Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر June 17, 2019
A A A
مجزرة التعيينات الإداريّة
الكاتب: نايلة تويني - النهار

ملف خلافي جديد، ربما تحوّل بين ليلة وضحاها، سبباً للمصالحة على توزع الحصص وتقاسم الجبنة، وربما كان فعلاً السبب لرفع السقوف السياسية لضمان الحصول على مواقع مهمة، وحيازة شرف تسمية من يشغل تلك المواقع الادارية التي يعتبرها السياسيون مفاتيح للخدمات الانتخابية، والحزبية، والطائفية، والمناطقية.
التعيينات الادارية لم تعد انجازاً لأي حكومة، على رغم ان كثيرين يعتبرون اتمامها عملاً مهماً، لانها لا تحفظ الأصول القانونية، ولا تحترم الدستور، ولا حتى الأعراف التي تقضي بالتوزيع المذهبي لا الحزبي، فيما انحصرت العملية بعدد قليل من الزعماء دونما مراعاة للخبرة وحسن السيرة والجدارة.
المستحقون في لبنان تنحوا جانباً غصباً عنهم. تم اقصاؤهم، ووضعت لبعضهم شروط الولاء الاعمى، الى حد الاستعباد، في حال تسميتهم في مواقع محددة. عدم الالتزام يعني الاضطهاد والتضييق وصولاً الى الاعفاء. وكم من مدير عام أُعفي من مهماته، إلّا أنه يستمر في قبض راتبه فيما يلزم منزله. وهذا وجه من وجوه الفساد وإهدار المال العام، من غير ان تأتي نقاشات مجلس الوزراء، ومن بعده لجنة المال والموازنة، على ذكر الموضوع، لأن المسؤولين عنه، هم المسيطرون عل القرار السياسي.
في وقت سابق، أقرّت آلية للتعيينات، تقضي بالاعلان عن الوظيفة الشاغرة، فيتقدم المستحقون لتوليها، وتتولى لجنة مختصة مقابلة هؤلاء وترفع ثلاثة أسماء مستحقة الى مجلس الوزراء الذي يختار أحدها. لكن الآلية عطلت على السياسيين فرض ارادتهم، والتدخل في التعيينات، فاتفقوا حيث لا يتفقون، على إهمالها وصولاً الى نسفها.
وزير الاعلام السابق ملحم رياشي أعاد إحياء تلك الآلية في تعيين رئيس مجلس ادارة لتلفزيون لبنان. فشل. حاصره شركاؤها في التسوية المسيحية. كانت الحجة ان لرئيس الجمهورية، كل رئيس، رأيه في هذا التعيين. كأن الرئيس لا يمكنه ان يختار واحداً من ثلاثة مستحقين. ومنذ نحو سنتين بقي التعيين معلقاً. ولا رئيس مجلس ادارة للتلفزيون الرسمي الى اليوم.
اليوم يتحدثون عن تعيينات في الفئة الأولى حيث نحو 41 مركزاً شاغراً. لا آلية واضحة سوى الانتماء الحزبي. لا تقديم طلبات، لا دور لمجلس الخدمة المدنية، ولا لوزارة التنمية الادارية، ولا مكان للشباب اللبنانيين الأكفياء، ولا لذوي الخبرات، ولا للأوائل في جامعاتهم. هؤلاء أبناء جارية في نظر الممسكين بالقرار. ثم يخرج المسؤولون يدعون الشباب الى التمسك بوطنهم وعدم الهجرة. ويدعون المنتشرين للعودة والاستثمار في مسقطهم. لكنهم لا يفصحون لهم ان الاستثمارات مشروطة أيضاً بنسب مئوية وسمسرات وأنواع من الابتزاز توفيراً للحماية.
التعيينات المقبلة، وان كانت موضع خلاف مستحكم، خصوصاً لدى المسيحيين، لن تكون أفضل من سابقاتها، ولو في عهد الرئيس القوي الذي ينادي بالاصلاح واعتماد العمل المؤسسي.