كتب الكاتب الشاعر اسعد المكاري
سبعة وأربعون عاماً على مجزرة الغدر في إهدن، وصور الفاجعة حاضرة في البال، وخيراً أنّها حاضرة. أرواح الشهداء تهيم في السكون وطفلة ما زالت عيناها ترسم البراءة صلباناً فوق قبب الكنائس، والشهادة ما زالت مستمرّة، وتراب الأرض مجبول بدماء ودموع، والأمومة تنتحب إلى اليوم في كبد السماء. الجاني ما زال يفلت من عقابه وسياسة التجنّي والتكاذب باقية عند المعتدي، لكأنّ كل ما جرى كان غيمة عابرة ومضت. نحن نكتب لا لننكأ الجراح، بل حتى لا تتكرّر المأساة، وتتّعظ الأجيال ممّا حصل واعتبار مجزرة الغدر على أنها خطيئة اقترفتها يد الإجرام لحسابات ضيّقة لا يستفيد منها الّا العدو.
والمراهنون آنذاك لليوم لا يستطيعون تحقيق طموحاتهم وأطماع أسيادهم، وإقامة الدويلة المنشودة، بل قوّضوا الوطن وكبّلوا الحريّة وعاثوا في المجتمع فسادهم، حتى كان الإنقسام عمودياً وأفقياً وبات الوطن من دون مناعة، لا بل مرتعاً للعمالة والإيديولوجيات المستوردة، وباتت التدخلات الخارجية أكثر وقاحة وتفرض الإملاءات في كل شاردة وواردة.
سبعة وأربعون عاماً على مجزرة الغدر في إهدن، والمرتكب لم ولن يخجل من فعلته بل يمعن في شرذمة المجتمع وتقويضه بنقضه دعوات الحوار وتهيئته الأرضية إعلامياً لسطوة العدو وسيطرته، فالعمالة لديه وجهة نظر والوطنية خرافة والقيم إلى زوال والمبادئ عادات بالية.
رحم الله شهداء الغدر وستبقى أرواحهم منارة قدسية لنا إلى يوم القيامة.