Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر April 22, 2017
A A A
ما يريده باسيل لنفسه لا يريده لغيره
الكاتب: ياسر الحريري - الديار

القوانين الانتخابية التي يطرحها وزير الخارجية جبران باسيل تحت عنوان استعادة حقوق المسيحيين، هي في واقعها شعارات سياسية بحسب مصادر متابعة، لكن في الوقت ذاته، ادت الى تجييش من نوع آخر، فقد شدّت العصب الطائفي، بل وصلت الامور الى الاعتراض الوطني، اذ ان ردات الفعل كما يصفها نواب من كتل مختلفة، جاءت وطنية، كون  باسيل بالغ جداً في التوصيف الطائفي والمذهبي، مع جملة الافكار والقوانين وصيغ القوانين الانتخابية التي طرحها. كما يضيف احد اعضاء لجنة قانون الانتخابات (وهي اللجنة التي انكبت على مدى اشهر على دراسة الافكار ولم تصل الى نتائج).

ففي صيغته ما قبل الاخيرة، تقول المصادر ان وزير الخارجية طرح ان ينتخب الشيعي الشيعي والسني السني والدرزي الدرزي، فيما ابقى على المسيحيين كتلة ناخبة واحدة، مع العلم، انه كما عمد الى تقسيم الصوت المسلم، كان عليه تجزئة الصوت المسيحي،اي ان يقترع الماروني للماروني والارثوذكسي للارثوذكسي، والعلوي للعلوي، والسريان للسريان والارمني للارمني، وهذا لم يحدث.

اما في الصيغة الاخيرة اعتمد النسب المئوية للشرائح الطائفية في المحافظات او في الدوائر الانتخابية، فالطائفة التي تتمثل على سبيل المثال، بسنبة 65 بالمئة في اي دائرة تنتخب نوابها على اساس النظام الاكثري ومقاعد الطوائف الاقل تذهب للانتخاب على اساس النسبي، وبهذا المعنى يريد الوزير جبران باسيل في صيغته ان يقول ان المسيحيين بهذه الصيغة ينتخبون ما يقارب خمسين الى اثنين وخمسين نائباً باصواتهم.

لكن في المقابل، تشير المصادر الى ان ما يريده وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر لنفسه، لا يريده لغيره، على سبيل المثال لا الحصر: الطائفة الدرزية لها ثلاثة نواب لا يتمثلون باصوات الدروز، اي نسبة 27 الى 28 بالمئة من عدد نواب الدروز في مجلس النواب لا يتمثلون باصوات درزية في بيروت والمتن والبقاع الغربي، وكذلك الامر بالنسبة للطائفة الشيعية، هناك نواب شيعة لا يتمثلون في المجلس النيابي الا بتحالفات والا لا يمكن للناخبين الشيعة، الاقتراع لهم، او تأمين فوزهم وان اقترعو لهم، ( مقعدان في بعبدا- مقعدان في بيروت، مقعد في جبيل ومقعد في زحلة ومقعد في البقاع الغربي) اي سبعة مقاعد من اصل 28 مقعداً ما يعتبر نسبة مئوية تصل الى حدود الـ 27 بالمئة من عدد نواب الطائفة الشيعية، وكذلك الامر بالنسبة للمقاعد السنية في الاقليم وحاصبيا والبقاع الغربي، وبعلبك الهرمل ولا ننسى المقعدين العلويين في الشمال، مما يعني وفق الدراسة الدقيقة لافكار رئيس التيار الوطني الحر، ان في لبنان التمثيل النيابي طائفي في الشكل والانتخاب وطني في الجوهر، فيصبح الشكل والجوهر واحد لا اثنين.

هذا مع العلم وفق الملاحظات الواضحة ان الدستور اللبناني لا يتحدث عن انتخاب طائفي، بل عن ان المقاعد تتوزع مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وتوّزع نسبيا على المناطق. اي لا مجال للاقتراع الطائفي، الذي هو في حقيقته خلاف الدستور، بل ان المشاركة الوطنية بين الطوائف اللبنانية، لا تنقض الميثاقية، وهي بعكس ما يجري الحديث عنه حول استرداد الحقوق والميثاقية، بدليل انه قبل وبعد اتفاق الطائف لم تكن هذه الامور مطروحة انتخابياً للبحث، ولطالما كان الانتخاب وطنياً بعكس التمثيل الطائفي على مستوى المقاعد وتوزيعها على الطوائف مناصفة ونسبياً على المناطق.

بناء على الملاحظات وما تقدم فإن النفس المذهبي الذي سارت اليه الامور، هي في الحقيقة افتعال سياسي برأي المصادر، ولاهداف سياسية وليست لاسترداد حقوق المسيحيين، والا تكون العدالة في الاسترداد، متساوية بين الجميع، وهي الفيدرالية الانتخابية، التي تمهد لفيدرالية، بالمعنى السياسي، وهي المشروع المدمر للبنان ولصيغة العيش المشترك وللطائفية وللميثاقية ولكل ما اسمه لبنان الرسالة، كما قال البابا، واشارت المصادر الى ان هذا النفس الحزبي، يخسرالتيار دائرته الوطنية التي انتمت اليه، اذ ما سيفعل ازاء هذا النفس السياسي، مع محازبيه من المسلمين ومن غير المسيحيين، وكيف يمكن ان يمارس دوره الوطني، الا اذا اخذ قراراً بأن تحول بكليته الى الشارع المسيحي، تاركاً محازبيه من الطوئف الاخرى.

مهما يكن من امر فان الصيغ المطروحة اليوم للنسبية ، هي محل بحث بين الرئيس نبيه بري وباقي الافرقاء، وهي خمس او ست صيغ قدمها حزب الله ، تتلخص نسبية مع دوائر متعددة بين خمس دوائر الى 13 دائرة وخمسة عشرة دائرة، تؤمن للمسيحيين ان ينتخبوا العدد الاكبر لنوابهم بما يزيد عن خمسين مقعداً لكن في مساواة بين الجميع ومن بين هذه الصيغ ، قانون وزير الداخلية السابق مروان شربل، الذي ما يزال احد الخيارات.