Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر January 30, 2023
A A A
مانشيت “النهار”: “نسائم” التنقيب النفطي وسط أعاصير الداخل
الكاتب: النهار

بدت محطة توقيع اتفاقيتين امس لانضمام قطر الى كونسرتيوم التنقيب عن الغاز والنفط في المياه اللبنانية بمثابة خرق ناعم او نسائم ملطفة للمشهد اللبناني المتوهج بتداعيات العواصف السياسية والقضائية والمالية والاجتماعية التي رسمت في الأسبوع الماضي، وربما في الاتي من الأيام مع الأسبوع الطالع، معالم بالغة التوغل والانزلاق نحو متاهات اعمق واخطر من مراحل الانهيار. ولكن على أهمية المحطة النفطية الإيجابية التي تشكل واقعيا الخطوة العملية الثانية بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، فانها بدت منعزلة عن المناخات الداخلية وبعيدة عن التأثير في مجريات الازمات المتدافعة والمتداخلة بقوة مقلقة للغاية خصوصا في ظل التشاؤم المتعاظم حيال أي امكان حصول انفراج في أي من المسارات السياسية والمالية والقضائية، وظهور مؤشرات الى رزمة تعقيدات جديدة في الازمة الرئاسية عكسها الهجوم الحاد الذي شنه رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل على قائد الجيش العماد جوزف عون بما ينطوي على دلالات ليست عابرة في استشعار باسيل خطورة متأتية من مؤشرات ارتفاع اسهم قائد الجيش اقله خارجيا. واذا كان باسيل تعمد جمع الذرائع لاشهار “تهديد” بترشحه للرئاسة تحت وطأة التخويف من امكان تجاهل “المسيحيين” في انتخاب رئيس يرفضه، فان ثمة من لفت الى ان اقدام الزعيم الدرزي وليد جنبلاط على تأكيد طرحه اسم العماد عون من بين المرشحين الثلاثة صلاح حنين وجهاد ازعور والعماد جوزف عون، قد اعتبر بمثابة “استشعار عن بعد” مأثور عن جنبلاط التقاطه بعلاقاته الخارجية وهو الامر الذي قد يكون لعب دورا إضافيا في التسبب بقلق باسيل من تعاظم فرص عون، فيما هو منصرف الى مناهضة ترشيح سليمان فرنجية واستعصى عليه اقناع “حزب الله” بالتخلي عن دعم الأخير. كما ان تلويحه بترشيح نفسه ادرج في اطار رسالة الى “حزب الله” تحديدا بغية حشره واحراجه بعدما تأكد له في لقاء ميرنا الشالوحي ان الحزب ليس في وارد التراجع عن دعم فرنجية.

في أي حال الأسبوع الطالع، يبدو مثقلا بمحطات يفترض ان تشكل رسما بيانيا لاتجاهات المعالجات او المزيد من التوتير والتأزيم علما ان التقديرات تذهب في اتجاه التخوف من تدهور أوسع في السياقات القضائية والسياسية. وستكون هناك مجموعة محطات يفترض ان تحدد اتجاهات الازمة القضائية خصوصا التي تتصدر راهنا واجهة المشهد الداخلي المأزوم. هذه المحطات تتلخص في رصد ما اذا كان مجلس القضاء الأعلى سينعقد وعلى أي جدول اعمال وماذا سيكون عليه موقفه من صراع النائب العام التمييزي غسان عويدات والمحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار. والمحطة الثانية مالية – مصرفية تتمثل في ما يمكن ان يصدر من قرارات عن المجلس المركزي لمصرف لبنان اليوم بعد عاصفة الارتفاعات الجنونية في سعر الدولار وما تلاها من ارتفاعات موازية في أسعار المحروقات قبل ان تتراجع في نهاية الأسبوع الحالي. والمحطة الثالثة تتمثل في انطلاق موجة تحركات نقابية وعمالية واجتماعية بدءا من تحرك للاتحاد العمالي العام اليوم الاثنين وتحركات أخرى لاتحادات النقل ولهيئات تربوية. اما المحطة الرابعة فهي سياسية وتتصل باستحقاقين الأول يتعلق بما يمكن ان يسفر عنه اتجاه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء تخصص للملف التربوي وبنود أخرى علما ان المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة اعلن مساء السبت ان لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الخميس في انتظار استكمال الاستعدادات لبت الملف التربوي المتعلق بالتعليم الرسمي والجامعة اللبنانية واقراره في جلسة واحدة . والاستحقاق السياسي الثاني يتعلق برصد ما اذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري سيحدد موعدا للجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية ام سيمرر الخميس المقبل أيضا بلا موعد بعدما تفاقمت انتقادات جهات نيابية معارضة له وتصاعدت الحملات المعارضة الداعية الى عقد جلسات متعاقبة ومتواصلة ورفض عقد جلسات تشريعية قبل انتخاب رئيس الجمهورية.

 

 

الراعي يدعم بيطار

في غضون ذلك تفاعلت تداعيات العاصفة القضائية وكان ابرزها الموقف الحاسم للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بتاييده استمرار المحقق العدلي القاضي طارق بيطار في اكمال مهمته . وهو قال في عظته امس “الم يحن الوقت ليجتمع النواب ويختاروا الرئيس الافضل بالنسبة لحاجات البلاد؟ والرئيس الافضل هو الذي يعيد اللبنانيين الى لبنان ولا يغيب عن بالنا ان تحديات اقليمية ودولية تحاصر لبنان برئيسه وحكومته فالمنطقة على مفترق احداث خطيرة للغاية ويصعب التنبؤ بنتائجها وانعكاساتها”. واضاف: “اين العدالة التي هي اساس الملك والقضاة في حرب داخلية قضاة ضد قضاة، صلاحيات ضد صلاحيات، احقاد ضد احقاد، لم يعرف لبنان في تاريخه حربا قضائية اذلت مكانة القضاء وحوّلت المجموعات القضائية ألوية تتقاتل في ما بينها غير عابئة بحقوق المظلومين والشعب … نرجو ان يواصل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عمله لكشف الحقيقة وما يؤسفنا ان فقدان النصاب يطال ايضا اجتماعات الهيئات القضائية وهذا غير مقبول فللقضاء آليته وتراتبيته”، مؤكدا اننا “لن نسمح بأن تمر جريمة المرفأ من دون عقاب”.

 

اتفاق التنقيب

وسط هذه الأجواء انجر امس توقيع “الملحقين التعديليين لإتفاقيتي الإستكشاف والانتاج في الرقعتين 4 و9″، لمناسبة دخول شركة قطر للطاقة كشريكة مع “#توتال إنيرجيز” و”إيني” برعاية رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وحضوره، في السرايا الحكومية.ووقع كل من وزير الطاقة والمياه وليد فياض عن الجانب اللبناني ووزير الدولة لشؤون الطاقة القطري والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة سعد بن شريدة الكعبي عن الجانب القطري والمدير التنفيذي لمجموعة “توتال” باتريك بويانيه عن الشركة الفرنسية والمدير التنفيذي لمجموعة “إيني” كلاوديو ديسكالزي عن الشركة الايطالية، في حضور سفراء قطر وفرنسا وايطاليا.

وتأتي هذه الخطوة بعد دخول شركة قطر للطاقة شريكا في إئتلاف الشركات أصحاب الحقوق البترولية في الرقعتين 4 و9 في المياه البحرية اللبنانية كصاحب حق بترولي غير مشغل ينضم الى المشغل شركة “توتال انيرجيز” الفرنسية و”إيني” الايطالية.

وفي المناسبة توجه ميقاتي بالشكر مجددا من الادارة الاميركية “على الجهود التي بذلتها في سبيل انجاز اتفاق ترسيم الحدود اللبنانية الجنوبية وحيا الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين وفريق عمله “الذي قاد عملية التفاوض بدقة وحرفية وصبر للتوصل الى الاتفاق”، معربا “عن امله في أن تبلغ الامور خواتيمها بالمباشرة بالخطوات العملانية للتنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية” كما حيا المتابعة الدؤوبة للسفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا في هذا الاطار. بدوره غرّد المنسق الرئاسي الأميركي الخاص لشؤون الطاقة عبر حسابه أموس هوكشتاين على “تويتر”، قائلًا: “تهانينا لبنان على انضمام قطر للطاقة إلى ايني وتوتال اينيرجي، ونرحب بالاستثمارات الإضافية الجديدة في قطاع الطاقة في لبنان”، معتبرًا أنه “مثال آخر على التقدم المحرز في الاتفاقية البحري”.

وغردت السفيرة الفرنسية ان غريو معتبرة توقيع الاتفاقيتين بانه “يشكل مرحلة مهمة جديدة وان التزام مجموعة الشركات هو بمثابة فرصة بارزة للتطور والازدهار للبنان واللبنانيين ويجب ان يواكب باستقرار سياسي ومؤسساتي بالإضافة الى الإصلاحات الاقتصادية والمالية “.