Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر April 12, 2022
A A A
محميّة حرج اهدن: أولى محميّات لبنان وأكثرُها تنوّعاً
الكاتب: نقولا طعمة - الميادين نت
86392af3-f330-458c-8ef7-79b8d006eb7c eaa700ed-5ef4-4d3e-9dcb-7506336de960 fa840903-381c-4400-b0a9-c3687c1bbb00
<
>

تقع محمية إهدن على منحدرات جبل لبنان الغربية الشمالية، وتمتد من علو يتراوح بين 1200 و2000 متر عن سطح البحر.

قلّما حظيت مدينة بما حظيت به “إهدن” من اهتمام، وعشق لأبنائها بأنحائها، وساحاتها، وميادينها، وتلالها حتى جعلوا منها محطّ الأنظار من كل حدبٍ وصوب.

وأكثر ما صنع عالميّة “إهدن” (110 كلم من بيروت و1450 متر عن سطح البحر)، هو حرج يغطي مساحة واسعة من منحدراتها، جذب إليه روّاد التسلّق من شبّانها، يقارعون طبيعتها، ويتخذون من محطّاتها الصخريّة المتنوعة موئلًا لاستراحاتهم، ومن مناظرها مسارح لأنظارهم.

 

 

تَفاعُلُ الشّباب الأهدني
تَفاعُلُ الشّباب الأهدني مع حرجه، دفعه للاهتمام به، خصوصاً مع تنامي الوعي البيئي، مقروناً بتطور العلوم المحمولة على أكتاف الجانب الإيجابي من الحداثة، فاهتمّ كثيرون بالحرج، محاولين رعايته ما استطاعوا، لكن دون ذلك عقبات متمثلة بالاعتداءات التي يتعرض له من قبل من لا يدركون أهمية الشجرة، والأحراج، وضروراتها الطبيعية البيئية، وليس من صلاحيات الشباب المهتمّ ردع الاعتداءات، أو منعها، فكان لا بد من قانون حماية له.

وبحسب رئيسة لجنة محميّته الحالية ساندرا كوسا فإن “محمية حرج إهدن” هي “من أهمّ المحميّات في الشرق الأوسط، بالنسبة لغناها البيولوجي، وأول محميّة طبيعية بيئيّة أعلنت في لبنان”.

وبلغ صيت الغابة مسامع البيئي اللبناني الراحل الدكتور ريكاردو الهبر، فراح يقصد الحرج واضعاً الدراسات عنه، ودراساً لمحتوياته النباتية والحيوانية، بالتعاون مع الأصدقاء المهتمين بالحرج، على ما يروي مسؤول الشؤون الإعلامية في لجنة المحمية الإعلامي روبير فرنجيه، الذي أفاد “الميادين نت” أن قصص الاهتمام بالحرج بلغت مسامع الرئيس الأسبق للجمهورية، ابن زغرتا، سليمان فرنجية، فحلّ الهبر في ضيافته، مُودِعاً في مسامعه أهميّة الموقع”.

تفيد كوسا أن “قانون رقم 121 تاريخ 9 آذار /مارس 1992 صدر معلناً “الملكيّة العامة لحرج أهدن محميّة طبيعية، وتديرها لجنة معيّنة من قبل وزير البيئة، وتضم متطوعين يشرفون على سير العمل فيها. أما الأعمال والبرامج والنشاطات اليومية فيديرها فريق عمل متخصص”.

تقع المحمية على منحدرات جبل لبنان الغربية الشمالية، وتمتد من علو يتراوح بين 1200 و2000 متر عن سطح البحر.

 

 

تطور إعلان الحرج محمية
ويتحدث الإعلامي فرنجيه عن تطورات إعلان الحرج محميّةً كونه من المؤسِّسين، ذاكراً أن “القانون لم يكن ليرى النور لولا جهود عديد من الأشخاص، ودعم الرئيس سليمان فرنجيه، بعد أن التقى بريكاردو الهبر الذي خصصت غابة باسمه بعد رحيله”.

الهبر نبّه الرئيس فرنجيه إلى مخاطر التعديات التي تقع في نطاق المحمية، مهددة الغابة الدهريّة بالزوال، بحسب فرنجية، فتحرك الرئيس فرنجيه سياسياً، وكان في مؤازرته قانونياً عبد الله زخيا، وريكاردو الهبر علمياً، وجمعية أصدقاء حرج إهدن ميدانياً، وأمكن بتضافر جهودهم تأمين تواقيع النواب المطلوبة لكي يتمكّنوا من الحصول على قانون المحميّة”.

ويذكر فرنجيه أن “المحميّة بدأت بمساحة 1000 هكتار، وقد تكون من المحميّات الصغيرة، جغرافياً، لكن تنوّعها البيولوجي يجعل منها محميّة هامّة”.

المحميّة توسعت حالياً، لكن لم تستطع التمدد كثيراً لأنها، كما يقول فرنجيه، متاخمة لحدود أخرى لا يمكن بوجودها التمدّد، مثل أفقا والجرد، وفي الأعالي تواجه المحميّة تعدديّة الملكية في بشري والضنية وإهدن، ونظراً للاحترام الكبير لهذه الجغرافيا، لم تتمدد الغابة أكثر من 1700 هكتار، وتتم الحماية للمناطق المجاورة بالحماية الاختيارية بالتوعية”.

 

 

نباتات نادرة
ويفيد فرنجيه إن “هناك نباتات كثيرة منها النادر وغير الموجود في أي مكان آخر، ومنها المحليّ المعروف كشقائق النعمان، والزعفران، وجرى تصنيف النباتات بالتعاون بين الهبر وزوجته الدكتورة ميرنا، ووضعت لها الكثير من الدراسات، وزارها سفراء معظم الدول الأجنبية، واستقبلت الكثير من الرحلات المدرسيّة، ونظمت لها الكثير من منشورات التوعية، كما وضع الراحل الدكتور هاني عبد النور العديد من الدراسات عن الحشرات فيها”.

للمحمية لجنة حكومية مكوّنة من اعضاء من البلدية، ومن جمعية أصدقاء حرج أهدن، ومن جمعية الميدان، ومؤسسة الرئيس رينيه معوّض، وجمعيّة يوسف بك كرم، والمجتمع المحلي.

ويذكر فرنجيه أن “فيلماً وثائقيا وُضِع عن المحمية من إخراج بهيج حجيج، ونال جوائز عالمية، كذلك، نشرت الكثير من حملات التوعية البيئية لحماية المحميّة، وقدّمت الفنانة ماجدة الرومي نصبا للسيدة العذراء مريم ثُبِّت في غابة الصنوبر، وأُطلق عليه اسم “سيّدة الحرج”، حيث “نقيم ذبيحة إلهية داخل المحميّة قرب النصب في الهواء الطلق، على نيّة الراحلين من أعضاء اللجنة، وكل العاملين من أصدقاء الحرج لحمايته من التعديات، والحرائق وكل المخاطر التي تتهددها”، بحسب فرنجيه.

 

 

معطيات هامة
ووفق المنشورات الموضوعة عن المحميّة، يمكن سرد بعض المعطيات الهامّة عنها:

تمتاز الغابة بالتنوع البيولوجي وتحتوي على الصنوبريّات، والأشجار ذات الأوراق العريضة الدائمة الخضرة في منطقة معزولة متنوعة التضاريس، ويظهر التنوع البيولوجيّ الخاص بها من خلال ثلاث مناطق جغرافيّة حيويّة من أصل تسع موجودة في لبنان.

وتتنوع الكائنات الحية فيها، وتحتوي على 1058 نوعاً من النباتات، منها 39 نوع من الأشجار بالإضافة إلى 26 نوع من الثدييّات، و156 نوع من الطيور، و300 نوع من الفطريات.

من النباتات المستوطنة في المحمية، أنواع مهدّدة بالانقراض على الصعيدين الوطني والعالمي، ومنها ما هو مستوطن في لبنان، وأخرى نادرة، ومنها أيضا أعطيت أسماء للبنان، ومنها نباتات طبيّة.

وتشمل المحمية أكثر من 300 نوع من الفطريات، وبعضها على شكل فطر ملوّن، تتعايش مع الأشجار التي تزودها بالمواد المغذيّة الهامة، وهي ذات أهميّة كبيرة إذ تساهم في الحفاظ على النظام الإيكولوجي للغابات.

وتحوي المحميّة 39 نوعا من الأشجار الحرجية وأهمها: الأرز، والشوح، واللزاب، ومصدر ومركز جيني لمشاريع التشجير في مرتفعات ما فوق 2000 متر، والقيقب، والصنوبر، والسنديان، والعفص، والملول، والعزر، والتفاح البريّ..

وفي المحميّة 26 نوعاً من الحيوانات منها 10 أنواع نادرة وطنياً، مثل عفريت الشجر، والوطواط الأوروبي، ووطواط الفأرة، والذئب، وابن عرس، والضبع، والهرّ البريّ.

أما الحشرات والفراشات فتكثر في فصل الربيع وهي ذات الأشكال، والأحجام، والألوان الجميلة.

وعلى صعيد البرمائيات والزواحف، فقد سجلت الدراسات ما مجموعه 23 نوعا، 4 أنواع من البرمائيات، و19 من الزواحف، ومنها ما هو مهدد عالميا وهو ال Chameleo-Chameleon ، و19 نوعا من الأنواع الاقليمية أو المحلية المهددة بالزوال في لبنان.

كما تمّ إحصاء 156 نوعاً من الطيور المثيرة للإعجاب، منها 9 مهدّدة إقليمياً، و57 نادرة في لبنان، وأربعة انواع من النسور المهدّدة عالمياً، و110أنواع من الطيور المهاجرة، أو الزائرة المحميّة في فصل الشتاء كـ”البجع الأبيض”.

وفي المحميّة مشاتل من نباتاتها وأشجارها تغذي مختلف غابات لبنان.

ختاما تذكر كوسا أن العديد من الأنشطة تقام في المحميّة، وهي تلعب دوراً مهما على المستوى الوطني من الناحية السياحيّة، والاقتصاديّة، والبيئيّة، ويجري التركيز على حماية التنوّع فيها، من خلال فريق عمل متابع لشؤونها طوال الوقت.

* الصور لـ موسى سعادة.