Beirut weather ° C
تاريخ النشر September 2, 2021
A A A
ما نفع الحاكم إذا لا يعيش مع شعبه!
الكاتب: نون - اللواء

جحافل العائلات والشباب المتسابقة للهجرة وترك البلد، تُعيدنا بالذاكرة إلى زمن الحرب العالمية الأولى والمجاعة التي ضربت بلد الأرز، كما تذكرنا بهجرة سنوات حرب 13 نيسان، والتي بلغت ذروتها عام 1989، واحتدام حربي التحرير والالغاء، وهروب حوالي مليون لبناني من الوطن إلى بلاد الاغتراب.

الملفت في حركة الهجرة الحالية انها تشمل النخب من أصحاب الكفاءات والخبرات المميزة، سواء في الطب أو الهندسة أو التربية والتعليم، وغيرها من المهن الحرة التي تفوق لبنان بها على مرّ عقود من الزمن.

ولكن المحزن فعلاً هو هذا التدني الجارح في الرواتب التي يتقاضاها المهاجرون الجدد، والتي تصل أحياناً إلى نصف ما يعكس إنتهازية الجهات المستقدمة للبنانيين من جهة، ومستوى النظرة المتدنية الجديدة التي بات ينظر إليها الآخرون إلى اللبناني الذي فقد الدرجة المميزة لمستوى حياته المهنية والعائلية، وبات الموظف العادي في الدوائر الحكومية، وبعض مؤسسات القطاع الخاص، يتقاضي راتباً أقل مما كان يدفعه لخادمته في المنزل.

ورغم هذا الواقع المفجع، وما يلقاه اللبناني من معاملة غير انسانية هذه الأيام، فإن الظروف البائسة والتي تزداد بؤساً يوماً بعد يوم في البلد، هي التي تدفع والقبول بشظف العيش في ملاذاتهم المستجدة سعياً وراء استقرار افتقدوه، وبحثاً عن مستقبل آمن لأولادهم أضاعوه في وطنهم الأم.

مشاهد المأساة تكبر يوماً بعد يوم، وتحفر عميقاً في الوجدان والقلوب، ومع ذلك ما زال أهل الحكم يجلسون سعداء على كراسيهم، ويتحاربون من أجل مصالحهم، بدون أن يلتفتوا إلى معاناة هذا الشعب المقهور، ويعملوا على التخفيف من وطأة المصائب التي تتساقط على رؤوس العباد، بدون رحمة أو شفقة.

ما نفع الحاكم إذا لم يكن يعيش مع شعبه في السراء .. والضراء، وخاصة في الأيام العجاف!