Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر October 10, 2017
A A A
مجلس النواب يكرّس التسوية الرئاسية المالية
الكاتب: البناء

 

بينما نجح مجلس النواب بتكريس التسوية الرئاسية حول الملف المالي، خصوصاً بحماية سلسلة الرتب والرواتب، وتثبيت السلة الضريبية المقرّة سابقاً وقبل قرار المجلس الدستوري، وفي قلبها الضرائب على المصارف التي كان لافتاً في تصريح رئيس حزب الكتائب لدى تبرير التصويت ضدّ الضرائب قوله إنّ وفر الموازنة وعائدات الهندسة المالية تكفيان لتمويل السلسلة، مشيراً لإجراءات تستهدف التهرّب الضريبي، ومستثنياً الإشارة للضرائب على المصارف كمصدر موارد للخزينة يُفرض للمرة الأولى ويستدعي التبنّي من كلّ مَن يدّعي الدعوة لنظام ضريبي عادل ومتوازن بين اللبنانيين يعمل بوحي الدستور، ليظهر الحزب ولو مواربة ومتلعثماً كحزب للمصارف دون سواه من التشكيلات السياسية التي يفترض أنها أشدّ ارتباطاً منه بالقطاع المصرفي، وفرضت عليها مقتضيات التسويات السياسية تجرّع هذه الكأس المرة. الأمر اللافت الثاني كان إصرار رئيس المجلس النيابي نبيه بري على اعتماد التصويت برفع الأيدي، مؤكداً سيادة المجلس النيابي على نفسه، رافضاً ما وصفه سابقاً بتدخل المجلس الدستوري في شؤون عمل المجلس بما يتجاوز صلاحيات المجلس الدستوري المحصورة بالنظر بدستورية القوانين، والتي يحترمها مجلس النواب.

البرلمان أقرّ «الضرائب» بأكثرية 71 صوتاً وبرفع الأيدي
نجح المجلس النيابي في تصحيح الخلل الذي أحدثه قرار المجلس الدستوري إبطال قانون الضرائب الذي أقرّه المجلس النيابي في تموز الماضي، وأعاد البرلمان أمس إقرار «القانون» نفسه مع بعض التعديلات بأكثرية 71 صوتاً وبرفع الأيدي فيما صوّت خمسة نواب ضدّه وامتنع 9 عن التصويت. وعلمت «البناء» أن النواب الذي صوّتوا ضد القانون هم أنفسهم الذين طعنوا في «القانون» أمام المجلس الدستوري، أي النائب بطرس حرب ونواب حزب الكتائب وبعض المستقلين.

وأعاد المجلس النيابي تصحيح الثغرات وضبط الأمور بعد الفوضى المالية والدستورية التي رافقت وأعقبت صدور قرار «الدستوري». وبالتالي تمكّن من سد الثغرات القانونية وحصّن «القانون» من أي طعن جديد قد يلجأ اليه عشرة نواب. والأهم أن المؤسسة الأم ثبّتت وكرّست دورها في التشريع المالي من خارج الموازنة، بعد أن لحظ المجلس الدستوري في قراره مبدأ شمولية الموازنة.

كما شكّل تمرير «القانون» من غالبية الكتل النيابية الممثلة في الحكومة اختباراً حياً للاتفاق السياسي بين الرؤساء الثلاثة الذي تظهّر في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة في بعبدا لرسم خريطة طريق لما جرى يوم أمس في قاعة البرلمان، الى جانب اللقاءات والاتصالات على خط بعبدا – عين التينة – السراي التي سبقت الجلسة، بعد أن وصلت الأمور الى طريق مسدود ووضِع البلد على فوهة انفجار اجتماعي في الشارع. كما ظهَّر التنسيق والتكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الذي شدّد على تعاونهما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

ووصفت مصادر نيابية الجلسة بالجيدة وقالت لـ «البناء» بأن «رئيس المجلس نبيه بري حاول إمساك العصا من الوسط، حيث عمل على ضمان انتزاع السلسلة كحق مكتسب للموظفين، لكن في المقابل حرص على ضمان استمرارية دفع السلسلة وتمكين الحكومة من امتلاك قدرة تمويلها من خلال فرض ضرائب جديدة أصابت بمعظمها تكتلات رأس المال، وبالتالي حفظ المالية العامة وعدم الوقوع في عجز وتهديد الاستقرار المالي والنقدي. كما حرص الرئيس بري، بحسب المصادر، على ألا تطال الضرائب الشرائح الشعبية، وحتى الضريبة على القيمة المضافة 1 في المئة لن تشمل السلع الأساسية والضرورية». وشددت على أن الأهم هو أنه للمرة الأولى تطال الضرائب القطاع المصرفي والشركات الكبرى والأملاك البحرية. وهذه ستكون المصدر الرئيس لتمويل السلسلة».

الحريري: الضرائب لا تطال الفقراء
بينما لفت رئيس الحكومة سعد الحريري في كلمة له عقب الجلسة إلى أنه «لا يمكن أن نكمل بالسلسلة بلا إيرادات. ولا يمكن بتاتاً إقرار السلسلة من دون ضرائب جديدة»، مشيراً الى أن «مَن يعترض اليوم على الضرائب كان موافقاً عليها، فكفى مزايدات»، وموضحاً أن «مَن يراجع المواد المستثناة من الـ TVA يعرف أن هذه الضريبة لا تطال الفقراء». وحذّر رئيس الحكومة من أن «إذا لم نُقر ضرائب فسيكون علينا الاستدانة وبفائدة 6.5 في المئة ونرفع الدين، وبالتالي نضع البلاد في وضع أكثر حراجة مما هو عليه اليوم».

خليل: دخلنا إلى ساحة الإصلاح الضريبي
وفي حين أوضح وزير المال علي حسن خليل أن «الحرص على الطبقات الفقيرة يستدعي الحرص على المالية العامة وكل من يتحدّث عن الإجراءات الضريبية شارك في زيادة الإنفاق، ولا يزايدنّ أحد في هذا الموضوع». وأوضح أن خدمة الدين في سنة واحدة زادت 760 ملياراً، مضيفاً «نعم حصّلت المالية في 2017 ضريبة دخل على المصارف تقارب 800 مليون دولار في 2016 نتيجة الهندسة المالية، لكن ذلك الأمر يحصل مرة واحدة ولا يؤثر على مجمل النظام المالي وأريد أن ألفت الى ان عدد التوظيفات في الدولة ارتفع كثيراً في السنوات الأخيرة وأدخلنا 26 ألف منتسب جديد الى الدولة. وهذا يرتب أعباء على الخزينة». وأضاف: «عبر هذه المجموعة الضريبية دخلنا الى ساحة الإصلاح الضريبي، ولا سيما لشركات الأموال والمصارف و85 في المئة منها لا تطال الطبقات الفقيرة».

خلط للأوراق وداخل الكتلة الواحدة
وقد خلطت المواقف النيابية من بعض الضرائب الأوراق حتى داخل الكتلة الواحدة، حيث تلاقى حزب الكتائب مع كتلة الوفاء للمقاومة مع أمين سر كتلة التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان على رفض رفع الضريبة على القيمة المضافة الى 11 في المئة.
فقد طالب كنعان بتعليق بند زيادة 1 في المئة على الـ tva أسبوعاً، الى حين إقرار الموازنة مع إمكان الاستغناء عنها وعن ضرائب أخرى في ضوء الوفر المحقق. أما النائب نواف الموسوي، فأكد «أننا مع الضرائب على المصارف والطبقة الغنية»، بينما اعتبر رئيس الكتائب النائب سامي الجميل أن «الوفر في الموازنة، والضريبة على الهندسة المالية، اضافة الى الإصلاحات التي يجب أن تتخذها الحكومة للتخفيف من التهرّب الجمركي والضريبي، كفيلة بتمويل السلسلة».

«كسر جليد» بين بيت الوسط وكليمنصو
على صعيد لم تحجب ساحة النجمة الضوء عن كليمنصو التي جمعت أمس الأول الرئيسين بري والحريري ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، حيث نجح الرئيس بري، بحسب مصادر مطلعة، في كسر الجليد بين الحريري وجنبلاط بعدما وصلت العلاقة بينهما الى الأسوأ في تاريخها». ولفتت المصادر الى أن «أهداف اللقاء الثلاثي لا يمكن حصره في اتجاه معين، بل جاء لتحصين المعادلة الداخلية الحالية وتثبيت الاستقرار السياسي والاجتماعي وبعث بصورة واضحة بأن الحكومة باقية رغم المخاوف من إطاحتها واستقالة رئيسها وأنها لن تتأثر ببعض التغريدات والثرثرات العابرة للبحار».

ونفت المصادر أن «يكون اللقاء موجهاً الى أحد لا سيما الى بعبدا التي تربطها تحالف واتفاقات مع الحريري كشريك أساسي للعهد. وبالتالي ليس موجهاً ضد العهد الذي وباعتراف الجميع استطاع رسم لوحة مشرقة في الأمم المتحدة من خلال مواقفه الوطنية والحاسمة لا سيما بموضوع سلاح المقاومة وأزمة النازحين السوريين والإرهاب والقضية الفلسطينية». وفي سياق ذلك لفتت مصادر كتلة التنمية والتحرير لـ «البناء» الى أن «الرئيس بري بخطوته هذه يريد التسهيل للعهد وإزالة الألغام من طريقه، وليس تعقيد الأمور وعقد تحالفات ضد رئيس الجمهورية الذي يشهد له الجميع بأنه رجل صلب ونتفق معه بكل العناوين والقضايا الاستراتيجية التي قد تكون أهم من الخلافات على بعض الملفات الداخلية».

وفي ما لم تر مصادر نيابية في التيار الوطني الحر بلقاء كليمنصو أنه موجّه الى «التيار» ورئيس الجمهورية، لفت النائب وائل أبو فاعور في تصريح أن «الهدف من اللقاء هو مصلحة البلد وهو ليس موجّهاً ضد أحد»، معلناً استعداد جنبلاط لتلبية أي دعوة لزيارة السعودية.