Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر June 23, 2017
A A A
ما بعد البيان ما قبل التبيين
الكاتب: رفيق خوري - الأخبار

لقاء بعبدا يعيد تذكيرنا بالمسافة الواسعة بين ما نحن فيه وما يجب ان نكون عليه ونفعله. واذا كان الاجتماع التشاوري الذي دعا اليه الرئيس ميشال عون رؤساء الاحزاب المشاركة في الحكومة موعدا لمرة واحدة، كما قيل، فان البيان الختامي يفتتح مرحلة جديدة في مسار طويل. ومن الصعب تصور المجتمعين يناقشون في العمق خلال جلسة واحدة مواضيع اساسية في الدستور تتطلب الاقرار والاستكمال والتطوير كي تدخل حيز التنفيذ، ومواضيع اقتصادية واصلاحية ملحة. صحيح ان العناوين الواردة في البيان مألوفة، في معظمها: من ايام الميثاق الوطني والبيان الوزاري لحكومة الاستقلال الأولى الى وثيقة الوفاق الوطني في الطائف والدستور مرورا بالمداولات حول طاولة الحوار الوطني، وصولا الى خطاب القسم للرئيس ميشال عون. لكن الصحيح ايضا ان السادة المدعوين لتسريع الحلول هم الذين كانوا ولا يزالون حاضرين في المشهد الذي طغت عليه الازمات وتفاقمت خلاله المشاكل.

ذلك ان كل عنوان يحتاج الى خطط وتفاصيل من النوع الذي اختلفنا عليه والنوع الذي فعلنا عكسه. واذا كان التوصل الى قانون انتخاب يتحدث الجميع عن الثغرات والنواقص والغرائب فيه قد احتاج الى ثماني سنوات، فما هو الوقت الذي يأخذه بناء الدولة وما يتطلبه من اصلاح في السياسة والمؤسسات والقضاء والاعلام والتربية؟ لا بل الى اي حد يمكن ان تنتقل التركيبة السياسية من ادارة المصالح الفئوية والشخصية الى خدمة المصلحة الوطنية عبر تحقيق نقاط سماها البيان مجموعة اهداف وطنية؟

ليس امرا قليل الدلالات ان يكون الجنرال الذي اعترض على الطائف ودفع ثمن الاعتراض مع مرجعيات وقيادات وافقت على الطائف هو رئيس الجمهورية الذي يعمل على استكمال تطبيق الطائف. كيف؟ ب تصور واضح ومحدد زمنيا لانتقال كامل نحو الدولة المدنية الشاملة، بما في ذلك كيفية التدرج من تثبيت التساوي والمناصفة بين عائلاتنا الروحية في حياتنا العامة، وصولا الى تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية. وهذا عمليا السير على الطريق الذي فتحه الطائف للوصول الى دولة المواطنة. لكن ما حدث ولا يزال هو العكس: السير في الطريق القديم الى النهاية في الطائفية بدل انهاء او تجاوز الطائفية. لا بل تكريس الفرز الكامل بين البلوكات الطائفية والمذهبية، وسط اندفاع المنطقة كلها في صراعات طائفية ومذهبية تحت عناوين جيوسياسية.

والسؤال هو: الى اي حد يمكن في ظروف لبنان وحسابات امراء الطوائف تطبيق هذا البرنامج الذي يسجل البداية العملية للعهد؟ وهل انتهى ارتباطنا بالتطورات الاقليمية، وان فاخرنا بما صنع في لبنان؟