Beirut weather 17.43 ° C
تاريخ النشر December 10, 2018
A A A
محاذير الرسالة الرئاسية تدفع إلى التريث في الخطوة
الكاتب: سابين عويس - النهار

فتحت اعادة احياء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خياره اللجوء الى ممارسة حقه الدستوري بإرسال رسالة الى مجلس النواب تتصل بالملف الحكومي العالق، أبواب الجحيم في الوسط السني الذي رأى في التهويل الرئاسي مساً بصلاحيات الرئيس المكلف، ومحاولة لعزله او اسقاطه. وهذه ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها رئيس الجمهورية الى ردود فعل عالية النبرة، كلما تعلق الامر بالتهديد باللجوء الى المجلس النيابي لبت أزمة تعثر تأليف الحكومة.
وكما تريث رئيس الجمهورية عند طرح الموضوع اول مرة بناء على نصيحة من رئيس المجلس نبيه بري، لا سيما وانه لم يكن قد مضى على بدء عملية التأليف نحو ثلاثة اشهر، عاد اليوم الى تريثه بناء على نصائح عدة نتيجة عاملين أساسيين يتحكمان بالمرحلة الراهنة وظروفها: الاول ينبع من حرص رئيس الجمهورية على عدم التصعيد مع الرئيس المكلف، خصوصا بعدما بلغه الامتعاض الشديد في اوساط بيت الوسط من لجوء الرئيس الى التهديد باللجوء الى المجلس متجاوزا دوره الى جانب الرئيس المكلف في التأليف.
اما العامل الثاني فيكمن في محاذير الرسالة الرئاسية الى البرلمان على اي جلسة نيابية سيدعو اليها رئيس المجلس، بعدما تبلغت اوساط عين التينة نية نواب “المستقبل” مقاطعة اي جلسة يمكن ان يتناول فيها المجلس ما يمس بصلاحيات رئيس الحكومة. وهذا الموقف انسحب حتى على النواب المستقلين من خارج “المستقبل” بمن فيهم نواب الثامن من آذار، الذين يرفضون المشاركة بأي جلسة تمس بصلاحيات الرئاسة الثالثة. وهذا يعني عمليا افتقاد الجلسة لميثاقيتها وبالتالي للجدوى المرجوة منها.
وبهذه الحال، سيكون رئيس الجمهورية مدعوا الى الوضوح في تحديد مضمون الرسالة، وما تهدف اليه، خصوصا وان نقل المشكلة الى المجلس لن يساعد في حلها، طالما بقيت العقد على حالها. ولكن هذا لا يعني او يلغي قرار الرئيس توجيه الرسالة، وفق مصادر سياسية مواكبة، باعتبار ان عون حسم قراره في هذا الشأن، ولم يبق الا الإعلان عن توجيه الرسالة، بعدما بات أكيدا ان الرئيس المكلف متمسك برفضه اقتراح رفع عدد اعضاء الحكومة الى ٣٢ وزيرا، كما عرض عليه رئيس الجمهورية.
وللتذكير، فان هذا الاقتراح سيضيف وزيرين احدهما للطائفة العلوية والآخر للاقليات. وفي حين يأمل عون ان يكون مقعد الأقليات من حصته، اذا ما انتهت الامور (كما هو ظاهر) الى تنازله عن الوزير السني لمصلحة “حزب الله”، يسمي الحريري الوزير العلوي من حصته. وهذا الامر يلاقي رفضا قاطعا في بيت الوسط لسببين، اولهما ان تسمية علوي في هذه الحكومة سيسجل سابقة لن يعود في الإمكان التراجع عنها في الحكومات المقبلة. اما السبب الثاني، فلإدراك الحريري بأن تسميته اليوم علويا من حصته لا يعني انه لن يكون عمليا من حصة سوريا ورئيسها تحديدا، وان التسمية في الحكومة المقبلة ستكون للأسد مباشرة.
وعليه، فإن كل اللاءات التي تواجه تأليف الحكومة ليست الا المؤشرات الفعلية لعدم وجود اي أفق جدي للتأليف. واذا كانت رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس ترمي الى رفع مسؤولية التعطيل من ملعبه ورميها في ملعب الرئيس المكلف، فإنّ اقتراحي توزير سني من ٨ آذار ورفع الحكومة الى ٣٢ وزيراً ليسا الا الذريعة لعدم التأليف!