Beirut weather 15.77 ° C
تاريخ النشر December 12, 2023
A A A
محور المقاومة يَخرق الخطوط الحمراء الأميركيّة…
الكاتب: مريم نسر - الديار

من اليوم الأول للعدوان الصهيوني على قطاع غزة، وَضَع العدو أهدافه لإيقافه، وسَخَّرت أميركا كل إمكاناتها لدعمه بتحقيق ذلك بإدارتها، باعتبار أن تهديد وجود الكيان في المنطقة هو تهديد مباشر لوجودها فيها، لذلك اعتَبرت أنها تَخوض معركتها أيضاً..

بدأت الولايات المتحدة بإدارة الحرب، أعادت دوزنة “الموقف الإسرائيلي” وحصرته في غزة، ووضعت خطاً أحمراً بعدم توسعتها إقليمياً، لأن ذلك سيَضطرها للتدخل عسكرياً، مما يدفعها لإعادة حساباتها من جديد وتبديل أولوياتها، وهذا ما لا تريده واشنطن، لذا نراها تُوزِّع رسائلها بين جنوب لبنان واليمن والعراق، بعضها ذو طابع ترهيبي وبعضها ترغيبي، كما وضعت خطة لكيفية تعاطي أنظمة المنطقة الحليفة لها مع العدوان على القطاع، فأعطت هامشاً لحكومات بعض الدول لتنفيس الإحتقان وإحتواء حالة الغضب الشعبي، بالتأسّف على مظلومية الشعب الفلسطيني فقط، لكن بنفس الوقت إذا أراد أحد أن يُفكِّر بخطوات حقيقية لمناصرة القضية الفلسطينية، وظيفة هذه الحكومات إيقافه، ما يعني استمرار البكاء على الفلسطينيين يقابله استمرار في طعن ظهر المقاومة. فأميركا تُتقن فن التلاعب بالوعي وتُوزِّع الأدوار في المعركة الواحدة، فهي و”الإسرائيلي” مَن يأخذ المنطقة الى حرب، حتى أن بالأساس “طوفان الأقصى” فعل دفاعي.

 

 

 

هذا ما بدأت به أميركا وخطّطت له لتصل الى ما تريده، إلا أن “الميدان” أخذ الأمور لأماكن مختلفة، إن لناحية النتائج السياسية أو لناحية النتائج التي تَحقّقت فيما يتعلّق بوعي الرأي العام العالمي، وما له من تأثير على مسار المعركة، والأهم هو الإدارة الذكية من محور المقاومة للمعركة، حيث تتم بشكل متكامل بين مختلف جبهاته، فكل يشارك وفق دوره ومكانته، ويَخرق بذلك الخط الأحمر الأميركي ويُثبِت أنه يمتلك حرية العمل، فتجربة المقاومة تؤكِّد أن المعركة لا تُدار في الإعلام إنما تُدار في الميدان ولا يُقيِّدها شيء، خاصة في لحظة إدارته وليس توظيفه. فالمقاومة دقيقة في إدارة الميدان، خاصة وأنها دخلت الحرب بالعقل والوعي، لذا لا يُمكن إستدراجها، فهيَ تذهب بتوقيتها حيث تُريد بالتخطيط، فالهدف أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأول، أن الضغط على مختلف جبهات المحور هو لوقف العدوان على غزة لتَخرج المقاومة مُنتصِرة وتَفرض شروطها، فالخيارات مفتوحة لتحقيق ذلك، والمحور حاضر لكل السيناريوهات، وقادر على أن يَسير بمسار تصاعدي تخطيطي وليس إنفعالياً..

وفي الوقت الذي يُخزِّن فيه محور المقاومة الكثير من القدرات، يتم استنزاف المعسكر الأميركي- “الإسرائيلي” بحرب عُرفت نتيجتها لحظة القيام بعملية طوفان الأقصى، عندما قاتل أصحاب القضية ومشروع إستعادة الأرض مِن المغتصِب والمُحتل، فالمقاومة تُقاتِل دفاعاً عن وجودها في أرضها، ومن هنا تَكتسب مشروعية حقها الطبيعي، على عكس ما يدّعيه المحتل وفرقته التي تروِّج له عالمياً بحقٍ مزيّف كما حقيقة وجوده تماماً..

إذاً مهما فعلت “إسرائيل ” ومن خلفها أميركا، فالنتيجة حُسمت للشعب الفلسطيني، وأكدت أنه صاحب قرار السلم والحرب والوجود والبقاء، وأنه لا يُمكن شطبه عن خارطة العالم، فكل مسارات التطبيع السابقة، وتحديداً مسار التطبيع الذي كان بين “إسرائيل” والسعودية لو تم بالشكل الذي كان مُقرَّراً له، لما قامت قائمة بعد ذلك للشعب الفلسطيني، ولكن طوفان الأقصى قطع الطريق على الجميع، وأعاد تصويب البوصلة من جديد باتجاه القضية المركزية، وهذه من أهم نتائج الحرب قبل انتهائها…