Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر September 23, 2017
A A A
ما أحلى الرجوع إليه؟
الكاتب: الياس الديري - النهار

الشاعر الأرقُّ من النسمة نزار قباني يُسائل حلوته المغروسة في عينيه: “من أين يا غاليتي أبتدي، وكل ما فيك جميل”.

هذا التعبير يعكس بعضاً من السقوط في الحيرة والدهشة. أجدني اليوم في موقع معاكس، أُسائل حبيبتهم الغالية “الممغنطة” المُنتظرة على أحرِّ من الجمر… كونها العلامة الفارقة التي ترتكز عليها “النقلة التاريخيّة”، على صعيد الانتخابات النيابيَّة.

فالممغنطة، المُبتلاة بالتعقيدات المعروفة، تُعْتَبر سياسيّاً من أبرز وأحدث التعديلات والاصلاحات التي يحمل قانون النسبيَّة أوزارها، ويُواجه في الوقت ذاته عشّاق التمغنُط ورافضيه.

بناءً على أسئلة ملحّة وصلتني في اليومين الأخيرين، استفسرت عدداً من الخبراء والمتمرّسين عن الأسباب التي جعلت الممغنطة تغطُّ في نوم عميق طوال فترة مديدة، وجعلت المسؤولين المعنيّين المباشرين يغطُّون معها في النومة العميقة ذاتها. فماذا عن أبعاد هذه النومة؟ وهل هي عن سابق تصوّر وتصميم، أما أنها من صنع المصادفة والظروف؟

فكان جواب وزير سابق الترجيح أن الفرصة المرغوب فيها أُتيحت مصادفة. وما ساعدها في التمدُّد هو الهدوء الذي ساد الحكومة وأعمال مجلس الوزراء. إلّا أن “التعمُّد” ليس مستبعداً، ولا هو بمستغربً.

أمّا بالنسبة إلى الأسباب الحقيقيّة للتأخير والشوشرة معاً، فهي تقول لذوي الألباب إن إرادة “تمييع” الوقت أقوى من رغبات الساعين للإفادة منه. لقد خفَّت الحماسة لمصلحة “الممغنطة”، وخفَّ وهج الممغنطة بحدّ ذاتها، مثلما بدأ ظهور أخطاء في صميم قانون النسبيّة ليس من السهل تجاوزها، أو تجاهلها. لكن الرجوع إلى بطاقة الهويَّة وبطاقة الانتخاب العاديّة لا يختلف عن أغنية نجاة الصغيرة “ما أحلى الرجوع إليه”، وهي قصيدة أخرى لنزار قباني بعنوان “أيظنُّ”.

السؤال المطروح في الأوساط السياسيّة والصحافيّة والشعبيّة يوجب علامات استفهام في محلّها. مثلاً: لماذا أُبقيت الأخطاء والملاحظات والعقبات التي تعترض “الممغنطة” بعيدة عن التداول والمعالجة طوال هذه الفترة؟

قيل الكثير في صدد الممغنطة، وحولها، من دون إغفال المتمسِّكين بها كما طالبي ودِّها. وتكاثرت الأسئلة… حتى قيلَ أخيراً إن من المستحيل السير في تطبيقها في الانتخابات المقبلة.

إذاً، لا حظَّ للممغنطة في هذه الدورة؟ الأمل في معالجة الهنّات غير الهيّنات ضئيل جدّاً، على رغم التأكيدات التي ترفض كل هذا الكلام، وتُشدَّد على أن الممغنطة بصحّة جيّدة… ويا سائر بقدرة مولاك سيري فعين الله ترعاك. وثمّة عيون لا يغمض لها جفن، حرصاً على إزالة العراقيل من درب الممغنطة الغالية.

فمَنْ يدري، ومَنْ يستطيع أن يجزم بأي أمر يتعلَّق بالانتخابات المقبلة والقانون الجديد واحتمالات التمديد أو الاستعجال؟