Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر January 28, 2022
A A A
مانشيت “النهار”: لبنان “يرتجف”… والحكومة تلطّف الموازنة
الكاتب: النهار

 

نعمة العاصفة الثلجية الثالثة التي غمرت لبنان هذا الشتاء بكثافة كبيرة من شأنها تعويض الكثير من منسوب المياه الجوفية واستدراك أضرار التصحر المزمن، سرعان ما انقلبت مع قسوة العاصفة نقمة واسعة على معظم اللبنانيين. ذلك ان تداعيات الانهيار الاجتماعي برزت بكل معالمها الحادة في القرى والمرتفعات، كما في المدن الساحلية، مع الافتقار العارم إلى التدفئة ووسائل الوقاية من موجة صقيع قطبية نادرا ما عرفها لبنان منذ مدة طويلة تدنت معها الحرارة على الساحل والمرتفعات إلى نسب قياسية. وإذ لامس للمرة الأولى بساط البرد والثلج شاطئ حبيل وعمشيت ولو لفترة قصيرة فان تساقط الثلوج على علو 400 متر في بعض المناطق اخرج العاصفة من إطار الترحيب بالنعمة إلى التخوف من تداعياتها متى طالت والناس في افتقار إلى الكهرباء ومازوت التدفئة والغاز وحتى الحطب. جرى ويجري ذلك فيما وعود التغذية الكهربائية وزيادتها “ساعتين بعد شهرين” بفعل اتفاق الاستجرار الثلاثي اللبناني الأردني السوري مجرد وعود هوائية حتى الان، لان الجميع يدركون البون الشاسع بين الوعود والاتفاقات والتنفيذ العليل السقيم. وقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي أمس بالانتقادات النيابية والشعبية لوعد زيادة التيار ساعتين وأكثر بواقعة تباهي وزير الطاقة امام زميله السوري بصداقته مع السفيرة الأميركية لتمرير اتفاق الاستجرار الكهربائي ولو أصدر مكتب الوزير توضيحا لم ينف الكثير من سلوكيات وزارات هذا الزمن.

في المشهد السياسي تتجه الأنظار إلى الاستحقاق المتصل بتقديم لبنان ردّه على الورقة الكويتية غدا السبت عبر وزير الخارجية عبدالله بوحبيب بما يفترض معه ان يكون الرد اللبناني الرسمي قد انجز او قيد وضع اللمسات الأخيرة عليه بالتشاور بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي عبر وزير الخارجية.

جنبلاط

وبرزت أمس المواقف الجديدة التي عبر عنها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اذ وصف تنفيذ القرار 1559 بانه مستحيل. واكد في حديث إلى برنامج “صار الوقت” من محطة “ام تي في” أن اعتكاف أو انسحاب الرئيس سعد الحريري سيترك فراغا على الساحة السنية العربية، ورفض الاسترسال في شرح خلفيات هذه الخطوة. ونفى كل ما اشيع أمس عن اعتزامه العزوف عن العمل السياسي مؤكدا انه سيستمر مع تيمور والقوى الحليفة في الحد الأدنى من الاعتراض السلمي ونحن مجبرون على الاستمرار ولن نقفل باب المختارة. واعتبر جنبلاط ان العرب تخلوا عن لبنان بحجة التهجم الشخصي والسياسي لحزب الله عليهم ونحن ضحية هذا الصراع. وإذ أكد انه خسر حليفا أساسيا بخطوة الحريري قال نحن ملزمون بالاستمرار في المعارضة السلمية، وكشف “اننا اتفقنا في روسيا على بنود منها ان التخلي العربي عن لبنان يعطي نفوذا أكبر لإيران وهذا ما سمعته من بوغدانوف وقلته للافروف الذي وافقني الرأي”. وبدا لافتا ان جنبلاط نصح الإيرانيين كما الخليجيين بالخروج من اليمن. وسأل هل تحترم إيران الكيان اللبناني؟ ونسأل حزب الله إلى اين نذهب؟ من يمكنه ان يصل إلى السيد نصرالله فليفهمه خصوصية الوضع اللبناني. وفي الموضوع الانتخابي اكد انه سيعقد تحالفات موضوعية مع شخصيات مستقلة والقوات اللبنانية وأوضح انه ليس متشائما بإنتاج منظومة جديدة بعد ظروف الثورة الشعبية التي دعاها إلى ضرورة وضع برنامج على غرار برنامج الحركة الوطنية مؤكدا امكان تطوير النظام من خلال الطائف. ونصح الجميع الا يفكروا ان أحدا يمكنه ان يرث “تيار المستقبل” رافضا ان يملي شروطا على أي جهة.

مجلس الوزراء

في غضون ذلك اقترب مجلس الوزراء من انجاز درس مشروع الموازنة وإقراره وقد أدخل عليه تعديلات غير بسيطة وجوهرية في بعض البنود الذي كانت اثارت أصداء سلبية قبيل البدء بعقد جلسات مجلس الوزراء بما يعكس الاتجاه إلى تلطيف وتهذيب بعض الاتجاهات المالية والضريبية. ووافق المجلس أمس على البند 133 من الموازنة المتعلق بالدولار الجمركي مع بعض التعديلات والتفسيرات، المتعلقة بتحديد الحكومة بمرسوم كيفية استيفاء الرسوم الجمركية بالعملة اللبنانية وفق سعر صرف للدولار يصل إلى سعر الصرف على منصة صيرفة، ويرفع السعر تدريجيًا بحسب السلع. ولكن سعر صرف احتساب الرسم الجمركي لم يحدد في جلس الامس، بل رسا النقاش على تحمل الحكومة مجتمعة هذه المسؤولية على رغم ان هذا الامر يأتي من ضمن صلاحيات وزير المال الذي فضل ان يكون القرار بالإجماع، وتمت اعادة صياغة البند 133 من الموازنة مع الغاء تفويض وزير المال الذي علم انه سينجز دراسة حول هذا الموضوع لتقرير ما هو السعر الذي سيعتمد في استيفاء حقوق الدولة عن طريق الدولار الجمركي فيما يتم البحث حاليا في اعتماد معيار معين قد يكون سعر “صيرفة”. وتشير المعلومات إلى إمكان اعتماد سعر صرف وسطي في مرحلة اولى يتم رفعه تدريجيا للوصول إلى سعر منصة “صيرفة” بما يعني الارتفاع التدريجي في الأسعار. أما بالنسبة إلى سعر الصرف فلم يقرر مجلس الوزراء أي شيء نهائي بعد بل جرى النقاش في الموضوع على قاعدة ان لا مصلحة في الاستمرار في ابقاء تعددية أسعار صرف الدولار وقررت الحكومة ترك هذا الامر وألية تحديد سعر الصرف الجديد لوزير المال بحسب النص القانوني. وفي السياق ألغيت المادة 132 المتعلقة بتسديد المصارف للودائع الجديدة بالعملة الاجنبية التي تودع لديها اعتباراً من تاريخ نشر قانون الموازنة بالطريقة عينها ورفع الضمانة عليها، نظراً إلى أن مضمونها يجب أن يأتي ضمن قانون “الكابيتال كونترول” كما انها تناقض قانون الموازنة وتتجاوز قوانين اخرى وصلاحيات اخرى بما فيها اساسا صلاحيات مصرف لبنان بالإضافة إلى التمييز الذي تحدثه هذه المادة بين المودعين الجدد والقدامى.

وبعد الجلسة اشار وزير الاعلام بالوكالة وزير التربية عباس الحلبي إلى انه “جرى نقاش معمق حول وضع الادارة العامة وضمان استمرارية العمل فيها كما في سائر القطاعات، وجرى التداول بضرورة شرح اهداف الموازنة للمواطنين”. ولفت إلى انه تقرر ان يستأنف المجلس جلساته المفتوحة اليوم بقراءة التقرير المقدم من وزير المال حول مشروع الموازنة، كما سيصار إلى النقاش في المواد بغية اقرار الموازنة في جلسة اليوم. واعتبر ان “الضوضاء الإعلامية التي أحاطت بمشروع الموازنة تهدف إلى هز الثقة بالدولة، وما تقوم به وهذا لا يهدف إلا إلى تحقيق مصالح بعض الفئات الضيقة”. واوضح بأن “لا يمكننا تحديد سعر الصرف الجمركي ويجب أن يكون له معيار معين، ومن الممكن أن يكون معياراً “صيرفياً”، ونحن ندرس إمكانية تصحيح الرواتب في القطاع العام لكن ضمن الإمكانيات المتاحة في الخزينة”.

وفي حين انخفضت اسعار المحروقات، أثارت عملية بيع المازوت في السوق السوداء خلال موجة الصقيع، ردود فعل وزارية فقال وزير الطاقة والمياه وليد فياض من السرايا عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء “بالنسبة إلى موزّعي المازوت هناك سوق سوداء وجملة من التجاوزات، حيث يتم أخذ عمولات تفوق السعر المعتمَد وتصل إلى حدود 10 و15 في المئة، وهذا الامر يشكّل جريمة وعلى القضاء ملاحقة هذه الأطراف المهرِّبة”. بدوره أشار وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام إلى أن “شكاوى عديدة تردنا حول احتكار المازوت، ويجب الالتزام بأسعار وزارة الطاقة وسيتم ملاحقة أي مخالفة تستغل ظروف الناس الصعبة وتحديداً في المناطق الجبلية. ارحموا المحتاج”.