة الحكوميّة حتى انتخابات أيّار
الكاتب: محمد بلوط - الديار

تستأنف الاتصالات مطلع العام الجديد سعياً لايجاد مخرج ملائم للأزمة الحكومية بعد ان اصطدمت التسوية الاخيرة بعوائق وعراقيل عديدة ادت الى فرملتها وربما اجهاضها. ولا يبدو ان هناك افكارا جديدة مطروحة لعودة جلسات مجلس الوزراء، الأمر الذي يعطي انطباعاً بأن هذه الازمة مرشحة للاستمرار لفترة غير محددة، طالما ان كل فريق يقف عند الخطوط التي رسمها في التعامل معها. ووفقاً لمصادر متابعة، فان كلام الرئيس ميقاتي في مؤتمره الصحافي الأخير وضع النقاط على الحروف في شأن مطالبة كلا من الرئيس عون والتيار الوطني الحر، وربما غيره من الافرقاء، بالدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء، واكد انه لن يقدم على هذه الخطوة بمعزل عن موافقة الثنائي الشيعي التزاما بالميثاقية أولا، وحفاظا على الحكومة ثانياً، وحرصا على عدم الانزلاق نحو مزيد من التأزم والتوتر في البلاد ثالثاً. وتقول المصادر، ان الرئىس عون يدرك جيداً مخاطر الدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء من دون تسوية اعتراض او معارضة الثنائي الشيعي، وان رمي هذه الكرة في مرمى رئيس الحكومة مسألة في غير محلّها وغير جائزة. ووفقاً للمعلومات المتوافرة ، فان رئىيس الحكومة اتخذ قراراً حاسماً مفاده انه لن يقدم على اية خطوة تعتبر تحديا لموقف الثنائي الشيعي، وهو مستعد لاتخاذ موقف مماثل تجاه اي مكون طائفي آخر في الحكومة، لكنه في الوقت نفسه يدرك التداعيات السلبية الكبيرة الناجمة عن توقف جلسات حكومته ليس على الحكومة فحسب، بل على البلاد والوضع الدقيق الذي تشهده البلاد. وتضيف المعلومات ان ميقاتي بصدد استئاف جهوده بعد عطلة رأس السنة من اجل ايجاد مخرج للمأزق الحكومي القائم، لكنه لن يدخل في تفاصيل اية تسوية تتعلق بموضوع القضاء. وحسب المصادر ان رئيس الحكومة حريص على الالتزام بعدم التدخل في الشأن القضائي، لكنه لا يعارض اية حلول تنطلق وتلتزم بالاصول الدستورية والقانونية. وتضيف بأن التسوية المحتملة حتى الآن تتمحور حول ما كان طرح سابقاً، اي فصل قضية الوزراء عن مسار التحقيق العدلي للقاضي طارق البيطار في شأن انفجار مرفأ بيروت، وتسليم هذا الملف لمجلس محاكمة الرؤساء والوزراء كما اكد الرئىس بري اكثر من مرة. وعلى صعيد موقف ثنائي «حركة امل» وحزب الله، تؤكد المعلومات انهما مصممان على موقفهما بعدم المشاركة في جلسات مجلس الوزراء ما لم تعالج ازمة مسار تحقيق القاضي البيطار الناجمة عن تجاوزه الاصول القانونية والدستورية وتماديه في هذا التجاوز. وتضيف المعلومات ان هذا الثنائى يرفض أية مساومة على موقفه، مؤكداً ان هذا الموقف غير خاضع لاية مساومة او تساهل، خصوصاً ان التطورات التي سجلت في هذا الاطار تعزز الاعتقاد بان هناك محاولات واضحة لاستغلال قضية تحقيق المرفأ لغايات اخرى سياسية وغير سياسية.

وفي المقلب الثالث، لا يبدو ان التيار الوطني الحر مستعد لتعديل موقفه المتعلق بنقل ملف الوزراء الى مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء، فاذا كان رئيسه جبران باسيل قد ابدى خلال البحث في صيغة التسوية هذه، مرونة شكلية بتأمين النصاب لجلسة مجلس النواب المخصصة لها الامر، فانه بقي مصراً على التصويت ضد هذه الصيغة المطروحة، الامر الذي لا يضمن اقرارها ويجعلها تحت وطأة الضغوط والحسابات الطائفية.

وبرأي المصادر ان استمرار الاطراف على مواقفها يعني ان الآفاق امام المخارج الممكنة للازمة الحكومية مسدودة حتى اشعار آخر، وان المساعي المتوقعة في الايام والاسابيع القليلة المقبلة يجب ان تأخذ بعين الاعتبار طرح افكار او صيغة تتجاوز هذه الصعوبات وتؤمن في الوقت نفسه الضمانات الكافية التي تتجاوب مع اسباب معارضة الثنائي الشيعي لانعقاد جلسات مجلس الوزراء.

ووفقا للاجواء والمعطيات القائمة فان الامل ضئيل في ايجاد مخرج قريب للازمة الحكومية، الا اذا حصل تطور على صعيد مسار التحقيق القضائي، وهو امر مستبعد بنسبة كبيرة في الوقت الراهن.

لذلك يرى مصدر سياسي بارز انه من المرجح التعايش مع الازمة الحكومية القائمة لفترة غير قصيرة بانتظار حصول تطورات قد تسقط الاسباب التي حالت وتحول دون ايجاد مخرج توافقي لهذه الازمة، ويخشى المصدر ان تطول فترة التعايش مع هذه الازمة حتى موعد الانتخابات النيابية في ايار المقبل، خصوصا ان من بين الاسباب التي تحول دون بلورة او حسم الحلول الحسابات الانتخابية لدى التيار الوطني الحر.

وبرأي المصدر ان العمل الحكومي سيستمر في اطار اجتماعات العمل الوزارية التي يترأسها ميقاتي، واجتماعات مجلس الدفاع الاعلى المحدودة التي يترأسها الرئيس عون.اما الحلول الجدّية للازمة الاقتصادية والمالية فستكون مؤجلة الى الصيف المقبل، طالما ان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ستبقى تدور في لعبة الارقام والافكار المتفرقة خارج خطة التعافي الشاملة المطلوبة.