Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر December 23, 2020
A A A
ما بين الرئاستين… فرص متقابلة ومتضاربة للمبادرات
الكاتب: ناصر قنديل - البناء

خلال شهر فاصل بين نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس المنتخب جو بايدن، تزدحم المواقف والتحليلات والإشارات نحو طبيعة المتغيّرات، وفيما يسود القلق من خطوات ومبادرات تصعيديّة تفرض أمراً واقعاً متفجراً يقطع الطريق على مناخات دبلوماسية تتصدّر روزنامة الرئيس بايدن، ويوضع في هذا السياق كمؤشر على المرحلة الحرجة قيام الموساد «الإسرائيلي» باغتيال شيخ الملف النووي الإيراني العالم محسن فخري زادة، ويصل البعض إلى الاعتقاد بفرضيّة وجود خطط لتصعيد أشد توتراً ربما تتخلله أعمال عسكرية وأمنية أشد خطورة تفتح الباب لتدحرج الأوضاع نحو فرضيات حرب.

في ظلال هذه الفرضيات، تتقدّم وقائع معاكسة تشير الى تعقيدات جدية تعترض طريق التصعيد، سواء أراده الرئيس ترامب وفريقه، وهذا ما يقوله المحضر المسرّب في الصحف الأميركية عن اجتماعات شهدها البيت الأبيض لتقييم الخيارات الرئاسية بعد الانتخابات، وما تشير إليه من قيود تحكم ترامب على مستوى الجنرالات الذين يمسكون بآلة الأمن والجيش، أو ما يمكن أن يذهب إليه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في ظل تجاذب حادّ داخل المؤسسة الحاكمة وتفسخها وصولاً لفرضيات الانتخابات المبكرة، والتحذيرات التي يطلقها العسكريون من مخاطر التورّط في مغامرات مدمّرة لحسابات ضيّقة تفرضها أزمة نتنياهو، ولا يستطيع الكيان تحمّل تبعاتها.

رغم كل محاولات التخفيف من طبيعة التحوّلات المقبلة بعد تسلّم بايدن مقاليد الرئاسة، وما بات واضحاً لجهة تراجع المخاطر التي تنتظر هذا التسلم يوماً بعد يوم، تؤكد المواقف الصادرة عن بايدن وفريقه أن كل الطلبات الأميركية المرتبطة بالعلاقة مع روسيا والصين وإيران كخصوم على مستوى السياسة الدولية، ستتم مقاربته من ضمن المؤسسة الدبلوماسية، التي تقوم وفقاً لنظرية بايدن الموثقة في مقالته الشهيرة في الربيع الماضي في مجلة الفورين افيرز، على ثلاث ركائز، الأولى إعادة تفعيل الاتفاقات القائمة، الثانية اعتبار الأمم المتحدة إطاراً مناسباً لخوض الصراع حول الخيارات بعد ترتيب التحالف الأميركي الأوروبي الذي تصدّع بفعل الخروج الأميركي من الاتفاقات، وخصوصاً الاتفاق النوويّ مع إيران، والثالثة هي إعادة تقديم النموذج الأميركيّ تحت سقف القانون الدولي والتركيز على استعادة السياسة الأميركيّة لمكانتها على الساحة الدوليّة بصورة تُخرجها من العزلة التي أوصلتها إليها سياسات ترامب، وهذا يعني عملياً ومن خلال ما كشفته مناقشات مجلس الأمن الدولي حول الاتفاق النووي مع إيران، أن أهم ما ستقوم به إدارة بايدن هو العودة للاتفاق النوويّ، وفتح التفاوض من داخل الاتفاق حول القضايا الخلافيّة مع إيران، سواء بصدد الملف الصاروخي أو القضايا الإقليمية، كما جاء في الإجماع الأوروبي الذي يظهر مستقبل الموقف الأميركي.

في هذا المناخ تبدو ثمّة فرص لمبادرات خلال الشهر الفاصل بين الرئاستين، ليست للتصعيد فقط، بل ربما تكون هي الأهم والتي تملك فرصاً أكبر، وهو ما تبدو روسيا مهتمة به عبر تشجيع إيران على التهدئة لملاقاة التغيير، وتشجيع تركيا على تسريع التموضع استباقاً للتغيير، وتشجيع أوروبا ممثلة بفرنسا لقيادة المبادرات. وفي هذا المناخ يمكن للبنانيين قراءة معنى نجاح اللواء عباس إبراهيم بـ «قطف» الاتفاق النفطي مع العراق من دون ممانعة أميركية تعطل مساره، ويمكن أن تتاح فرصة «قطف» أخرى تتاح أمام بكركي لتخطي المأزق الحكومي.