كتب رضوان عقيل في “النهار”:
يعود الحديث عن مجلس الشيوخ كلما اقترب موعد الانتخابات النيابية والغوص في مندرجات اتفاق الطائف الذي لم تطبق القوى السياسية بنوده، وقد درجت على خياطة قانون الانتخاب على قياس مصالحها وما تحصده من مقاعد في البرلمان.
يتناسى كثيرون أن قانون الانتخاب يشكل الحجر الأساس في بناء هيكل الحياة السياسية. ويُلاحَظ أن لا دعوات إلى إنشاء مجلس شيوخ، ولا حماسة لإطلاق عجلته في عدد من مشاريع قوانين الانتخاب المطروحة، والتي شارف عددها الـ50!
يعتبر النائب هادي أبو الحسن أن مجلس الشيوخ يشكل بندا إصلاحيا ورد في الطائف “لكنه كان موضوع رفض طوال كل هذه السنوات انطلاقا من حسابات طائفية”.
وفي غياب مناخات الثقة بين الأفرقاء، من غير المتوقع التوصل إلى تطبيق هذا البند، ولا سيما بعد دعوة رئيس الحكومة نواف سلام إلى تطبيق بنود الطائف وعدم الاستمرار في تجاهلها أو القفز فوقها.
ومن غير المستغرب هنا تمسك أكثر الكتل، ولا سيما المسيحية منها بالقانون الحالي، لأنه يسمح لها بالإتيان بالحصة الكبرى من نوابها بغض النظر عن أعداد الناخبين المسلمين.
ومع بداية مناقشة قانون الانتخاب، يبدو أنه في أحسن الحالات سيقتصر الأمر على إدخال بعض التعديلات على قانون الانتخاب أو حذف بنود منه. وتبقى المسألة الأهم التي تشغل الجميع، معرفة توجه اقتراع المغتربين وما إذا كانوا سيقترعون على غرار الناخبين المقيمين أو حصر تصويتهم بستة نواب ليصبح مجموع البرلمان 134 نائبا في الدورة المقبلة بموجب تعديل 2022.
وإذا كان “اللقاء الديموقراطي” يعمل على إطلاق عجلة مجلس الشيوخ، فهو ينطلق أولا من ضرورة التخلص من آثار القانون الحالي الذي وفر له 8 نواب في الدورة الأخيرة، إلا أن أبو الحسن يركز على ضرورة العمل للمصلحة الوطنية لا الذاتية، “فالقانون الحالي يزيد التعصب، ولا إصلاح في ظل نظام يقوم على محميات طائفية وسياسية”.
ويعمل المتحمسون لمجلس الشيوخ على حفظ موقع الأقليات في البلد، مع تشديد أبو الحسن على أن “عملية الإصلاح السياسي يجب أن تتبلور في سلة متكاملة تبدأ من العمل على إلغاء الطائفية السياسية وتطبيق اللامركزية الإدارية، والمطلوب تبديد هواجس الأقليات وطمأنتها”.
وفي خضم الكباش المفتوح بين الكتل، تبرز جملة من الصعوبات أمام ولادة مجلس الشيوخ بعدما حضر في اقتراح قانون الانتخاب الذي أعدته كتلة “التنمية والتحرير” وقدمه النائب علي حسن خليل وأعده النائبان السابقان إبرهيم عازار وأنور الخليل، بالتعاون مع الباحث محمد شمس الدين. ويقوم على وضع لبنان دائرة واحدة وتثبيت 20 مقعدا للنساء.
ويتضمن المشروع التوصل إلى انتخاب مجلس الشيوخ (46 شيخا مناصفة بين المسلمين والمسيحيين). ولا يعترض الرئيس نبيه بري على هذا المجلس ولو أنه سيأخذ من صلاحيات رئيس البرلمان. ويقول بري في هذا الإطار إن المهم عنده تطبيق الدستور وانتظام عجلة الحياة السياسية في البلد والتوصل إلى قانون انتخاب عصري يعبّر عن طموحات الأجيال المقبلة.
وثمة حساسية لا يمكن الهروب منها في حال التوصل إلى إطلاق مجلس الشيوخ، إذ ستحضر مشكلة تتمثل في أن الطائف لم يحسم من سيتولى رئاسة هذا المجلس، سواء كان أرثوذكسيا أو درزيا. ويقول أبو الحسن إن طائفة الموحدين الدروز “صاحبة دور كبير في لبنان إلى جانب بقية الطوائف. والدروز ما زالوا يؤدون دورا كبيرا في حماية لبنان والحفاظ على هويته وعروبته”.
ولا يمانع الحزب التقدمي الاشتراكي في تطبيق الدستور، لكنه لم يلمس توجهات جدية لتحقيق هذا الأمر بدل الانغماس في تضييع الوقت. ويلتقي هذا الموقف مع كلام الأمين العام لـ”اللقاء الأرثوذكسي” النائب السابق مروان أبو فاضل الذي يدعو إلى التعامل بهدوء مع مناقشة قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ على أساس أنه “مرتبط بالتوصل إلى إلغاء الطائفية السياسية للبحث في هذا الموضوع وطرحه جديا، وسيكون للطائفة الأرثوذكسية كلمتها التي لن تحيد عن تقديم الأفضل للبنان وبناء حياة سياسية سليمة للأجيال المقبلة”.