Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر June 3, 2021
A A A
ما هي الجوانب القانونية والاقتصادية لقرار مجلس الشورى الأخير؟
الكاتب: سعدى نعمه - موقع المرده
dfa90546-019d-4238-918d-ca02f1ff74d4 eb427273-f185-424c-9c4f-57c5392d72f5
<
>

انشغل اللبنانيون في الساعات الماضية بقرار مجلس شورى الدولة الذي ألزم المصارف وقف التسديد البدلي بالليرة على سعر 3900 للحساب المفتوح بالدولار، والتسديد لصاحب الحسابات بعملته الأجنبية وتصدّر هذا الموضوع الإهتمامات الإقتصادية والقانونية.
فما هي الجوانب القانونية والاقتصادية لهذا القرار؟ وماذا عن مفاعيله؟
في هذا الاطار، أكد الدكتور في القانون الدولي المحامي انطوان صفير في حديث خاص لموقع “المرده” أن القرار الصادر عن مجلس الشورى هو قرار اعدادي يقضي بوقف تنفيذ التعميم الاساسي وما يتفرّع عنه المتعلق بسحب الدولار من الحسابات الموجودة بالدولار في البنوك اللبنانية على أساس سعر 3900 ليرة لبنانية هذا الموضوع أوقف تنفيذه حتى صدور قرار نهائي عن مجلس شورى الدولة في هذا الشأن اما بابطال هذا التعميم ابطالاً تاماً وبالتالي اعتباره غير قانوني ولا يمكن تطبيقه بعد ذلك او اقرار بانه غير باطل وبالتالي لانه قانوني ويتناسب مع النصوص القانونية المرعية الاجراء”.
ورداً على سؤال حول ما اذا كنا قد عدنا إلى منطق الدفع بالـ fresh بهذا القرار قال صفير: “في الواقع لم نعد الى هذا المنطق، لأن البنوك لديها مشكلة كبيرة في السيولة، وبالتالي لا يمكنها ان تدفع وان قراراً من هذا النوع سيعيد الأمور الى ما كانت عليه قبل ذلك، اي اما ان يدفع بواسطة الشيك مسحوباً طبعاً على مصرف لبنان ولا يمكن تحويله الى الخارج أو ان يعطي الزبائن والعملاء وفق السعر المتداول في نشرة مصرف لبنان وهو 1507، فالموضوع هنا خطير اذا توقف عند هذا الحد ولم يُستكمل بقرارات قضائية أخرى من مراجع قضائية أخرى بهذا الشأن او لم يصدر قرار سياسي باصدار قانون الكابيتال كونترول”.
هل تعتقد أن هناك أملاً للمودعين بالحصول على مستحقاتهم بالعملة التي وضعوها فيها وكيف؟ يجيب صفير: “المودعون حتى اليوم هم الطرف الوحيد الذي يدفع الثمن، فلا مصرف لبنان ولا المصارف ولا الدولة دفعوا الثمن، وهم الفريق الأضعف بهذا الموضوع بالرغم من انهم هم الذين موّلوا من خلال مدخراتهم ومن مالهم الخاص وهذه تعتبر فضيحة الفضائح حتى الساعة لأنه على الاقل يجب ان توزع الخسائر بين الأفرقاء لا أن يتحملها المودعون بل ان يتحملها مصرف لبنان والمصارف والدولة، فالمودع جنى أمواله وهذا طبيعي في نظام ديمقراطي ليبرالي فيه اقتصاد حر وبالتالي على المال الذي وضعه في المصرف أن يستعيده عندما يريد أن يستعيده اما وفق العقد الموقع مع المصرف واما حتى ولم يكن هناك توقيت فهذا حق طبيعي مكرس في الدستور وفي القوانين المرعية الاجراء”.
من جهته قال الكاتب والخبير الاقتصادي أنطوان فرح: “لا شك أن مصير الودائع في المصارف يرتبط بمصير الوضع القائم بشكل عام ومنذ ان بدأت الأزمة في لبنان منذ حوالى السنة ونصف السنة ومنذ السنة وثلاثة أشهر عندما أعلنت الدولة اللبنانية عن التوقف عن الدفع، في تلك الفترة حيث كانت تُعتبر بحالة افلاس، ومع هذا كله لو بدأنا المسار التصحيحي في ذلك الوقت فالأكيد ان مصير الودائع كان بأمان الى حدٍّ ما، واعتقد انه لو حصل الـhaircut كان سيحدث على المودعين الكبار وبنسبة مقبولة جداً وكان يمكن أن نخرج من هذه الأزمة، أما الان فبتنا في مكان آخر، والأكيد اليوم أن من حق المودع ان يخاف على وديعته ومن المنطقي ان يخاف لأنه بالحقيقة أصبح هناك علامة استفهام على مصير الودائع ومن الصعب القول اننا يمكننا استرجاع الودائع من دون اقتطاع او haircut”.
وطرح فرح سؤالاً: “هل يمكن استرجاع جزء من الودائع وما هي الكمية واي ودائع يمكن أن تتأثر بالاقتطاع واذا أنفقنا الأموال المتبقية واستمرينا بالانتظار وبالمسار الانحداري فأعتقد ان السؤال يصبح من نوع آخر وهو هل سيتم اعادة اي من الودائع نعم او لا؟ فيصبح مصير الودائع كله بخطر لسبب بسيط لان مصير القطاع المالي والمصارف ومصرف لبنان يصبح بخطر، ومن يقول انه اذا استمر الوضع كما هو لا يضطر مصرف لبنان الى اللحاق بالدولة ويتوقف أيضاً عن الدفع مثل الدولة وعندما يتوقف مصرف لبنان عن الدفع يصبح وضع المصارف أصعب فتتوقف الأخيرة عن الدفع ويصبح هناك خطر على الافلاسات”.
ورأى فرح ان مصير الودائع دقيق جداً ومصير البلد دقيق جداً واذا لم نوقف المسار الانحداري وبدأنا بالمسار التصحيحي ووضعنا الخطة الانقاذية وتشكيل حكومة جديدة فاننا متجهون الى وضع سوداوي أسوأ بكثير من الوضع الحالي السيء الذي نعيشه ولبنانيون كُثر لا يصدقون اننا وصلنا اليه”.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان قرار مجلس شورى الدولة سلبي أم إيجابي بالنسبة للمودعين ولماذا؟، لفت فرح الى أن “اي قرار قضائي يتعلق بالوضع المالي والاقتصادي تقييمه يجب أن يتم على أساس السؤال التالي “هل هو يخدم أم يضرّ؟”، اذا وفق هذا المقياس ننظر الى قرار مجلس الشورى أقول انه بالتأكيد هذا القرار يضرّ ولا ينفع ويضرّ أولاً المودع فالأخير هو المتضرر الأول والبعض اعتبر ان مجلس الشورى انتصر للمودع ولكن العكس صحيح ولا يجب أن ننسى أمراً مهماً ألا وهو ان هذا التعميم الذي صدر وسمح بسحب من الودائع الدولارية بالليرة على سعر 3900 جاء ليصحّح لانه بالأساس كان السعر الرسمي ولا يزال 1500 ليرة للدولار وبالتالي اذا كان سيتم السحب بالليرة اللبنانية فكان سيتمّ على أساس الـ1500 ليرة فقط، والمودع يفضل أن يأخذ بالدولار ولكن بما انه لا يوجد دولار فهذا يعني انه كان مضطراً أن يأخذه على السعر الرسمي وخصوصاً المودع المحتاج الى سحب أمواله، واليوم جاء التعميم ليقوم بنوع من الانصاف النسبي او الجزئي للمودع اي مكان الـ1500 يكون على الـ3900 والذي اصبح حالياً بعيداً عن السعر الحقيقي بالسوق السوداء، ولكن عندما صدر كان الرقم أقرب فكان سعر الدولار 5000 أو 6000 وكان السحب يجري على الـ3900 وكانت بوقتها العملية عادلة أكثر”.
وقال: “طالما في التقييم القرار يضر المودع ولا ينفعه فأنا أعتقد اننا بغنى عن الدخول في هذه المتاهات وبرأيي الشخصي قرار مجلس الشورى هو خطأ ارتُكب وسيتم تصحيحه بأي طريقة وعلى كل مسؤول ان ينصف المودع أولاً وطالما هذا هو الهدف فسيجري تصحيح الوضع كي يستمر السماح للناس بسحب أموالهم وما يحتاجون له من أموال على الـ3900”.
هل صبّت تعاميم مصرف لبنان منذ بداية الأزمة حتى اليوم في صالح المودعين ام في صالح أصحاب المصارف واين يكمن الخطأ؟ في هذا السياق قال فرح: “علينا الأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة فاذا كانت ظروف البلد طبيعية ولا يوجد أزمة أو غياب للسلطة السياسية وان الاجراءات والتعاميم لمصرف لبنان مؤخراً شابتها “ضعضعة” وفي كثير من الأحيان لم تصب الهدف وكي أكون منصفاً فان الظروف التي يعمل فيها مصرف لبنان وعمق الأزمة التي يمرّ بها البلد ويطرحونها على مصرف لبنان لاتخاذ الاجراءات التخفيفية فيها فضلاً عن حالة الغيبوبة والغياب المشبوه والمستهجن للسلطة السياسية فذلك يدفع مصرف لبنان الى اتخاذ قرارات لا تصيب الهدف ومن شأن هذه القرارات تخفيف الأزمة والمعاناة وتهدئة الأوضاع، وأحياناً عندما يتّخذ مصرف لبنان قراراً ما فانه يدرك انه قد لا يكون هو العلاج ولكنه لا يملك حلاً آخر لأن المسؤول عن العلاج يهمل البلد ولا يسأل عن أحد، من هنا يمكن القول اننا نكون غير منصفين اذا لم نأخذ بالاعتبار الضغوطات التي يعمل في اطارها مصرف لبنان والسلطة السياسية تتركه وحيداً ليكون المسؤول الأول والأخير وتحمله مسؤولية كل الأمور لأنها على يقين ان الأمور تتّجه نحو التدهور ويهمّها أن تجد جهة تحمل عنها هذه المسؤولية وهنا تكمن الكارثة والجريمة”.
وختم فرح بالقول: “في ظل الظروف الراهنة لا يستطيع مصرف لبنان أن يقوم بأكثر مما يقوم به والمطلوب من السلطة السياسية ان تتحمل مسؤوليتها، وأصبحت خارطة الطريق معروفة المتمثلة بتشكيل حكومة جديدة ووضع خطة انقاذ سريعة نلتزم بحذافيرها والتعاون مع صندوق النقد الدولي، وكل ما عدا ذلك تضييع للوقت وتسريع الاتجاه نحو جهنم و”انشالله ما منوصل لهونيك”!